التمديد المستحيل!
عند نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، أي بعد ما يقارب السنتين، يكون رئيس الجمهورية قد بلغ الثامنة والثمانين من عمره. أطال الله بعمره.
وإذا كانت مسألة التمديد للرئيس عون سنتين جدية، وفق ما طالب به النائب العوني ماريو عون، يكون فخامته قد بلغ التسعين، على رغم النفي الذي صدر عن الرئيس شخصيًا، الذي أكد أنه من غير الوارد السير بأي شيء يناقض الدستور. إلا أن هذا النفي لم يقنع جهات معينة، التي إعتبرت أنه من غير المستبعد أن يكون أحد ما في القصر الرئاسي قد أوحى للنائب عون برمي هذه “الفتيشة”، كبالون إختبار من أجل جس النبض.
وإذا تحققت رغبة النائب عون وتمّ التمديد، مع أن هذا الأمر هو من رابع المستحيلات، يكون الرئيس عون أكبر رئيس للجمهورية في العالم كله، وهو يحتل الآن المرتبة الخامسة.
لماذا نجزم بأن التمديد أمر مستحيل، أو إذا أردنا تلطيف العبارة نقول إنه صعب؟
أولًا، لأن النفوذ السوري الذي كان يفرض التمديد مرّة للرئيس الياس الهراوي، وثانية للرئيس أميل لحود، وبرفع الأيدي، لم يعد موجودًا. لقد اصبح من الماضي الأسود في تاريخ لبنان، وهو أمر لن يتكرر بعد “ثورة الأرز”، وإن لم يبق منها سوى الإسم والذكرى، بعدما إنفخت الدف وتفرق الأحبة كل إلى جهة، خصوصًا أن ما كان يجمعهم لم يعد موجودًا هو أيضًا.
ثانيًا، أن التمديد، أيًّا كان نوعه وأهدافه، يحتاج إلى تعديل دستوري، وهذا التعديل يحتاج إلى نصاب الثلثين في مجلس النواب، وهو أمر متعذّر في الظروف الحالية، وفي ضوء الخلافات السياسية العميقة بين أكثر من كتلة نيابية مع العهد، ومن بينها تيار “المستقبل”، كتلة “الجمهورية القوية”، كتلة “التنمية والتحرير”، كتلة “اللقاء الديمقراطي”، وعدد من النواب المستقلين، الذين يرفضون مبدأ التمديد بالمطلق، حتى ولو كان لمجلس النواب لتعذّر التوافق على قانون جديد للإنتخابات، الذي على أساسه ستتم إنتخابات ربيع العام 2022.
ولأن التمديد صعب أو مستحيل فإن ثمة “سيناريو” آخر يتمّ التداول به، وهو يقضي بعدم ترك الرئيس عون القصر الجمهوري قبل إتمام عملية إنتخاب خلف له.
ولأن الكلام عن صعوبة، بل إستحالة إجراء إنتخابات رئاسية في الوقت المحدّد، أي خريف 2022، فإن عون يبقى في بعبدا من دون جميل التمديد.
هذا السيناريو، وفق ما يتمّ التداول به في الغرف المغلقة، قد يقود البلد إلى متاهات لا تُحمد عقباها، خصوصًا أن البلد واقف على برميل بارود لا يحتاج إلا إلى شرارة لتندلع الحرائق في كل مكان، وقد حاول البعض اللعب بالنار من بوابة عاصمة الشمال، وقد يحاولون في أمكنة أخرى.
على أي حال فإن كل هذه السيناريوهات، وإن كان بعضها صادرًا عن نائب الشوف، تبقى مجرد أفكار لا يمكن الإعتماد عليها في أي تحليل أو إجتهاد، وأن المرء لا يضمن ما قد يحصل في المستقبل القريب، خصوصًا أن سرعة المتغيرات تتخطى قدرة الفرد أو حتى الجماعة على التنبوء عمّا يمكن أن تؤول إليه الأوضاع على الساحتين المحلية والإقليمية في ضوء ما يمكن أن تكون عليه سياسية الولايات المتحدة الأميركية بالنسبة إلى المنطقة ومدى تقاربها أو تباعدها عن النيران الإيرانية.