لبنان

الدستور يحتّم الاستمرارية … الإعتكاف يُعاقب عليه قضائيًا

انطلق الاسبوع على وقع تحركات الشارع وتظاهراته، فبات الحديث المتداول هو غضب الشارع، والغاضبون والمحرّكون، والاطارات المشتعلة، لكن على الرغم من اهمية هذه الحركة، لا بد من العودة الى ما انتهى اليه الاسبوع الفائت، وبأكثر دقة الى ما خلص اليه المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب.

في زمن الكرّ والفرّ وشد الحبال، ورمي الكرة في ملعب الآخرين، تأخذنا الصورة الى مشهدية الذهاب والاياب ما بين الرئيسين الحريري ودياب.
الحريري يقدم استقالته، دياب يكلّف ويشكل، ومن ثم يقدم استقالته، ليكلّف الحريري على أمل ان يشكل.
بغض النظر عن هذه الصورة السوريالية، يقتنع البعض بأن حكومة دياب سترافق العهد حتى نهايته، حتى لو اعتبر هذا البعض، ان العهد انتهى اساسا عند اكثر من محطة مفصلية ابرزها، انفجار المرفأ، هذا الانفجار، الذي فجّر الحكومة، او رفع ايادي الداعمين عنها، هو نفسه فجّر روح الاندفاعية في نفوس اعضائها الاختصاصيين، الذين توالت الاخبار عن تقديم استقالاتهم، لكنهم سرعان ما عادوا الى حركتهم التي تخلو من البركة، بعدما اصبحت حكومتهم في حكم المستقيلة،
وفي اطارالحديث عن هذه الحكومة وانتاجيتها، بعيدا عن الاسباب المتنوعة، يمكن وبكل بساطة استنتاج التخبط والضياع الواضحين في كل مستويات عملها ما قبل الاستقالة وما بعدها.

أما اليوم، فورقة جديدة تلوح في افق هذه الحكومة: اعتكاف لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة، فهل يمكن الحديث دستوريا عن اعتكاف رئيس حكومة مستقيل؟
في هذا الاطار، يؤكد استاذ القانون الدكتو رزق زغيب، ان” نظرية الاعتكاف لا بعد قانونيا لها في الدستوراللبناني. فرئيس الحكومة الذي له كل الحق في الاستقالة، لا يملك صلاحية الاعتكاف حتى وان كانت البلاد تعاني من تداعيات الوصول الى جهنم. والاعتكاف قانونا يعني، الامتناع عن القيام بالدور او الوظيفة والواجبات الموكلة لشخص معين، من هنا لم يأت الدستور اللبناني على ذكر الاعتكاف لاي من الرئاسات او الوزراء والنواب، ايمانا منه بأهمية استمرار الحكم”.
اما في حال أقدم الرئيس حسان دياب الذي لا يملك حصانة بل امتيازا، على الاعتكاف، حتى ولو كانت نواياه ايجابية، اي انه فعلها رغبة منه بتسريع تشيكل الحكومة ، يؤكد زغيب انه “بغض النظر عن اسباب هذه الخطوة، لا يمكن اعتبارها الا خرقا واضحا للدستور، اذ ان الاعتكاف يضع استمرارية مؤسسات الدولة، واستمرارية المرافق العامة كما الحياة الوطنية في خطر، وهذا ما يرفضه الدستور شكلا وتفصيلا”.
ويضيف زغيب “امام خطوة الاعتكاف، يمكن لمجلس النواب، اذ توافرت الارادة السياسية، ووفقا للمادة 70 ان يتهم رئيس الحكومة امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، باعتباره مخلا بواجباته الدستورية، عبر الامتناع عن التوقيع على المراسيم والقوانين، كما يمكن للقضاء العادي ان ينظر بالاعتكاف ،اذ ان امتناع رئيس الحكومة عن توقيع المراسيم والقوانين، يؤدي الى المساس بحقوق المواطنين، وهذا ما يمكن اعتباره جرما جزائيا.”

أما عمليا و حسب زغيب، فان “الاعتكاف، يحتّم على نائب رئيس الوزراء، ممارسة صلاحيات رئيس المجلس، مستندا الى قوة الدستورة الداعي الى الاستمرارية والى العرف، اذ ان النائب الراحل ميشال المر، قام بتوقيع عقوبات الاعدام عندما تمنع الرئيس سليم الحص، كما ان النائب البير مخبير اقدم على خطوة مماثلة في ظروف مختلفة”.
يذكر انه في التاريخ الحديث للبنان، أقدم 3 رؤساء حكومة على الاعتكاف:
1969: الرئيس رشيد كرامي اعتكف عن تشكيل حكومة جديدة، لكنه استمر في تصريف اعمال حكومته المستقيلة.
1975: الرئيس رشيد كرامي اعتكف مع بداية الحرب اللبنانية، ما اضطر الرئيس سليمان فرنجية لأن ينقل بعض الوزارات منه الى الرئيس شمعون الذي كان وزيرا للداخلية انذاك.
ايضا أقدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري على الاعتكاف اثر خلافات مع الرئيس الياس الهراوي.

Lebanon 24

مقالات ذات صلة