لبنان

“التيار” تعلم من اخطاء الماضي ويسعى للتلطي بجناح بكركي رغم الاختلاف

تستمر بكركي في مساعيها المتشعبة، المرتبطة اولا بتشكيل الحكومة اللبنانية بالتواصل والتكافل مع عدد كبير من الافرقاء اللبنانيين، والمرتبطة ثانيا بنظرتها الاستراتيجية لحل الازمة اللبنانية العميقة والتي تتصل بما سمته الحياد الايجابي.

الحيوية السياسية في الصرح، تلاقي ولأسباب سياسية، تأييدا وكبيراً من قبل “القوات اللبنانية” التي وصلت الى حد تنظيم ضمني للتظاهرة التي حصلت في بكركي دعما للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ولمساعيه ومواقفه السبت الماضي.

ووفق مصادر مطلعة فإن قراءة بعض الاطراف لتحرك السبت الشعبي اوصلت الى استنتاج انه اضرّ بالمسعى البطريركي لانه حوّله الى مسعى منحاز الى طرف دون آخر وهذا ما لا تريده البطريركية المارونية ابدا.

بعيدا عن التحركات الاعلامية والسياسية والشعبية والتي تلاقي تجاوباً واسعا في الاوساط المسيحية، يبدو ان “التيار الوطني الحر” قد تعلم من اخطاء الماضي وقرر عدم اللجوء الى الصدام مع بكركي.

وتعتبر مصادر متابعة ان اتصال الوزير جبران باسيل بالراعي قبل ايام من التحرك الشعبي، والذي سبق لقاء وفد التيار به، هو الجزء الظاهر من حراك “التيار ” السياسي الذي يهدف الى عدم اظهار نفسه في مواجهة بكركي.

وبحسب المصادر فإن “التيار “يعمل في عدة اتجاهات، اولها تحسين العلاقة مع البطريرك الراعي، عبر اللقاءات البعيدة عن الاعلام التي يوفد اليها شخصيات يمكن وصفها ب”يمينيي التيار” والتي يتخللها بحث نقاط الخلاف والهواجس من منطلقات مسيحية.

يرى التيار، وفق المصادر ذاتها، انه بمثل هذه الخطوات يستطيع احتواء “ثورة” بكركي السياسية او اقله تحييد نفسه عن اي هجوم قد يصدر عنها، لا بل اكثر من ذلك، يعمل التيار على جعل بكركي والغطاء الكنسي جناحا آخر يحميه ويحمي رئيس الجمهورية ميشال عون بالتوازي مع خطاب الصلاحيات والحقوق، علما ان الجناح الاول، اي “حزب الله” على تناقض جدي مع توجهات الصرح.

اوساط داخل التيار ترفض الحديث بهذا المنطق لانه يوحي “بالتذاكي والتحايل الاعلامي” على بكركي وعلى الرأي العام، في حين ان التيار يقول موقفه النابع عن قناعة.

وتشير الاوساط الى ان “التيار” بحاجة لمناقشة بكركي، وشخصية البطريرك الراعي تساعد على الحوار لانه لا ينطلق من احكام مسبقة، بل يجنح دائما نحو الحوار والتلاقي.

وتلفت المصادر الى ان “التيار” يتوافق مع بكركي على الكثير من المواقف، مثل بناء الدولة ومكافحة الفساد والموقف من النازحين واللاجئين، فلماذا المطلوب منا التركيز على الخلافات؟

وتسأل الاوساط، لماذا التركيز على موقف التيار بإعتباره احتواء، فهل موقف “حزب الله” مثلا مختلف؟ او صدامي اكثر؟ طبعا لا.

حتى في موضوع الحياد ترى الاوساط ان الانطلاق ان الخلاف مطلق غير صحيح، فهناك تلاقي مع بكركي على ان هناك عناصر يجب توافرها لنجاح مشروع الحياد (التوافق الداخلي، السياق القانوني، الموافقة من الدول المجاورة، الوضع الدولي) وهذا ما تحدث عنه رئيس التيار جبران باسيل علناً من امام الصرح البطريركي.

من الواضح ان “التيار”سيعمل بحذر مع خطابه السياسي لكي لا يظهر انه ضد توجهات الحياد بالمطلق، بالرغم من ملاحظاته عليها، الامر الذي سيجنبه هجمات من خصومه المسيحيين، وهذا ما ظهر في الايام الاخيرة بشكل جلي، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.

والاهم، ان التيار يحاول التعامل بليونة كبيرة من اجل التفريق بين حراك بكركي الاستراتيجي الذي يحاول مهادنته، وبين دور بكركي في وساطات تشكيل الحكومة الذي يصر “التيار” على التمسك بشروطه، وبالتوازي يظهر العونيون الجانب الاول اللين ويهمشون اعلامياً الجانب المرتبط بالحكومة.

وفي هذا الاطار تؤكد الاوساط العونية ان “التيار” ليس ضد مساعي بكركي الحكومية لكنها حتى الان ليست واضحة اذ لا يزال البطريرك يتحدث بالعموميات لهذا “نحن بحاجة للتحدث معه بها”.

في حال نجح التيار في ما يقوم به، فإنه سيقطع طريق الاستغلال السياسي على خصمه اللدود “القوات اللبنانية”، وسيحافظ على موقعه تجاه بكركي، وسيجعل التأثيرات السياسية للخلاف معها محدودة عليه…

مقالات ذات صلة