مزحة أم طرح جدّي.. التمديد لعون غير ممكن سياسيًّا ودستوريًّا
يعتقد البعض أنّ الموقف الذي أطلقه عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ماريو عون حول التمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون مجرّد مزحة شخصية، تخصّ فقط مطلقها، الذي لم يكن على علم أنّ لبنان يعيش أسوأ أزماته، من الإنهيار المالي إلى الجوع والفقر والعوز، وكلّ أنواع الأزمات التي باتت تهدّد بزوال الكيان، ولدت من رحمها إنتفاضة 17 تشرين، وأنّ تياره لم يكن طيلة السنوات الماضية على هامش السلطة، بل امتلك فيها حصّة الأسد، من الحكومات ووزاراتها الوازنة وأثلاثها المعطلّة، إلى الكتلة البرلمانية الأكبر والتي تشكّل مع حلفائه الأغلبيّة النيابيّة.، وأنّ الفشل والإنهيار يتحمّل مسؤوليته الجميع، وذلك وفق حجم مشاركتهم في السلطة ومقدار صلاحياتهم، وبالتالي لا يستقيم الحديث عن تمديد في حضرة الفشل الذي وصل صيته إلى أصقاع الأرض.
في المقابل ينظر عدد من المراقبين لكلام النائب عون عن التمديد بجدّية بالغة، ولو أنّه حاول تغليفه بطابع شخصي، معتبرين أنّ “التيار الوطني الحر” أراد تسريب ذلك لأكثر من سبب، في سياقها يندرج جسّ النبض من طرح التمديد، بمن فيهم الحليف، خصوصًا إذا بقيت حظوظ النائب جبران باسيل شبه معدومة، عندما يحين زمن الإستحقاق الرئاسي.
فعليًّا ظروف التمديد تتطلب توافر شقّين، واحد دستوري وآخر سياسي. في الشقّ الدستوري يلفت الدكتور أنطوان صفير، محام وأستاذ في القانون الدولي، في حديثه لـ “لبنان 24” إلى أنّ الدستور اللبناني واضح من حيث نصّ المادة 49 منه “التي تحدّد فترة ولاية رئيس الجمهورية بست سنوات، يُنتخب في مجلس النواب، ولا يمكن إعادة إنتخابه، وبالتالي لا يمكن التمديد له أو بقائه في السلطة، كما لا يمكن له العودة الى سدّة الرئاسة إلّا بعد انقضاء 6 سنوات على مغادرته. وأيّ حديث عن فتاوى دستورية لا جدوى منه، طالما أنّ النص الدستوري واضح في هذا المجال، ولا يحتمل التفسير ولا التأويل ولا الإجتهاد، إذ لا اجتهاد في موقع النص”.
أضاف صفير “في حال كان هنالك رأي بالتمديد لرئيس الجمهورية أو بالتجديد له، فالأمر يتطلّب تعديلًا دستوريًّا، وفق الآلية المعتمدة لتعديل الدستور، أي وفق مشروع قانون تتقدّم به الحكومة بناءً على طلب من رئيس الجمهورية، أو وفق اقتراح يقدّمه عشرة نواب على الاقل. وهذا الموضوع يتعلّق بمشروع قانون دستوري يعدّل المادة 49، كما حصل في مرّاتٍ سابقة لمرة واحدة وإستثنائية، ويتطلب التعديل أكثرية ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب”.
مصادر مراقبة اعتبرت أنّ فكرة التمديد بدأت تراود التيار الوطني الحر بالتوازي مع الإنطباع السائد بعدم حصول إنتخابات نيابية في موعدها، على قاعدة أنّ التمديد للمجلس ينسحب على الرئاسة، ولكن هذه الفكرة أيضًا ليس لها من مبرّر دستوري. في هذا السياق يوضح صفير “إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها أو عدم إجرائها ليس له أيّ تأثير على موضوع التمديد لرئيس الجمهورية، أيّاً كانت وضعية مجلس النواب ممدّدًا له بحكم القانون، أم هنالك مجلس جديد، المادة 49 من الدستور موجودة ونصّها واضح، وإعادة إنتخاب الشخص نفسه للرئاسة لا تكون إلّا بعد مرور ست سنوات على إنقضاء الولاية الرئاسة، إلّا في حال قرر المجلس النيابي التمديد كونه صاحب صلاحية إمّا منتخبًا إما ممددًا له بعد تعديل القانون، أن يعدّل الدستور لهذه الغاية”.
الشقّ السياسي ليس أفضل من الدستوري، بحيث يستحيل تأمين توافق سياسي على التمديد، حتّى ضمن الفريق الواحد، فكتلة الرئيس نبيه بري لم تنتخب عون في الولاية الأولى فكيف الحال مع ولاية ممدّدة، كما أنّ كتلة تيار المردة تعد الأيام وربما الساعات المتبقيّة من ولاية عون، في حين أنّ الكتل الأخرى كالقوات والمستقبل نادمة على ما اقترفته، سواء أخرجت فعل الندم من حدود مجالسها الخاصة أم أبقته هناك، أمّا الإشتراكي فلا يرى التعايش واردًا مع العهد، رغم محاولاته للتقارب والتي فشلت جميعها.