لبنان

في ذكرى مار مارون: اين قنوبين؟

اعتدنا ان تحلّ ذكرى القديس مارون، لترخي ظلالها الايجابية على الحياة السياسية اللبنانية، لكن وعلى ما يبدو في هذا العام، لم تعد الشفاعة كافية لاحداث فرق ما في مستنقع تشكيل الحكومة اللبنانية.

فبعيدا عن المتداول، والعظات الصارخة من كل الأبرشيات، وبعيدا عن التاسع من شباط الفلكلوري بعطلته الرسمية، دعونا في زمن الحجر والوباء ننطلق برحلة نحو الوادي المقدس او وادي قنوبين.

الانفتاح و الأرض ملح البقاء

هذا الوادي الذي شهد على حياة الموارنة لأكثر من خمسمئة سنة، تستطيع صخوره ووعارته و صلابة تربته، كما انفتاحه على البحر والجبل في آن، أن تخبرنا عن الموارنة وخصائصهم، فهم الذين أخذوا من مارون الناسك قدوة لهم، يعرفون ان البقاء منوط بالانفتاح والتمسك بالأرض.

وهذه الأرض المقدسة يمكن ان تصل اليها وتستفيد من جمالها وصمتها، من مداخل عدة:

تعتبر بلدة “حوقا” جارة أساسية لقنوبين، فمنها ومن على درجها الذي يوصلك أولا الى المحبسة، حيث يختلي بالصمت والسماء الناسك الكولومبي “داريو اسكوبار”، من هناك وعلى مسافة لا تتخطى الستين دقيقة سيرا على الاقدام يمكنك ان تصل قنوبين.

أما اذا اخترت ان تدخل الوادي من بلدة بشري الشمالية، فهناك يستقبلك دير مار أليشاع، مهد الرهبانية المارونية اللبنانية، فتطلق العنان لنظرك حتى يتمتع بأبهى صورعن الجبال في تلاحمها وانفصالها.

و اذا كنت من محبي المغامرة والاكتشاف، فثلاث طرق امامك لتصل الوادي، الاول صعودا من دير قزحيا الشهير حيث الجلال الزراعية تبدأ و لاتنهي، والثاني فهو نزولا من بلدة حدشيت حيث المغاور تتنفس التاريخ وترسم المستقبل، اما الثالث فهو الطريق الذي عبدّه مثلث الرحمة البطريرك مارنصرالله بطرس صفير، وهو يمتد على مسافة فرضين صلاة من الديمان وصولا الى قنوبين.

موارنة اليوم لا يشبهون أجدادهم

ما ان تصل الى قنوبين يمكنك ان تعاين وتكتشف الكثير من قصص التاريخ،الايمان و البيئة بطبيعة الأحوال.

هنا سنقدم لك صورتين،لا بد لهما من ان تشكلا حافزا لزيارة الوادي ما ان تسمح الظروف الصحية، وحينها قد تكتشف بأم عينك ان بعض الموارنة اليوم لا يشبهون بشيئ ابائهم و اجدادهم مؤسسي لبنان الكبير.

الصورة الأولى تأخذنا الى معبد القديسة مارينا حيث و حسب الدكتو روني، المتخصص في التاريخ الكنسي، يدفن فيه 17 بطريركا من أصل 20 بطريركا كانوا قد اتخذوا من قنوبين مقرا لهم.

و من البطاركة الذين عاشوا في صلب الوادي نذكر البطريرك المكرم أسطفان الدويهي، الذي يعتبر أحد ابرز رجالات الكنيسة المارونية
أما الصورة الثانية فهي للغرفة المحادية لكنيسة العذراء في قنوبين،هناك يستريح جثمان البطريرك يوسف التيان، ليظهر الى كل زوار الوادي كاملا متكاملا و هو الذي وافته المنية في العشرين من شباط عام 1820.

هو الذي كان قد استقال من منصبه كبطريرك عام 1809

فبحسب المطران والمؤرخ يوسف بطرس الدبس “إن يوسف التيان كان يؤثر حياة النسك والزهد والانفراد على(الأعباء البطريركية).”

يذكر ان وادي قنوبين هو من أعمق وديان لبنان، يقع افي قضاء بشري في شمال لبنان ويبعد عن العاصمة بيروت 121 كلم ويرتفع عن سطح البحر 1500م. يجري في عمقه نهر قاديشا الذي ينبع من مغارة تقع عند أقدام أرز الرب.

.lebanon24

مقالات ذات صلة