اسرائيل وسوريا تنهشان لبنان نفطيًّا.. ولبنان الرسمي ينأى بنفسه!
فيما كانت الإنظار متّجهة نحو الناقورة، لإعادة استكمال المفاوضات غير المباشرة التي بدأها لبنان مع العدو الإسرائيلي بوساطة أميركية، لترسيم حدوده البحرية، والتي توقّفت عشية الإنتخابات الأميركية، تفاجأ اللبنانيون بقضم حقوق بلدهم النفطيّة من قبل الجانب السوري في تلزيمه البلوك رقم 1 لصالح شركة “كابيتل الروسية”، وهو البلوك السوري المتداخل مع البلوكين اللبنانيين 1 و2. بهذا التلزيم لحدود غير مرسّمة تكون سوريا قد وضعت يدها على جزءٍ من البلوكات اللبنانية، بمساحة بحريّة تقارب 750 كلم مربعًا ضمن المنطقة اللبنانية البحرية.
لبنان الرسمي لم يحرّك ساكنًا لغاية كتابة هذا المقال، ما عدا اشارة لوزير الخارجية الى انه ” يدرس كل المعطيات للبحث في ارسال مخاطبة جديدة للسلطات السورية لتذكيرها وابلاغ الشركة الروسية ايضاً اذا اقتضى الامر، بما سبق أن ابلغناه الى دمشق عن موقفنا الرافض أن يتمّ التنقيب في المياه التي نعتبرها تابعة للجمهورية اللبنانية، وعدم الاقتراب من هذه المنطقة المتنازع عليها، فنثبت بذلك موقف لبنان مجدّداً”.
سوريا رسّمت ثلاثة بلوكات، وهناك تداخل كبير مع لبنان، وفق ما أشار إليه الخبير النفطي ربيع ياغي في حديث لـ “لبنان 24″، ولكن المسؤولية تقع على المسؤولين اللبنانيين “الذين سمحوا بهذا التداخل، من خلال تراجعهم من النقطة 7 شمالًا بين لبنان وقبرص وسوريا إلى النقطة 6، وسمحوا بالتالي بهذا التمدّد للطرف السوري”.
يفنّد ياغي أساس مشكلة الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخاصة للدولة اللبنانية شمالاً جنوباً وغرباً، ويعيدها إلى سوء الإدارة في التعامل مع هذا الملف منذ العام 2006، عندما بدأت المفاوضات مع قبرص بغرض رسم الخط الوسطي الفاصل ما بين المنطقة الإقتصادية الخاصة القبرصية واللبنانية، وقد انتهت بهذا الخط، وباتفاقية لم تُبرم لغاية اليوم ما بين لبنان وقبرص، وبالتالي لا حدود مرسّمة أو معترف بها من قبل الطرف اللبناني ما بين لبنان وقبرص، وهذا الخط الوسطي لم يلحظ إلا التراجعات جنوباً من النقطة 23 إلى النقطة 1 وشمالاً من النقطة 7 إلى النقطة 6. أضاف ياغي “أهمل لبنان تحديد النقاط التي تضم لبنان قبرص واسرائيل جنوبًا وتضم لبنان قبرص وسوريا شمالًا.
مشكلة الحدود البحرية مع سوريا: الحل بتفاوص مباشر
سوريا تنتهك حدود لبنان البحرية
وهذه المماطلة بتوضيح النقطتين منذ العام 2007 افقدتنا ترسيم حدودنا بشكل واضح، وأدّت الى ما نراه اليوم من مشاكل وتداخل بين البلوكات شمالًا مع سوريا وجنوبًا مع شمال فلسطين المحتلّة”.
أصدر لبنان عام 2011 مرسوم تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، الذي لحظ إحداثيات النقاط الجغرافية للحدود البحرية والبرية، أُرسل المرسوم إلى الأمم المتحدة “ولكن من طرف واحد، علمًا أنّه لا يمكن ترسيم الحدود بين أي بلدين متجاورين أو ثلاثة من طرف واحد. وبنتيجة دراسة أعدّتها قيادة الجيش اللبناني صوّبت خلالها عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة، اتضح أنّ هناك مساحة إضافية تعود إلى لبنان، وبدل مساحة 865 كيلو متر مربعًا جنوباً تقضمها اسرائيل، تبيّن أنّ المساحة بحدود 2240 كيلو متر مربعًا، مما يفضي إلى تعديل الإحداثيات التي تناولها المرسوم”.
انطلاقًا من هنا وجّهت وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر كتابًا إلى رئيس مجلس الوزراء حسان دياب بتاريخ 24/3/2021 يتضمن اقتراحًا لتعديل المرسوم، بالتالي يوضح ياغي “سنكون أمام سيناريو إلغاء الترسيم الذي تمّ إرساله إلى الأمم المتحدة، واستبداله بتعديل جديد. هذه الخارطة رسّمتها سابقًا وزارة الدفاع، وأرسلتها إلى الأمم المتحدة، الوزارة أو دائرة الطوبوغراف فيها أعادت تعديلها أواخر عام 2019، ولغاية اليوم لم يتم إرسال التعديل الجديد إلى الأمم المتحدة. بالتالي نرى تخبّطًا في التعامل مع الملف النفطي بحرًا وبرًا، ونرى في الوقت نفسه انعدام الخبرة والإستهتار بملفات استراتيجية حسّاسة بحجم ترسيم الحدود، بحيث كان يجب أن تُبت عام 2006”.
بالخلاصة وفق ياغي “نحن في حالة من التخبط، لا حدود واضحة ونهائية للمنطقة الإقتصادية الخالصة العائدة للسيادة اللبنانية والبالغة مساحتها 22600 كيلو متر مربعًا. والحل بالإتفاق على موقف سياسي موحّد، من خلال إقرار تعديل مرسوم إحداثيات المنطقة الإقتصادية الخاصة اللبنانية، وإرساله إلى الأمم المتحدة، وعلى هذا الأساس يبدأ التفاوض مع كلّ من سوريا وقبرص. ويكون عندها الموقف اللبناني أوضح وأقوى مع العدو الاسرائيلي. ما عدا ذلك سياسات للهروب إلى الأمام، وعراضات إعلامية لن يستفيد منها لبنان لا حاضراً ولا مستقبلاً”.
اللافت أنّ جارتي لبنان، فلسطين المحتلّة وسوريا، سبقتا لبنان إلى التنقيب عن النفط والغاز واستخراجه، فيما أهل الحل والربط هنا يتقاتلون على وزير بالزائد أو بالناقص، هل من توصيف لحجم انعدام الحسّ بالمسؤولية ؟