119 صامدون”.. هل وُضِعت الانتخابات “على النار”
مع وفاة النائب ميشال المرّ بعد إصابته بفيروس كورونا، أصبح عدد النواب في البرلمان اللبناني 119 من أصل 128، علمًا أنّ ثمانية نواب كانوا قد أعلنوا استقالاتهم بعيْد انفجار مرفأ بيروت في آب الماضي، من دون أن تدعو السلطات لإجراء انتخابات فرعية لملء مناصبهم الشاغرة.
ومع أنّ الدستور اللبنانيّ يحتّم الدعوة إلى انتخاباتٍ فرعيّة خلال 60 يوماً عند شغور أي مقعد نيابي، وبمُعزَلٍ عن الأسباب والدوافع، فإنّ الظروف “القاهرة” في البلاد، إضافة إلى حالة التعبئة العامة المُعلَنة نتيجة تفشّي فيروس كورونا، والإجراءات اللاحقة به، أدّت إلى “تطيير” هذا الاستحقاق، وتمّ صرف النظر بالكامل عنه، حتى إشعارٍ آخر.
وبالفعل، صدر في أيلول الماضي، بعد التشاور بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، قرار بـ “التريّث” بإجراء الانتخابات الفرعية الى ما بعد 1/1/2021، وهو تاريخٌ قطع عليه الزمن، من دون أن يُرصَد أيّ إعلانٍ جديد حول الملف، باستثناء ما نُقِل اليوم عن دفعٍ من الرئاسة لإنجاز الاستحقاق الفرعيّ في حزيران.
انتخابات ضروريّة
يقول البعض إنّ الانتخابات الفرعيّة باتت اليوم ضرورة، ولم تعد خيارًا، خصوصًا أنّ الانتخابات المبكرة، التي توليها المعارضة الأولوية على حساب تلك الفرعيّة، تبدو بعيدة المنال، بل إنّ هناك من بدأ الترويج لسيناريو “التمديد” للبرلمان الحاليّ، وكأنّه واقع لا مفرّ منه، سيتمّ الوصول إليه عاجلاً أم آجلاً، وقبل انتهاء ولاية المجلس.
وإذا كان إجراء الانتخابات الفرعيّة أمرًا واجبًا على السلطة من الناحية القانونيّة، وهو ما يُجمِع عليه خبراء القانون والدستور، فإنّه يكتسب أهمية مضاعفة من الناحية السياسيّة، وفق ما يرى البعض، باعتبار أنّ استقالات النواب لم تؤدِّ غرضها، وبات مجلس النواب “مفتقدًا” للشرعية التمثيليّة، بغياب معظم أركان المعارضة عنه، بشكلٍ أو بآخر
ومن الناحية اللوجستيّة، تتعزّز أهمية إجراء الانتخابات، بعدما أصبح عدد نواب المتن في البرلمان الحاليّ مقتصرًا على خمسة من أصل ثمانية، إثر وفاة واحد هو ميشال المرّ واستقالة اثنين هما سامي الجميل والياس حنكش، ما يعني كذلك أنّ الانتخابات الفرعيّة في المتن ستتبع النظام النسبيّ لا الأكثري بموجب القانون، طالما أنّ المقاعد الشاغرة تتخطّى الاثنين.
ظروف قاهرة!
لكن، رغم كلّ ما سبق، لا يبدو أنّ احتمال إجراء الانتخابات الفرعيّة وُضِع فعلاً “على النار”، رغم التقارير عن رغبةٍ “رئاسيّة” بإجرائها في حزيران، كونها تصبّ في خدمة “السلطة” لا “المستقلّين”، علمًا أنّ هناك من يستبعد هذا الخيار حتى في حال إقدام المزيد من النواب على تقديم استقالاتهم، طالما أنّ السلطة تتعامل مع الاستقالات وكأنّها “صفحة وطويت”، رغم الدعوات المتكرّرة من قِبَل البعض، وخصوصًا “القوات اللبنانية”، لاستقالات “جماعية”.
ويشير العارفون إلى أنّ الحماسة لهذه الانتخابات غير موجودة أيضًا عند الأحزاب النافذة، ولا عند الشعب نفسه، ولا حتى عند قوى المعارضة، التي لا ترى في الانتخابات الفرعيّة أيّ حلّ للأزمات المتفاقمة، والتي تصرّ على أنّ انتخاباتٍ مبكرة للمجلس بكامله وحدها يمكن أن تكون “مفتاحًا” للحلّ، بعكس انتخاباتٍ فرعية قد لا تشكّل أكثر من “استفتاء” في أحسن الأحوال.
وإلى غياب الحماسة، تبقى الظروف “القاهرة” التي دفعت إلى “التريث” في إجراء الانتخابات الفرعيّة، تتحكّم بالمشهد، سواء لجهة تفشّي فيروس كورونا، والذي وصل بالبلاد إلى منحدراتٍ أخطر بكثير من تلك التي كانت قبل بداية العام الحاليّ، أو لجهة الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعية، التي تتفاقم أكثر مع كلّ يوم، وتكاد تصل بالبلاد والعباد إلى “جهنّم”.
قد لا يكون الوقت مؤاتيًا لإجراء انتخاباتٍ فرعيّة أو مبكرة، بالنظر إلى ما تقدّم من ظروفٍ مأسويّة، تجعل الشعب نفسه ينظر إلى أيّ بحثٍ في الانتخابات اليوم، وكأنّه “تطبيع” مع الواقع المتدهور. لكنّ مجرّد صرف السلطة النظر بالكامل عن هذه الانتخابات وتجاهلها، يبقى “نموذجًا” آخر عن “تجاوز” الدستور، الذي بات سمتها الأبرز…
Lebanon 24