خسائر لبنان بسبب أزمة قناة السويس
أزمة مفاجئة داهمت العالم، ألحقت الخسائر بدوله كافة ولا تزال حتى اللحظة تكبّد اقتصادات الدول قرابة 500 مليون دولار عن كل ساعة تأخير في معالجتها. حلّت الأزمة مع تعليق حركة الملاحة في قناة السويس، وهي إحدى أكثر خطوط الملاحة نشاطاً في العالم، جراء جنوح السفينة العملاقة “EVERGREEN” منذ يوم الثلاثاء الفائت.
السفينة العالقة في قناة السويس والبالغ طولها 400 متراً لم تقطع أحد خطوط التجارة العالمية على دول محدودة، بل على العالم أجمع، إذ يمر عبرها نحو 12 في المئة من إجمالي حجم التجارة العالمية، وليس لبنان بمنأى عن الأزمة. فهو وعلى الرغم من صغر حجم اقتصاده يستقبل بحكم موقعه على الشاطئ الغربي للبحر المتوسط، أقله سفينة واحدة يومياً عابرة من قناة السويس ذهاباً أو إياباً، من وإلى مرفأ بيروت، كما يستورد لبنان العديد من مواده الحيوية عبر قناة السويس، ومنها زيت الغاز المخصّص لتوليد الكهرباء والذي يتم استيراده من الكويت.
التجارة عبر لبنان
يتأثر لبنان كما باقي الدول، بتعليق الملاحة في قناة السويس، فلبنان يستورد من دول الخليج والصين عبر قناة السويس مباشرة، إضافة إلى حركة البواخر المستمرة عبر مرفأ بيروت من دول الخليج والشرق الأقصى وآسيا إلى أوروبا وأميركا وبالعكس. ويقول إيلي زخّور رئيس الغرفة الدولية للملاحة البحرية في بيروت في حديث إلى “المدن”، إن البواخر العابرة في قناة السويس إلى بيروت، قد يكون مقصدها أي بلد أوروبي أو أميركا، وهذه العمليات تدر على لبنان مكاسب مالية عبر المرفأ.
وهناك بواخر كبيرة كتلك التي علقت في قناة السويس تفرغ حولتها في كثير من الأحيان في أحد مرافئ المتوسط القريبة من قناة السويس، كمرفأ بورسعيد أو مرفأ الإسكنديرية، وتنقل بضائعها عبر بواخر صغيرة (تسمى البواخر المتدحرجة أو بواخر التغذية) إلى لبنان ومنه إلى تركيا أو أي بلد متوسطي آخر مقصود. ويوضح زخّور بأن 3 شركات هي CMA–CGM الفرنسية وشركة COSCO الصينية وشركة MSC السويسرية، تعمل على شحن البضائع ببواخرها مباشرة من الشرق الأقصى ودول آسيا إلى لبنان. أما باقي الشركات فتنزل حمولتها من كبرى البواخر في مرافئ قريبة قبل نقلها إلى شرق المتوسط.
عن الحل المؤقت
بعد إغلاق قناة السويس وصدور تقارير تتخوف من استمرار الوضع على ما هو عليه ربما لأسابيع، أصبحت شركات الشحن مضطرة لتمرير بواخرها من إفريقيا عبر مسار رأس الرجاء الصالح وتغيير المسار عن قناة السويس. وهذا الأمر يزيد من مدة الشحن أقله 10 أيام، كما يزيد من تكلفة الشحن، وتالياً من سعر البضائع. وهذا ما لمسناه فعلياً بسعر برميل النفط الذي ارتفع بفعل إغلاق قناة السويس مع ارتفاع تكلفة نقله عبر ناقلات النفط من الخليج إلى أوروبا وغيرها.
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار البضائع المستوردة في لبنان من دول الخليج وآسيا وخصوصاً من الصين، بفعل ارتفاع تكلفة شحنها وتأخرها. وهذا يزيد العبء المالي على المستهلك النهائي. أما لجهة الرسوم التي يحقّقها لبنان من حركة عبور البضائع عبر مرفأ بيروت، فإنها ستتأخر بطبيعة الحال، وفق زخّور، لكن سيُعاود تحصيلها لاحقاً مع وصول بواخر الشحن تباعاً.
تكلفة إغلاق القناة
أما عن تكلفة إغلاق قناة السويس على العالم، فمن الصعب تحديدها اليوم. وذلك يتعلّق بالمدة الزمنية التي ستبقى فيها حركة الملاحة في القناة معلّقة. وبحسب وكالة بلومبرغ الأميركية فإن إغلاق القناة سدّ الطريق أمام سلع نفطية وغير نفطية تقدر بنحو 10 مليارات دولار يومياً، كانت تمر عبر قناة السويس يومياً، كما ارتفعت تكلفة شحن الحاوية البالغة مساحتها 4.7 متراً، الآتية من الصين إلى أوروبا إلى نحو 8 آلاف دولار، أي ما يعادل 4 أضعاف التكلفة في العام الماضي، ما يعني بكل بساطة ارتفاعاً في أسعار السلع الموجودة في تلك الحاويات.
ومع احتمال استمرار تعليق حركة الملاحة لأسابيع في قناة السويس، تتجه شركات شحن عديدة إلى توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح، ما سيضيف، وفق بلومبرغ، نحو 9650 كيلومتراً إلى الرحلة، وتكاليف وقود تصل إلى 300 الف دولار إضافية، لكل رحلة قادمة من الشرق الأوسط إلى أوروبا.