الحكومة تعمل على صيغة موحّدة لترشيد الدعم
كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
بعدما كشف مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال خضر طالب عن أن لا ترشيد للدعم من دون بطاقة تمويلية، وأن هناك عملاً يجرى للتوصّل إلى صيغة تُنجز بالتزامن بين إنجاز البطاقة والترشيد سيّما وأنّ هناك قراراً إستراتيجياً عند الرئيس حسان دياب في هذا المجال، بات السؤال عن السيناريو أو السيناريوات التي يمكن أن تُعتمد في هذا المجال، وما هو الوقت الممكن أو المتاح أمام هذا الخيار الذي بات لا مفرّ منه؟
وقبيل الحديث عن هذا السيناريو، لا بد من التذكير بالخيارات التي سبق وأعدّتها حكومة دياب حول ترشيد الدعم وأرسلتها إلى مجلس النواب الذي عاد وطالبها بصيغة موحّدة لكي يبدأ درسها. فبناء على تقديرات البنك الدولي وإنطلاقاً من معدّلات التضخّم في النصف الأول من العام 2020، بلغ معدّل الفقر الغذائي المدقع في لبنان 22% ومعدّل الفقر الكلي 45%، ما يعني أنّ قرابة 1.7 مليون شخص، أي 350 ألف أسرة، يعيشون تحت خطّ الفقر، ونحو 156 ألف أسرة، تحت خطّ الفقر الغذائي.
وقد ازداد الوضع سوءاً بسبب جائحة “كورونا” وتبعات إنفجار مرفأ بيروت وتداعيات الأزمة في سوريا، ما ساهم في زيادة إستنزاف ما تبقّى من إحتياط أجنبي لدى مصرف لبنان، بعدما كلّف في العام 2020 ما يقارب 6 مليارات دولار.
وبناء على ما تقدّم، أرسلت الحكومة أكثر من سيناريو لترشيد الدعم، يقوم الأول فيها على البطاقة التمويلية والتعويضات النقدية لنحو 600 ألف عائلة بمبلغ يقارب 165 دولاراً شهرياً، توازياً مع رفع الدعم عن المحروقات والقمح والسلع الأساسية وترشيده على الأدوية.
وتشبه الصيغة الثانية الإقتراح الأول، مع إعادة الدعم على القمح بنسبة 100% وعلى البنزين والغاز لمدة شهرين والمازوت جزئياً لمدة سنة، مع تحديد قيمة البطاقة التمويلية للعائلة الواحدة عند 140 دولاراً شهرياً، بغضّ النظر عن عدد أفراد العائلة.
وفي الصيغة الثالثة يُضاف الدعم على الغاز لمدّة سنة وبعض السلع الأساسية لمدة 3 أشهر بمعدّل 80 مليون دولار شهرياً، ما يخفّض قيمة البطاقة التمويلية إلى 108 دولارات شهرياً للعائلة، وهناك صيغة رابعة شبيهة بهذه الصيغ.
وبما أنّ الخلاف السياسي وتبادل كرة النار وتحمّل المسؤولية أبقت الأمر من دون نقاش جدّي، فقد تقدّم النائب فيصل كرامي منذ قرابة الشهر بإقتراح قانون معجّل مكرّر لإقرارالبطاقة التمويلية لتأمين مبلغ شهري سقفه 800 ألف ليرة لأكثر من 700 ألف عائلة لمدّة سنة، مع الإبقاء على سياسة الدعم للمواد الأساسية، وذلك كمخرج وإيجاد حل وسط. وبينما تُشير كلّ المعطيات إلى أنّ هذا الملفّ بات أكثر من ملحّ ويفرض نفسه، ويجرى البحث في الكواليس حول تسوية تقضي بالتزامن بين الترشيد والبطاقة، تستغرب مصادر النائب كرامي كيف أنّ هذا الإقتراح المهمّ لم يدرج على جدول أعمال أي من جلسات المجلس النيابي التي عقدت منذ تقديمه حتى الآن وهي 3 جلسات، وكذلك تستغرب عدم إدراجه على جدول جلسة اللجان النيابية المشتركة التي ستُعقد اليوم.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ صيغة التزامن التي يجرى العمل عليها هي توحيد ودمج السيناريوات الأربعة الأساسية التي كانت أعدّتها الحكومة والتي يجرى العمل عليها بشكل جدّي، ولا تحتاج إلى فترة طويلة لكي تُنجز.
وتقوم هذه الصيغة الموحدة، وفق مصادرالسراي الحكومي، على ربط قيمة البطاقة التمويلية بنسبة تخفيض الدعم، بمعنى أنّه إذا تمّ على سبيل المثال لا الحصر تخصيص مبلغ 50 ألف ليرة لبنانية شهرياً للشخص كبدل بنزين، يمكن عندها أن يتمّ تخفيض الدعم على البنزين بنسبة مئوية موازية لهذا المبلغ.
وإذ تؤكّد المصادر أن تمويل البطاقة مؤمّن بالليرة اللبنانية بعدما وصلت قيمة البنكنوت المطبوعة إلى 30 تريليون ليرة وهي تساوي ثلاثة أضعاف قيمة أو حاجة السوق، تشير إلى أنّ هذه الصيغة تحتاج إلى نحو شهرين أو شهرين ونصف الشهر بعد إقرارها من مجلس النواب.
وتؤكّد المصادر أنّ قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار إضافة إلى 50 ألف عائلة عبر وزارة الشؤون الإجتماعية، ومن خلال مؤسسات دولية مانحة، يغطي نحو 200 ألف عائلة، بينما نحن بحاجة لتغطية نحو 600 ألف عائلة إضافية من خلال البطاقة التمويلية، وبالتالي يصبح مجموع العائلات التي تغطى حوالى 750 ألفاً إلى 800 ألف عائلة وهي تشمل الغالبية العظمى إذا لم نقل كل العائلات التي باتت تحت خطّ الفقر والعوز.
تبقى الإشارة إلى أنّ هذا العمل يحتاج إلى نقاش وإقرار في مجلس النواب بعد إنجازه وإحالته من الحكومة، وهو أمر لا مفرّ منه من قبل هذه الحكومة أو حتى الحكومة العتيدة في حال تشكيلها.