تسريبات غادة عون: جوهر الأزمة تصفية الحسابات وقلّة الفهم!
جاء في وكالة “أخبار اليوم”:
لم تستغرب مصادر مالية متابعة التسريبات التي لجأت إليها المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون عبر احدى الصحف الصادرة صباح اليوم.
وتؤكد المصادر في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن الجانب القانوني في كل ما تفعله القاضية عون ساقط بحكم حجم الانتهاكات الهائلة للقوانين ليس أقلّها التسريب للإعلام عن التحقيقات التي يُفترض أن تكون سريّة، وجميع اللبنانيين باتوا يدركون خطورة المخالفات والجرائم التي ترتكبها عون بالجرم المشهود أمام أعين الكاميرات، وخصوصاً أيضاً انها تستهدف بخلفية سياسية فقط الفريق المعارض لرئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي.
لكن المصادر المالية تشير إلى مشكلة “قلّة فهم” في تعاطي القاضية عون مع كل الملفات المالية وطريقة مقاربتها لما يحصل ولطريقة عمل المصارف وشركة مكتف وشركة Scap ولكل الوضع المالي في لبنان، إضافة إلى أن التسريبات بالطريقة التي تقوم بها عون تؤكد وجود عملية تصفية حسابات سياسية خطيرة ليس أكثر، لأن حتى ما يتم تسريبه، وبعيداً عن قانون السرية المصرفية وموجباته، إنما يهدف لإخفاء قسم كبير من الحقيقة بهدف توجيه اتهامات سياسية مغلّفة بأرقام مالية لا تمت إلى حقيقة الواقع بصلة.
وفي مثال على هذا النوع من التسريبات تشير المصادر إلى ما أوردته الصحيفة المذكورة كالآتي: “شركة Scap تعاونت إلى أقصى الحدود مع غادة عون وسلّمتها مستندات تفيد بأن الشركة نقلت إلى شركة مكتف أكثر من 9 مليارات دولار بين عامَي 2019 و2021. وتعود هذه الأموال إلى 5 مصارف، فيما الحصة الأكبر فيها هي لمصرف “سوسيتيه جنرال”.
وتسأل المصادر إذا كانت المعلومات صحيحة وثمة 5 مصارف، فلماذا تسمية “السوسييتيه جنرال” حصراً؟ ومن هي المصارف الأخرى؟ وما هي علاقة تسمية هذا المصرف في محاولة لتشوية سمعته وسمعة رئيس مجلس إدارته بما أكده السيد ميشال مكتف في مقابلة تلفزيونية الأربعاء بأن القاضية عون تسعى خلف مصرف واحد، وكان يعني أيضاً “السوسييتيه جنرال”؟ وهل تسعى غادة عون خلف الحقيقة و”الأموال المنهوبة” كما تسمّيها أم خلف أنطون صحناوي حصرا؟ لماذا إخفاء أسماء بقية المصارف إذاً؟
وتذهب المصادر المالية أبعد من ذلك إلى التأكيد أن ثمة مشكلة جوهرية في فهم القاضية غادة عون لعمل كل هذه المؤسسات المالية. ولذلك تشرح المصادر للقاضية عون ولكل من يريد أن يفهم أن شركة Scap تعمل كشركة أمن في نقل الأموال داخل لبنان من المصارف إلى شركة مكتف وبالعكس. وبالتالي فإن ما سرّبته عون عن أن شركة Scap نقلت 9 مليار دولار من المصارف إلى شركة مكتّف بين العامين 2019 و2021 هو نتيجة “قلّة فهم” لطبيعة العمل. فشركة Scap ليست اكتر من شركة أمن تنقل الأموال، وغادة عون سرّبت جزءًا واحداً من الأرقام وهو حجم المبالغ التي نقلتها Scap من المصارف إلى شركة مكتّف على طريقة “لا إله”، ولم تنشر أرقام المبالغ التي نقلتها Scap من شركة مكتّف إلى المصارف، وذلك للتأكيد أولاً على أن شركة مكتّف لم تشحن الـ9 مليارات إلى خارج لبنان. وكان يكفي لو أن غادة عون استمعت إلى شرح ميشال مكتف التفصيلي عن عمل شركته لأدركت أن كل اتهاماتها لا تتخطى الاستهداف السياسي ليس أكثر!
الجانب الثاني الذي لا تتقنه القاضية عون هو طبيعة عمل الاقتصاد اللبناني القائم على الاستيراد. وماذا يعني الاستيراد؟ يعني أن ثمة شركات كبرى مستوردة تشتري بضائع من الخارج وتحوّل الأموال إلى حسابات الشركات المصدّرة إليها من الخارج، وبالتالي من حساباتها في المصارف اللبنانية إلى المصارف المراسلة في الخارج. ولذلك إذا أرادت غادة عون أو سواها التدقيق في الحسابات ستجد في الأعوام الأخيرة أن حوالى 19 مليار دولار كانت تخرج سنوياً من لبنان بفعل الاستيراد في مقابل أقل من 5 مليارات كانت تأتي إلى لبنان نتيجة التصدير من لبنان وما بقي من السياحة وغيرها، وهذا ما يُسمّى “العجز في الميزان التجاري” أو “العجز في ميزان المدفوعات”، بحيث أن الخلل في هذا الميزان سنوياً في لبنان وصل في الأعوام الأخيرة حتى العام 2019 إلى ما يفوق الـ15 مليار دولار سنوياً كانت تخرج من لبنان وكانت تحوّلها المصارف في عمليات الاستيراد على اختلافها (محروقات وادوية ومنتجات غذائية وأدوات كهربائية والكترونية وملبوسات وأحذية الخ…).
وتؤكد المصادر أن حوالى 6.5 مليار دولار خرجت أيضاً في العام 2021 نتيجة استمرار سياسات الدعم، وهذه المبالغ خرجت من احتياطات مصرف لبنان عبر المصارف اللبنانية إلى الخارج للاستمرار في دعم استيراد المواد الأساسية مثل المحروقات والأدوية ومنتجات السلة الغذائية والمعدات الطبية للمستشفيات والطحين…).
وتشدد المصادر المالية على أن سبب ضياع قسم كبير من ودائع اللبنانيين مرتبط بإفلاس الدولة اللبنانية بسبب الفساد والصفقات والسمسرات في كل القطاعات بدءًا بالكهرباء، ما أدى بها إلى الامتناع عن سداد مستحقاتها من سندات اليوروبوندز والخروج من الأسواق المالية العالمية في ظل غياب أي رؤية أو خطة اقتصادية، وفي ظل امتناع المسؤولين عن القيام بأي إصلاحات جذرية وفي ظل استمرار عمليات التهريب.
وتختم المصادر المالية بأن الجانب التقني في المشكلة مع القاضية غادة عون أنها لا تفهم في الأمور المالية وكان يجب أن يتابع هذه القضايا قاض متخصص بالملفات المالية ليعرف الحقيقة فعلاً. ولكن تبيّن أن غادة عون تتجاوز الحقائق المالية بخلفيات سياسية ولا تمتنع حتى عن خرق القوانين التي يُفترض أنها تتقنها، وذلك فقط من اجل تحقيق الغايات السياسية لفريقها في عز انهيار الدولة في لبنان!