البنزين إلى 60 و70 ألفاً… والخضار “حبّة من كل صنف”
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
حرب شعواء تشنّ على المواطن، تتكاتف السلطة والازمات ضدّه، أمنه الغذائي في خطر، أمنه الصحّي مهدّد، أمنه الإجتماعي على شفير الإنفجار، وبعد؟
تبدو النبطية ومنطقتها أشبه بمدينة حرب، محال تجارية أقفلت أبوابها، دكاكين صغيرة ومتوسطة فضّلت الإقفال على البيع بخسارة، وكذلك سوبرماركات ومحال خضار، كل ذلك بسبب الدولار الذي جنّ في لحظة واحدة، قفز فوق المتوقّع، أدخل الجميع بحالة هستيرية وصدمة، فيما المواطن يندب حظّه، وجد نفسه في قلب المعركة، هو الضحية والجلاد معاً.
أما أزمة البنزين فما زالت تراوح مكانها، وطوابير السيارات “على مدّ العين” في الطرقات، بحثاً عن بضعة ليترات من البنزين الذي يوزّع بالقطارة، و”إنت وحظك” إذا حصلت على ما يعادل 10 آلاف ليرة. فالأزمة مرجّحة للتفاقم ريثما يسحب الدعم نهائياً لتحلّق تنكة البنزين نحو الـ 60 والـ 70 ألفاً وربّما أكثر. لن تنتهي في القريب العاجل وِفق ما أشار أحد اصحاب المحطات، لافتاً الى أنّه تلقّى بنزين من الجيش اللبناني وليس من الشركات، وسيتسلم غداً كمية اضافية، في حين لم تتسلّم محطات اخرى البنزين من الجيش وبقيت خراطيمها معلقة بانتظار الفرج الذي لن يأتي، بحسب المواطنين العالقين في طوابير المحطات.
هو الذل بعينه يعيشه المواطن الذي تحوّلت يومياته كتلة ازمات لا تنتهي. فبين ازمة بنزين وازمة سكر مدعوم، وازمة خضار وسلع تموينية ستضاف الى اللائحة أزمة دواء، إذ من المتوقّع ان تشهد الصيدليات اليوم اضراباً تحذيرياً إعتراضاً على ما آلت اليه احوالها، فالكلفة التشغيلية للصيدلية باتت أعلى بمرتين وثلاث من الربح، وهو ما اوقع الصيدلي في عجز، ناهيك عن فقدان العديد من الادوية نتيجة لعبة الدولار وغياب “الفريش دولار من السوق”، وفِق ما أكّد احد الصيادلة لـ”نداء الوطن”، مشيراً الى أنّ ازمة الدواء باتت على قاب قوسين او ادنى، وهو ما يهدّد الامن الصحّي للمواطن الذي قد يتفاجأ ايضاً بارتفاع سعر العديد من الأدوية، وهذا ما سيضعه امام منعطف آخر.
البنزين بـ “القطّارة”
يبدو أنّ موجة الأزمات اللاهبة لن تتوقف على الدواء، فالخضار والفاكهة مهدّدة أيضاً، محلات الخضار في منطقة النبطية اقفلت بمعظمها، ومن شرّع ابوابه للعمل رفع اسعار الخضار والفاكهة بشكل مخيف، بحيث سجل كيس البطاطا الذي كان قبل يومين بـ30 ألفاً، 45 ألف ليرة، فيما ارتفع سعر كيلو البندورة ليلامس الـ 5000، أما الليمون فحلّق وأصبحت معظم الفاكهة حكراً على الأغنياء كما قال أحد بائعي الخضار، مشيراً الى أنّ الحسبة أقفلت والتجّار يتحكّمون بالأسعار، وبات من الصعب تأمين الخضار الأساسية التي ارتفعت بدورها.
حركة الشراء داخل محال الخضار تراجعت وبالكاد تجد من يشتري، فالكلّ يخشى لسعة الاسعار. تصرخ سيّدة في وجه البائع: “أفّ شو بدنا ناكل يعني”؟ ترمي بكيس البطاطا وتمضي في طريقها. بحسب قولها “انتهت حياة الفقير، والله يجيرنا من بكرا”، تؤكّد انه “بات من الصعب شراء حبة خضار اذا لم يتم ضبط الاسعار، والشراء سيكون بالحبّة”. وهذا ما يؤكده أبو علي بائع الخضار، موضحاً انه “بات من الصعب عليه شراء الخضار، غير أنّه بقي يعمل لتأمين حاجة الناس، والمواطن بات يسأل عن حبّة البندورة والخيار وغيرها، وهناك من يأخذ حبّة من كل صنف، وربما غداً لن يقدر”، متسائلاً عن “سرّ صمت المسؤولين ازاء تدهور احوال الناس”، ومشيراً الى أنّ قلّة من زملائه بقيت تعمل بعدما قلّصت كمية الخضار لديها واكتفت بالضروريات.
إزاء تفاقم الازمة أي مصير ينتظر المواطن الذي بقي في موقع المتفرّج على انهياره أكثر، ولم يخط خطواته نحو الانفجار بوجه سلاطين الفساد، باستثناء عدة اشخاص قاموا بقطع الطريق احتجاجاً على الوضع المتردّي عند جسر حبوش وتقاطع حاروف الدوير، وما عدا ذلك “لا تندهي ما في حدا”، فالمواطن الذي يذلّ نفسه يومياً على ابواب السوبرماركت للحصول على كيس سكر لن يخرج من قمقمه على الاطلاق، الا اذا توقف المعسّل والانترنت والفحم حينها، يعلّق احدهم ساخراً، يشهد لبنان انتفاضة، وغير ذلك سيبقى الدولار يحلّق والمواطن يتفرّج.