شنكر يواصل حملته على الصين من لبنان.. شرط أميركي لإعمار المرفأ
يسير مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق، ديفيد شنكر ومساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان على الخطى نفسها. المسؤولان البارزان السابقان اختارا لبنان لمواصلة حملتهما على الصين بعدما بدأت علناً عقب انتفاضة تشرين العام 2019.
وآنذاك، وفي تشرين الثاني تحديداً، حذّر السفير الأميركي السابق إلى لبنان خلال جلسة للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس من أنّ لبنان “بات مساحة للتنافس الاستراتيجي العالمي”، مؤكداً أنّه يجب على واشنطن ألاّ تسمح لإيران أو سوريا أو الصين أو روسيا باستغلال غياب بلاده عن بيروت. أمّا شنكر، ففي تصريحات عالية النبرة تناولت التعاون الصيني-اللبناني وتكنولوجيا الجيل الخامس ومبادرة “الحزام والطريق” وغيرها من الملفات، كمّل موقف فيلتمان العام الفائت، ما استدعى رداً صينياً على “الاتهامات الباطلة حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالصين بما في ذلك التعاون مع لبنان ودول الأخرى”.
حملة شنكر المعروف بمواقفه المتشددة على الصين مستمرة، فمع احتدام المنافسة الألمانية-الفرنسية لإعادة إعمار المرفأ، نشر شنكر مقالة حملت عنوان “العرضان الفرنسي والألماني لإعادة إعمار المرفأ: التداعيات السياسية”. وبموجب تحليله المنشور على موقع “معهد الشرق الأوسط لسياسات الشرق الأدنى” (موالي لإسرائيل)، يشدّد شنكر على ضرورة إلمام الولايات المتحدة الأميركية “بكل ما يجري” لضمان تنفيذ متطلبات الإصلاح والمراقبة الدولية، ومنع الصين من استغلال صعوبات لبنان على حدّ تعبيره.
ينطلق شنكر من العرض الألماني، إذ يشير إلى أنّ الديبلوماسيين الألمان ربطوا مبادرتهم بتشكيل حكومة جديدة وتطبيق الإصلاحات، قائلاً: “وعلى الرغم من أنّه يُستبعد أن يحفّز الإعلان الألماني النخبة السياسية التعيسة، يُحتمل أن يغضب فرنسا، الطامحة أيضاً إلى إعادة إعمار المرفأ”. وفي هذا السياق، يعلّق شنكر: “من المؤكّد أنّ باريس مهتمة بأن تحشد الشركات الفرنسية لتأمين عقود إعادة إعمار المرفأ- إلاّ أنّ هذه المسألة محصورة بتكبّد طرف آخر التكاليف”، مضيفاً: “لم تبعث الحكومة الفرنسية أي إشارة إلى نيتها تمويل المشروع”.
وهنا يوضح شنكر أنّ باريس قدمّت “مساعدات مالية محدودة للبنان”، على الرغم من مشاركتها الواسعة في المشهد السياسي اللبناني، ويقول: “فعلى سبيل المثال، قدمّت فرنسا للبنان 45 مليون دولار فقط كتمويل في مجال التنمية الثنائية و17 مليون دولار كمساعدة عسكرية في العام 2018 وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. في المقابل، قدمّت ألمانيا مساعدة ثنائية أكبر في تلك السنة، بلغت قيمتها 67 مليون دولار”. ويتابع شنكر: “عرضت ألمانيا تمويل المشروع- بقيمة تتراوح بين 2.36 و3.54 مليار دولار- عبر مصرف الاستثمار الأوروبي، ما ينطوي على مشاركة دول أوروبية أخرى بينها فرنسا”.
وبناء على هذه المعطيات، يتنقل شنكر إلى مهاجمة الصين، فيقول: “بغض النظر على الجهة التي ينتهي بها المطاف ممولةً للمشروع، الخبر السار هو أنّ باريس وبرلين أوضحتا أنّ المضي قدماً بالخطة و/أو دعم خطة إنقاذ أوسع نطاقاً بمليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي يستدعي إجراء لبنان إصلاحات جادة ولجم الفساد المستشري”.
كذلك، يذكّر شنكر بالدعوات الدولية إلى إجراء إصلاحات، لافتاً إلى أن البنك الدولي حدّد في كانون الأول الفائت الإصلاحات الواجب تنفيذها قبل إعادة إعمار المرفأ. في ما يتعلق بموقف واشنطن، يتحدّث شنكر عن “شرط لا غنى عنه”، وهو أن توافق بيروت مسبقاً على مراقبة المرفأ الجديد بشكل مستقل لضمان عدم تحوّله مجدداً إلى أحد أصول “حزب الله” وبالتالي استخدامه لتهريب المواد والعناصر العسكرية، على حدّ تعبيره.
ويضيف شنكر: “قد لا تصرّ باريس وبرلين على المراقبة (المستقلة) كشرط مسبق، ولكن قد يكون لواشنطن نفوذ أكبر نظراً إلى مساهماتها السنوية الأكبر”، لافتاً إلى أنّ بلاده قدمّت مساعدات إنمانية بقيمة 118 مليار دولار في العام 2018، إلى جانب مساعدات أمنية بقيمة 128 مليون دولار، كما تساهم بشكل كبير في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات في لبنان.
وفي حال شاركت فرنسا وألمانيا في إعادة إعمار المرفأ، يرجح شنكر أنّ تمنع خطوة مماثلة الصين- “شريكة “حزب الله” المفضلة” على حدّ وصفه- من توسيع شبكة موانئها العالمية المعروفة باستراتيجية “خيط اللؤلؤ”. وعلى الرغم من نفي الصين في وقت سابق ادعاءات شنكر حول ما يُسمى بـ”فخاخ الديون”، يعود المسؤول الأميركي السابق ويتطرّق إليها، فيقول: “من المؤكد أنّها (الصين) تنظر إلى لبنان باعتباره خياراً جذاباً (..)”، في تلميح إلى الإيقاع به في “فخاخ الديون”.
وفي ختام تحليله، يشدّد شنكر على ضرورة عمل واشنطن “عن كثب” مع الدول التي ستُعنى بإعمار المرفأ، وذلك بما يضمن تنسيق المشروع بشكل متعدد الأطراف والتزاماً لبنانياً بمبدأ الإصلاح قبل إعادة الإعمار.