حكومة بصلاحيات استثنائية.. ومرحلة التشكيل “أرحم”؟!
انتهى اللعب في الوقت الضائع بين الافرقاء المعنيين بتشكيل الحكومة وخرج الفرقاء السياسييون المعنييون بهزيمة مدوية وباتت مفاتيح القرار بيد القوى الخارجية التي على ما يبدو، انها باتجاه اجراء تغييرات في طريقة تعاطيها مع حلفائها في لبنان وربما اجراء تغيير جذري في تعاطيها مع الملف اللبناني ككل، لاسباب مختلفة ترتبط بنهاية المطاف بملف التفاوض الاميركي- الايراني .
لا شك انها كانت الفرصة الأخيرة للقوى السياسية في تسوية وضعهم الذي شهد اكبر هزة في ثورة 17 تشرين ، الا ان التعاطي من فوق سطح الدولة ودستورها بطريقة نافرة أفقد الدولة هيبتها وأطاح بمؤسساتها وأفلس قطاعاتها وجعل موانئها واصولها بما فيها النفط والغاز تحت رهن محتوم لا يعرف منتهاه.
القراءة الاولية للتطورات التي يشهدها الملف الحكومي تشي بحلحلة معينة فرضتها وستفرضها عوامل عدة منها السلوك الاميركي تجاه ملفات المنطقة – في طريقه نحو الملف النووي – وتحديدا تعاطيه في الملف السعودي – اليمني انطلاقا من شطب الحوثيين عن لائحة الارهاب وما تبع ذلك من استهداف حوثي للمملكة تجلى في استهداف مطار “أبها” وقاعدة الملك خالد في السعودية وتبع ذلك مبادرة السعودية لانهاء الازمة ودعوة للحوثيين للاستجابة .
التواصل مع الأسد.. هذا موقف السعودية!
اللواء إبراهيم: مؤمن بنهوض لبنان في خلال سنة واحدة بعد استعادة الثقة
اما في الملف الايرني ابدت المملكة استعدادها للمشاركة في التفاوض والحوار الحاصل مع طهران، اضف الى ذلك موقفها المتقدم في الملف السوري الذي اقرت فيه بشكل غير مباشر بدور للحكومة السورية مع المعارضة في استقرار سوريا بما يمهد بطريقة او بأخرى الى انحسار جبهة معارضة عودة سوريا الى الحضن العربي.
اما في الملف اللبناني فكان تصريح وزير خارجية المملكة واضحا لناحية عدم وقوف المملكة طرفا خلف اي فرد وانما خلف لبنان، سبق ذلك وترجم بزيارة السفير البخاري الى قصر بعبدا بالرغم من ان الدعوة لم تلب في المرتين الاولى والثانية. كل ذلك يظهر نفسا دبلوماسيا سعوديا جديدا بين اللين والحد تسعى من خلاله الرياض الى تغليب مصلحة المملكة وازدهارها واستقرارها “أولا” على اي مصلحة لها في دول المنطقة. الى ذلك يأتي الزخم الفرنسي على خط تشكيل الحكومة بعد ضوء اخضر اميركي وسعودي وحذر ايراني تحكمه الجزرة الاميركية بمثابة رافعة ليفكك اللالغام العالقة على خطوط التماس بين الاطراف اللبنانية .
على ذلك يبقى تعثر ولادة الحكومة “رحمة” الى جانب ما سينتظرها من مهمات صعبة وخطيرة قد تودي بمكوناتها وبكل السلطة الدائرة في فلكها وبوجودهم السياسي، في حال لم تفلح في وضع وتنفيذ برنامج عمل اصلاحي يلتقي وشروط المبادرة الفرنسة لناحية الاصلاحات وايضا يلتقي وشروط صندوق النقد الدولي التي تتطلب قرارات مصيرية تتوزع بين عناوين عدة تتمحور حول الكابيتال كونترول الى تحرير سعر صرف الليرة واعادة توازن ميزان المدفوعات وزيادة الضرائب والشفافية في ادارة المناقصات والعقود واعادة النظر في هيكلية القطاع العام وموظفيه وصرف الفائض منه وصولا الى ضبط الحدود ومنع التهريب وضبط الهدر في كل المؤسسات ومعالجة ملف الكهرباء وغيرها الكثير من الاصلاحات.
كل ذلك يضع الحكومة المقبلة امام صلاحيات استثنائية بشروط ولمدة محددة بحيث ستكون قراراتها تحت المجهر الدولي وعين العقوبات الدولية عليها ويبدو انها لن ترحم هذه المرة المشاركين فيها ومن خلفهم في حال تلمست اي ريح تعطيل او معارضة او عرقلة لبرنامحها والمهام الموكلة بها.