لبنان

عهد استثنائي… حراكان شعبيان خطيران

تنشغل الأوساط السياسية بكثير من القلق بعودة الحركة الاعتراضية إلى الشارع لا سيما وأن هذه الحركة لديها مبرراتها التي تضفي عليها شرعية وتفهما من قبل كثيرين رغم ما تثيره من إزعاجات لحركة تنقل المواطنين وإشاعة مناخات من الفوضى.

التزم معظم القوى السياسية الصمت حيال حراك الشارع الامر الذي يعكس عجزا عن مواجهته وانتقاده في ظل فشل الخيارات السياسية في تأليف الحكومة ومعالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، إذ لم يعد أمام هذا الحراك الا الصخب ورفع الصوت وقطع الطرقات وحرق الدواليب.

يبدو واضحا عجز القوى السياسية عن انتقاد هذا الشارع وعجز القوى الأمنية عن ضبطه ومواجهته الامر الذي يطرح سؤالا حول الوجهة التي سيسلكها هذا الحراك في ما لو طال أمد الفراغ الحكومي وهو الخيار الذي يبدو أنه الأكثر ترجيحا لغاية اللحظة؟ فماذا لو ازدادت أعداد الذين يتدفقون إلى الساحات؟
وماذا لو تطور الأمر إلى فوضى تستهدف المصارف بما فيها البنك المركزي وبعض المؤسسات العامة ومراكز التسوق ومستودعات الأغذية وبيوت السياسيين وبعض المقار الحزبية؟ وكيف سيكون عليه المشهد اللبناني ساعتئذ؟
انعكاسات خطاب “بكركي” على الشارع السني… دغدغة ولكن!
فريق الثامن من آذار يقرأ الاحداث: “المطلوب الخربطة”

ثمة غموض يخيم على مستقبل الأوضاع اللبنانية لكن ما يبدو غير غامض هو مسار الإهتراء السياسي الذي يزداد تفاقما يومآ بعد يوم، والاهتراء على مستوى حراك الشارع ايضا والذي من شأنه أن يتحول من لحظة اعتراض وتعبير صاخب عن الألم والفقر والعوز إلى فوضى العنف والسرقة، وانفلات الغرائز المذهبية والطائفية والعصبيات السياسية، فهذا المشهد السوداوي هو التطور الطبيعي لمسار الأحداث، وفي قبال ذلك ، وأمام عجز المعنيين ستبدو القوى السياسية مذعورة ومرتدة إلى حدود ضبط مناطقها، وعند ذلك سيكون لبنان أمام لامركزية أمنية، ستشكل نكسة حقيقية لحضور الدولة ووحدة المجتمع.

في ظل وضع كهذا مما لا شك فيه أن الجميع سيكون خاسرا لكن الأكثر خسارة هو العهد برئاسة الرئيس العماد ميشال عون وحلفاؤه وفي طليعتهم حزب الله، وبصورة عامة فريق الأكثرية الذي سيصاب بعطب يعطل فعالية أكثريته. فالرئيس عون والنائب جبران باسيل والتيار الوطني الحر الذين سعوا بدأب إلى امتلاك زمام المبادرة مجددا في الثلث الأخير من ولاية رئيس الجمهورية، سيكونون في وضعية مناقضة تماما تضيع معها كل الفرص لإعادة ترميم الشعبية المتداعية وإعادة تظهير قوة موقع الرئاسة وتمهيد الطريق أمام رئاسة باسيل. فهذا العهد سيبدو استثنائيا لناحية تعرضه لحراكين شعبيين خطيرين: حراك 17 تشرين 2019 وحراك 2021 الذي قد يتحول إلى ضربة قاضية يصعب تجنبها. وليس بعيدا فإن حزب الله لن يكون أفضل حال، فالتذمر من الأوضاع المعيشية والاجتماعية يعم الضاحية ويخيم على بيئة المقاومة، وهذا يعني أن الحزب لن يكون صاحب المبادرة في ضبط الشارع، وهناك من يظن أن ليس أمام الحزب إلا التجاوب مع هذه الأصوات لأن مناطقه لن ترحمه ولن يكون بمقدوره ان يناوئ الانتفاضة الجديدة ، لكي يستعيد بعضا من صورته التي خسرها في 17تشرين.

lebanon24.

مقالات ذات صلة