مشوار بحر عائلي… بنصف مليون ليرة
كتبت زينة عبود في “نداء الوطن”:
بعد طول “زربة” فرضتها جائحة كورونا، وحرمت اللبنانيين متعة ارتياد الشواطئ الصيف المنصرم، ها هم يستعدّون للهجوم على “البلاجات” و”التشلقح” تحت أشعة الشمس في الهواء الطلق، سواء كانوا من فئة الملقحين أو ممن هم على لوائح الإنتظار… ولكن أي موازنة يمكن رصدُها للتمتع بيوم على الـ”بلاج” وعلى سعر أي دولار؟
رنا، أم لولدين، أجرت سلسلة اتصالات بمسابح اعتادت ان تقصدها الصيف الماضي لتُفاجأ بأن تسعيرة “دخولية” في عطلة نهاية الأسبوع تراوحت هذا الموسم ما بين خمسة وسبعين ألفا ومئة ألف ليرة للشخص الواحد، ناهيك عن مصاريف الأكل والشرب الخاضعة لسعر صرف دولار السوق السوداء.
“إذا بدي روح أنا وولادي الاتنين وزوجي نقضي نهار على “البلاج” يلزمنا 500.000 ليرة” تقول رنا التي تشكو، مثل 99% من سكان لبنان، من الغلاء الجنوني الذي ينسحب على كل القطاعات.
أما ربيع وهو رب عائلة مؤلفة من خمسة أفراد، فارتأى أن يستأجر “شاليه” في أحد المجمّعات السياحية التي حدّدت التسعيرة على مدى ستة أشهر بثلاثة آلاف دولار “تُقرّش” باللبناني على دولار السوق السوداء “والدفع بالشيك ممنوع.. يا fresh money يا ما في”.
أمام هذا الواقع وفي عملية حسابية سريعة يتبيّن ان ميزانية مشوار البحر تفوق قدرة الأسر ذات الدخل المحدود، فماذا عن شواطئ “السان بلاش”؟
في جولة على شواطئ جبيل المجانية نلاحظ ان اعمال التنظيف جارية على مشارف انطلاق موسم الصيف، وهنا يتوقع رئيس بلدية جبيل وسام زعرور ان تشهد شواطئ المنطقة إقبالا كثيفا هذا الموسم نظراً الى غلاء المعيشة عموماً وعدم القدرة على تكبّد مصاريف و”دخوليات” المسابح والمنتجعات السياحية، لذلك فإن البلدية تعمل على ضبط الشاطئ من خلال تخصيصه للعائلات فقط، مع منع إدخال الكحول والأراكيل اليه، فيما توجد “كيوسكات” لشراء المأكولات تحت اشراف البلدية.
ولكن ماذا عن الاكتظاظ المتوقع على هذه الشواطئ؟
مادياً المسألة محلولة، إنما كورونا سيكون في المرصاد في خضمّ التجمعات المماثلة، تعتزم وزارة السياحة طرح موضوع الإرشادات الواجب اتخاذُها على طاولة أول اجتماع تعقده لجنة كورونا من أجل إصدار التوصية اللازمة في هذا الشأن للمؤسسات السياحية البحرية على مشارف افتتاح الموسم في خلال أسبوع، وفق ما أكد مستشار وزير السياحة مازن بو ضرغم، والإرشادات هي نفسها التي اعتُمدت في خلال الموسم الفائت وأبرزها التشدد في وضع الموظفين الكمامة، تعقيم وتنظيف فرشات وكراسي المسبح دورياً وعدم توزيع المناشف، مع تأمين المسافة الآمنة بين الزبائن، والعمل بنسبة 50% من القدرة الاستيعابية لكل مؤسسة، مع إقفال الدوش الداخلي والكابينات والخزائن بهدف منع الاكتظاظ العام.
بو ضرغم الذي أكد ان قطاع السياحة لا يحتمل إقفالا جديداً بعدما أطاح الإغلاق العام المتقطّع بالقطاع الصيف الماضي، توقع ان أن يكون الموسم جيداً هذا العام مع ازدياد نسبة الملقّحين تباعاً.
بذلك تكون وزارة السياحة قد قامت بواجبها الصحي في مواجهة جائحة كورونا، لكن ماذا هل من خطة لضبط أسعار الدخول الى المسابح والمنتجعات؟
يوضح مستشار وزير السياحة “أن ليس للوزارة أي سلطة على المؤسسات السياحية إنما دورُها يقف عند حدّ الإشراف على الأسعار وتصديقها لكنها تتمنى على كل هذه المؤسسات مراعاة الوضع الاقتصادي الاستثنائي في عملية تحديد الأسعار بما ينصف أصحاب المؤسسات والمواطنين على حدّ سواء”.
اقتصاد لبنان يقوم على النظام الحر الذي يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة، فهل نشهد على قيام دولار سياحي جديد يُضاف الى دولاري المصارف والسوق السوداء و”كل مسبح يفتح ع حسابو”؟
“دخولية الـ10$ سابقا ما رح تنحسب ع دولار 12000 أكيد بس كمان ما تساوي 15000 ليرة” يقول نقيب أصحاب المسابح جان بيروتي الذي يؤكد أن الأسعار قيد الدرس في كل المؤسسات البحرية كي ترسو على تسعيرة تراها منصفة لها كما للناس في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد.
بيروتي الذي يتوقع ان يشكل رواد المسابح 90 % من السياحة الداخلية هذا الموسم، يؤكد ان النقابة تتابع مع المؤسسات السياحية عملية تلقيح جميع الموظفين لديها للحفاظ على السلامة العامة في ظل استمرار الجائحة.
وللوقاية باقةُ تدابير مشددة أخذت كل المؤسسات العلم بها بحيث سيتمّ منع الاكتظاظ على المسابح كما في الشاليهات مع الحدّ من الدعوات للزوار الى الشاليهات اضافة الى الالتزام بوضع الكمامات في الممرات وداخل المنتجعات واحترام التباعد الاجتماعي إضافة الى التعقيم المستمر للكراسي مع إغلاق الدوش ورفع نسبة الكلور الى 3% في مياه المسابح لزيادة فعالية التعقيم على أن يتمّ الالتزام باستقبال 50% من القدرة الاستيعابية لكل مؤسسة.
وبهدف الرقابة والتأكد من الالتزام بالإرشادات كافة، كشف بيروتي عن “مراقب سري تُرسله النقابة لتفقد الأوضاع في البلاجات ويعود إلينا بتقرير الى النقابة التي تتصرّف بدورها بناء على التقرير”.