“لا داعي للرد”.. ماذا قصد الحريري بتغريدته “المشفَّرة”؟
“وصلت الرسالة. لا داعي للردّ. نسأل الله الرأفة باللبنانيّين”. هي كلماتٌ معدودات وردت في تغريدة للرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري عبر حسابه في “تويتر”، من دون زيادة أو نقصان، تاركة المجال مفتوحًا للتأويلات والتفسيرات. فما الذي قصده “الشيخ سعد” بكلامه “المشفَّر” هذا؟ وعلى من يردّ، ولو بصورة مبطنة؟
جاء كلام الحريري تزامنًا مع جلسة لمجلس النواب، قال رئيس البرلمان فيها كلامًا عالي السقف، وحذّر من أنّ لبنان “يغرق”، تمامًا كسفينة “التايتانيك”، إذا لم تتألّف الحكومة، وردّ على مطالبة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب بـ”تفسير الدستور”، واصفًا كلامه بـ”التركيّ”، من دون إشارة للمبادرة التي قيل إنّه “فعّلها” في الأيام الأخيرة، بما يتيح ولادة الحكومة، بعد “كسر الجليد”، وتقريب وجهات النظر.
“وصلت الرسالة. لا داعي للردّ. نسأل الله الرأفة باللبنانيّين”. هي كلماتٌ معدودات وردت في تغريدة للرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري عبر حسابه في “تويتر”، من دون زيادة أو نقصان، تاركة المجال مفتوحًا للتأويلات والتفسيرات. فما الذي قصده “الشيخ سعد” بكلامه “المشفَّر” هذا؟ وعلى من يردّ، ولو بصورة مبطنة؟
جاء كلام الحريري تزامنًا مع جلسة لمجلس النواب، قال رئيس البرلمان فيها كلامًا عالي السقف، وحذّر من أنّ لبنان “يغرق”، تمامًا كسفينة “التايتانيك”، إذا لم تتألّف الحكومة، وردّ على مطالبة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب بـ”تفسير الدستور”، واصفًا كلامه بـ”التركيّ”، من دون إشارة للمبادرة التي قيل إنّه “فعّلها” في الأيام الأخيرة، بما يتيح ولادة الحكومة، بعد “كسر الجليد”، وتقريب وجهات النظر.
لكنّ الحريري لم يكن يردّ على بري، وإن تقاطع معه في “السلبيّة”، بل على رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أطلق، بحسب ما يقول متابعون، “رصاصة الرحمة” على جهود رئيس البرلمان وغيره من الوسطاء، بمقابلته المنشورة في صحيفة “الجمهورية”، التي لم تعكس من قريب أو من بعيد أجواء “التهدئة” المزعومة، أو بالحدّ الأدنى، “الهدنة” الممهّدة لـ”التسوية” التي يترقّبها الجميع، باعتبار أنّها آتية عاجلاً أم آجلاً…
“الرسالة وصلت”
تنقسم “تغريدة” الحريري “المشفّرة”، إن جاز التعبير، إلى قسمين. في الأول، يتحدّث عن “رسالة وصلت”، قاصدًا بها تحديدًا، وفق المتابعين، الكلام “غير الودّي” الذي صدر عن الرئيس عون في حديثه الصحافي، والذي صوّب فيه بشكلٍ عنيف على الرئيس المكلَّف، من دون اعتبار لأيّ وساطات أو مبادرات، بل بما لا يترك مجالاً للصلح، أو خطًا للرجعة، إن جاز التعبير.
يتوقف هؤلاء عند بعض ما ورد في تصريحات عون، كقوله إنّ الحريري بات “غريب الأطوار”، واعتباره أنّه “لا يحقّ له انتقاء الأسماء المسيحيّة”، فضلاً عن عودته إلى “جوهر” التسمية والمهمّة، ليعتبر تارةً أنّ تجارب الحريري في أكثر من مجال “غير مشجّعة”، وبالتالي لا يستطيع أن يأتمنه على مصير وطن، ويشدّد تارة أخرى، على أنّ “لا علاقة له بالاختصاص”، وبالتالي أنه “يفتقر إلى المعيار الذي يشترطه في الوزراء”.
أما النقطة الأهمّ، في كلام عون، وفق المتابعين، فتكمن في ما يرتبط بالعلاقة مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي يحرص رئيس الجمهورية على وصفه بـ”الفولاذي”، وبأنّه “تلميذه”، في مفارقةٍ مثيرةٍ للانتباه، مع تمرير “رسالة” أكثر من لافتة، بقوله إنّه “لو كنّا في وضع طبيعي”، لما كان ليقبل أن “يتجاهل” الحريري “رئيس أكبر كتلة نيابية ويرفض الجلوس معه”، واصفًا الأمر بأنّه “خفّة في التصرّف”.
“لا داعي للردّ”
“الرسالة وصلت”، قال الحريري، في إشارة إلى كلّ المواقف السالفة الذكر، ولا سيّما ما يرتبط منها بباسيل، وصولاً إلى الخلاصة التي يستنتجها رئيس الجمهورية عن أنّ الحريري هو من يسعى لـ”إحراجه فإخراجه” عن قواعد التشكيل السليمة، مع جزمه بأنّه “لن يرضخ” لمثل هذا الأمر، رغم أنّه “محروق” على تأليف الحكومة في أسرع وقت، وفق ما يقول.
لكنّ الحريري لا يكتفي بوصول الرسالة، بل يردف إلى تغريدته شقًا ثانيًا لا يقلّ أهمية، بعنوان “لا داعي للردّ”. في هذه العبارة، يقرأ المتابعون أكثر من “رسالة” أيضًا، أولها يوجّهها الرئيس المكلَّف إلى الوسطاء وسعاة الخير، وكأنّه يقول لهم “اللهم إنّي بلّغت”، بمعنى أنّه يلتزم “الصمت” ردًا على هجومٍ طاله بالمباشر من جانب رئيس الجمهورية، وبالتالي أنه يرفض “الانجرار” إلى مواجهة كلاميّة قد تضرّ أكثر بكثير ممّا تنفع.
إلا أنّ لعبارة “لا داعي للردّ” تفسيرات أخرى، إذ يعتبرها البعض أكثر وقعًا من أيّ ردّ، خصوصًا أنّ هناك من فسّرها على أنّها بمثابة “قطيعة” مع رئاسة الجمهورية، على اعتبار أنّ ما قيل قد قيل، وبالتالي فإنّ أيّ ردّ سيكون “مكرَّرًا” عن فصولٍ شهدها اللبنانيون، على مدى الأسابيع الماضية ولا ضرورة لتكرارها اليوم، علمًا أنّ هناك من يغمز أيضًا من قناة أنّ الحريري أراد القول إنّه عاد إلى “اعتكافه”، عملاً بمقولة “المكتوب يُقرَأ من عنوانه”.
قد يكون الشقّ الأخير من “تغريدة” الرئيس المكلّف، أكثر عباراته وقعًا ودلالات، ولو أنّه نال القسط الأقلّ من التحليل والتمحيص. فأن يتمنّى الحريري من الله الرأفة باللبنانيّين، دليلٌ على أنّ كلّ الوساطات والمبادرات اصطدمت بحائطٍ مسدود، وأنّ “الرهان” لم يعد لا على مبادرةٍ داخليّة أو خارجية هنا، ولا على حراكٍ إقليميّ أو دوليّ هناك، وإنما على “العناية الإلهية”، ولا شيء سواها، في بلدٍ يكاد ينهار بكلّ ما فيه!