اخبار بارزةلبنان

بانتظار الدولار… “شحادين يا بلدنا”

حركة بيانات واجتماعات دبلوماسية وغير دبلوماسية، فرضت نفسها على الساحة اللبنانية، بعد عراك بعبدا الأخير، الذي جالت نتائجه بين السفارات الاجنبية، لاسيما الفرنسية والسعودية منها، ناهيك عن الاجتماعات والبيانات المرفقة بصور وأخبار المنهجية، الظاهرة حديثا، شأنها شأن مجموعة من الممارسات السياسية، الخارجة عن البروتوكولات المعتمدة، والضاربة عرض الحائط الدستور بفقراته وبنوده.

وبالحديث عن المنهجية، لابد من التساؤل عن موقع الهم المعيشي في الاعمدة والمراحل التي تتضمنها ، اذ وعلى ما يبدو، تخلو كل التحركات والحركات المذكورة اعلاه، من تسليط الضوء على الهم المعيشي والواقع الاقتصادي للمواطن اللبناني.
فالهوة آخذة بالتوّسع بين اصحاب القرار، والشعب بشقيه المنتفض والصامت، فكلاهما باتا في دوامة واحدة متعبة ، ترخي ظلالها على اكثر من 95% من المواطنين.

والفقر يتزايد، تماما كما مظاهره المتنقلة بين السوبرماركات، واعداد السرقات المتزايدة، كما صفوف الباحثين عن الهجرة، الى اي اتجاه ممكن، فالمثل الشعبيّ تبدّل وأصبح، “ابحث عن الدولار ولو حتى في الصين”، لكن قد لا يصل هذا الدولار الا عن طريق البنك الدوليّ، اذ أقرّ المجلس النيابي، اتفاق قرض بين لبنان والبنك الدولي، يهدف الى دعم شبكة الامان الاجتماعي للاستجابة لجائحة “كوفيد-19” والازمة الاقتصادية.
وهنا الحديث عن دعم الاسرالاكثر فقرا في لبنان، هذا الدعم الذي قد تشوهه الانتماءات المذهبية والسياسية، والمحاصصة اللبنانية المعتادة، لكن بعيدا من هذه المخاوف وبعيدا من التدخل الدولي الذي قد تفرضه الاموال المستدانة حديثا، كيف يمكن توصيف الية عمل هذا القرض، وهل الفقر والعوز أمسى مصيرا محتما على اللبنانيين؟
بطء بآلية تنفيذ قرض البنك الدولي إلى لبنان.. والفقراء في خطر!
سرقة على عين “الدول المانحة”.. ماذا حصل لتعويضات ضحايا انفجار المرفأ؟

استدانة وتقشّف او سرقة ونشل

في هذا الاطار، يرى المستشار الاقليمي للامن الغذائي في الاسكوا الدكتور الياس الغضبان، ان “موضوع الفقر في لبنان ليس مستجدا او حديثا، اذ ان “الاسكوا”، نشرت مجموعة تقارير منذ اب 2020، سلطت الضوء فيها على ارتفاع نسب البطالة والفقر في لبنان، معتبرة ان نصف اللبنانيين سيجدون صعوبة في تأمين غذائهم.وهذا ما حدث فعلا، فاليوم، من هو القادر على شراء المواد الغذائية ومختلف الاحتياجات بالكمية والنوعية المطلوبتين؟”
ويضيف “ان الاسعار ارتفعت بصورة سريعة وبنسبة متقدمة تخطت ال200%، في المقابل استمرت الاجور على حالها، لا بل تم تقليصها للنصف او اكثر في حالات عدة. من هنا يمكن التأكيد ان فئات كثيرة من اللبنانيين تجد صعوبة كبيرة في شراء حاجياتها بشكل صحيّ، وهنا لا بد من الاشارة الى لجوء بعض العائلات الى الاستدانة، او التقشف، كما لجوء البعض الآخر الى السرقة والنشل وهذا مايمكن ملاحظته عبر الجرائم المتزايدة في العديد من المدن والقرى اللبنانية”.

3 دولاراميركي لكل 5 لبنانيين

كما يرى “انه لا يمكن التكهن كيف ستبدو الازمة الاقتصادية اللبنانية في المدى المنظور وغير المنظور، لكن وان استمرت الاوضاع على ما هي عليه، فسنكون امام صعوبة ملحوظة وكبيرة في قدرة اللبنانيين على تأمين قوتهم اليومي،
وهنا لا نتحدث عن مجاعة، فظروف المجاعة مرتبطة بعناصر امنية، اجتماعية وسياسية، قد لا تتوافق مع ما يحصل في لبنان، لكننا حتما نتحدث عن سلوك جديد على صعيد الغذاء بدت ملامحه تظهر، وعلى الارجح سيكون غير عادل بحق الاسر اللبنانية المحدودة الدخل، إذ ان الدخل اليومي للفرد، امسى ما دون ال 3.2 دولار اميركي، اي ما يقارب ال 100 دولار شهريا، واذا اعتبرنا ان مجموعة كبيرة من الاسر المؤلفة من 5 او 6 اشخاص، تحظى بمعيل واحد، فهنا تظهر امامنا الكارثة المتمثلة بان لكل 5 اشخاص في لبنان ما يقارب ال 3 دولار يوميا، وهذه المعادلة تبشر بلا استقرار معيشي، الذي من المتوقع ان يتنتج عنه مشاكل امنية متنقلة ومتعددة.

قرض البنك الدولي ليس اعاشة

و في اطار قرض البنك الدولي للأسر الاكثر فقرا، يؤكد غضبان، ان “هذا القرض وجد حتى يتمكن المستفدون منه من تأمين مختلف احتياجاتهم، والعيش ضمن استقرار مادي واقتصادي، عبر اخراجهم من دائرة الفقر الشديد، وجعلهم من اصحاب القدرة الشرائية الطبيعية، فتنزع عنهم صفة العوز، اي ان هذا القرض لا يمكن التعامل معه “كاعاشة”،
وحقيقة الحال، ان تحويل اموال هذا القرض من الدولار الى الليرة اللبنانية، قبل تسليمها للعائلات الاكثر فقرا، حاجة ضرورية، حتى لا نرفع من نسب التضخم في السوق. فاذا استلمت العائلات الاموال بالدولار الاميركي، ستقوم بتحويلها مباشرة الى الليرة اللبنانية، ما سيرفع بوتيرة سريعة وكبيرة الكتلة النقدية اللبنانية،
كما انه لا يمكن تحديد سعر الصرف الذي ستستلم على اساسه العائلات اموالها، اذ ان السعر الذي حدده المجلس النيابي، المتمثل ب 6 و500 ليرة مقابل الدولار الواحد، سيكون ظالما امام الارتفاع الجنوني وغير المضبوط في السوق الموازية، مما سيجعل هذه العائلات تخسر 40% من القدرة الشرائية المتوقع الوصول اليها من خلال هذا القرض.

كيلو البطاطا ب 4500 ليرة… اين الدعم؟

وحول موضوع الدعم وترشيده، يؤكد غضبان انه ” لا بد بداية من تحديد الفئة التي يجب ان تستفيد من الدعم على اختلاف انواعه. فالمواد المدعومة يتم وضعها على الرفوف، دون اي تنظيم او ترشيد من قبل الدولة، لا بل انها تتوافر في السوبرماركات الكبيرة، التي عادة يعتبر زبونها من اصحاب القدرة الشرائية الجيدة، وان وصلت الى المحال الصغيرة فهي تباع بسعر مغاير لسعر الدعم، هذا فضلا عن عدم توافرها في الاطراف، حيث تتمركز غالبية العائلات المحتاجة الى المواد المدعومة. من هنا، لا بد للدولة من ان تنظر بجدية الى سياسة الدعمة القائمة، والعمل على تعديلها وتطويرها، ما يضمن استفادة الفقراء من الدعم باساليبه المتعددة. فعلى سبيل المثال، تقوم الدولة بدعم زراعة البطاطا،
والمحصول العكاري من البطاطا اللبنانية اصبح متوفرا في الاسواق، بسعر 4 و500 ليرة لبنانية للكيلو الواحد، فهل هذا السعر يناسب العائلات الفقيرة؟ وهل هذه هي النتيجة التي نرجوها من الدعم؟”

ان العائلات اللبنانية تصرف من مدخراتها، التي وان وجدت تخضع لعملية الاقتتطاع غيرالمعلن وغير المنظم، التي تنتهجها الدولة اللبنانية،
كما ان المتوجبات التي يدفعها اللبناني، كاقساط المدارس وفاتورة الاستشفاء، يتم تحديدها على سعر صرف 3و900 ليرة وما فوق، فالى متى سيتمكن اللبناني من الصمود؟ وهل سيواصل صموده الى حين ظهور تسوية سياسية معينة، ام ان التفلت الامني سيتوسط الصمود والتسوية؟

lebanon24.

مقالات ذات صلة