كفى “ولدنة”… قالب الجبنة بـ50000 ليرة!!!
منذ أن أصبح الوضع المعيشي في لبنان فوق طاقة الإحتمال بتّ أتحاشى الإتصال بالأهل والأصدقاء لسؤال الخاطر، وذلك لكثرة ما أسمعه منهم من أخبار تشيّب شعر الرأس. هل يُعقل أن يكون قالب الجبنة بخمسين الف ليرة، وهو لا يكفي ليوم واحد لعائلة من أربعة اشخاص، وأن طبخة “تورتليني” اصبحت تكّلف أكثر من مئة وخمسين ألف ليرة؟
أشياء لا تُصدّق. عن جدّ كيف يستطيع اللبناني “يللي على قدّ حالو” تأمين قوت عائلته في ظلّ هذا الغلاء الفاحش، وفي ظل جشع التجار، الذين لا يرحمون، وهم يستغّلون غياب الدولة ليمرحوا ويسرحوا على هواهم، من دون أن يحسبوا حسابًا لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع إذا جاع الشعب على الآخر. لا بدّ من أنه سيثور في النهاية، وستكون لثورته هذه مفاعيل خطيرة على كل من كان السبب في هذه الأزمة الخانقة التي يعيشها المواطنون، وعلى كل من إستفاد وحقّق أرباحًا غير مشروعة على ظهر الفقير المغلوب على أمره.
الثورة لا محال آتية، وهي ستفعل فعلها. لن ترحم أحدًا ممن لمن يكن لديهم ذرّة من الرحمة والشفقة على الشعب الغلبان. فمهما فعل الثوار الحقيقيون ومهما كانت ردات فعلهم تبقى مرحومة أمام ما يفعله كل يوم بعض السياسيين الغافلين عن مآسي المواطنين المنتمين إلى كل الطوائف وفي مختلف المناطق، بإستثناء من لا يزال يقبض بالدولار، وهم معروفو الإنتماء والهوية.
وفيما الشعب يشتهي العضة بالرغيف نرى بعضًا من هؤلاء السياسيين، الذين يعيشون على كوكب آخر، يطالبون بما لا يخطر على بال أحد، كالإصرار على حقوق فئة معينة من اللبنانيين، بعدما أصبح الجميع مسلوبي أبسط الحقوق، وهي العيش بكرامة وتأمين لقمة العيش من دون إذلال.
صحيح أن الذين إستحوا ماتوا، “وإن إبتليتم بالمعاصي فأستتروا”. فالحكومة، أي حكومة “المهمة” والمعوّل عليها كثيرًا في مجال تحقيق الإصلاحات المطلوبة دوليًا، متعثّرة وغير متوافرة لها ظروف النجاح، وهي لا تزال، كما يقول البعض، غير ناضجة لعوامل خارجية ولصراع الفيلة في المنطقة ولمن تكون الغلبة في النهاية، فيما البعض الآخر يرجعها إلى خلافات داخلية بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق جبران باسيل حول الثلث المعطّل وحول حقوق المسيحيين وحول تحديد هوية من يحكم هذا البلد، الذي لم يُترك منه شيء حرزان لتبرير”صراع الديكة” على مزبلة الجيران.
فماذا ينتظر هؤلاء الذين يسمّون أنفسهم مسؤولين حتى يفهموا أن المواطنين لم يعودوا يأبهون لما يقومون به، ولم يعودوا يثقون بما يقولون أو يفعلون، لأنهم أصبحوا مكّويّين بنار خلافاتهم، التي لم تؤدِ حتى الآن سوى إلى المزيد من المآسي والويلات النازلة على الرؤوس كالمطر؟
- نصيحة لهؤلاء السياسيين بأن يقصدوا السوبرماركات ويروا بأمّ العين كيف يقف المواطنون أمام رفوف السلع الإستهلاكية وكيف يتنقلون من رفّ إلى آخر لينتقوا السلعة المطلوبة بالسعر المقبول، فلا يجدون، وهم يقفون أمام جنون الأسعار بدهشة وألم وحسرة.
المطلوب منكم أن تحسّوا مع معاناة هذا الشعب، الذي تحمّل منكم ما لم يتحمّله أي شعب من شعوب العالم
Lebanon 24