لبنان

التيّار الوطني الحر… مِن النّضال إلى البَلطجة

“ليبانون ديبايت” – وليد خوري

لطالما تغنّى التيار الوطني الحر بـ “سر معموديته” السياسية التي انطلقت من الشارع مدافعاً عن وجع الناس بوجه النظام الأمني السوري – اللبناني.

كانت التظاهرات وكتابة الشعارات على الجدران، المقاومة الوحيدة بوجه تلك المنظومة ومن سجن الى آخر كان الناشطون يضيفون عدد الأيام على سيرهم الذاتية في ذلك الزمان الجميل الذي يتحدّث عنه الكثير منهم وباتوا اليوم خارج المؤسسة الحزبية وفي صلب الفلسفة الوجودية لعمل التيار الوطني الحر.
كان السابع من آب محطة لقطار الثورة الدائم مع التيار مر على محطات كثيرة في المناطق التي كان للسوري موطئ قدم فيها. يروي مناضل سابق كيف كان يمضي أيامه في السجن باحثاً عن مكنسة لتنظيف غرفة السجن أيام التحقيق ويتناوب مع رفاقه تلك اللحظات بهدف تمرير الوقت، فيما يتذكر البعض أيام الوقوف لساعات أمام قصر العدل بانتظار رفيق تمّ “سحبه” من منزله لاتهامه برفع شعارات على جدران شوارع بيروت.

صور محفورة في ذاكرة الكثيرين الذين باتوا اليوم خارج السرب العوني الذي يقلب المشهد اليوم مع بعض القيادات في التيار الجديدة.

ما يراه اليوم أي قيادي في التيار في مقاربته لنبض الشارع هو نفسه الذي كان يصرّح به ضابط في النظام الأمني السابق حين كان يحقّق مع رفاقه قبل العام 2005، ويحتقرهم لأنهم طالبوا بالحرية والسيادة والاستقلال وكان الى جانبهم.

يذكر التيار حين قرر تنظيم تظاهرة ضد قائد الجيش السابق جان قهوجي، يومها وجه المشاركون كلاماً قاسياً بحقّ المؤسسة لم يقله عدو وكانت الثورة بنظرهم مبنية على الحرية والسيادة لاسيما وأن الرسائل التي حملها هؤلاء كانت في اطار الضغط لتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش.

يكفي استذكار القيادي الراحل ميشال حداد ورفيقه أنطون الخوري حرب اللذين غافلهما قلبهما في لحظة تخلي التيار عنهما فغادرا وهم يتوجعون على حال التيار اليوم، وعن نضالات لسنوات طويلة في لبنان بحثاً عن تلك الكرامة الضائعة.

في حوار استذكره الراحل الخوري حرب يوم وفاة صديقه حداد يعيدك فيه الى التيار زمن الوصاية، يعكس الرجل نفس الثورة الذي نجده في الشارع اليوم ويحاربه التيار الوطني الحر، يتحدث عن الاضطهاد والكرامة والقضية إرث الأجيال القادمة يقول حداد للرفاق…

اليوم تغير مفهوم حداد والخوري حرب، زمنهما “بلعه” البزنس الشغل الشاغل لعدد كبير من القياديين “الجدد”والمسؤولين المحيطين برئيس التيار جبران باسيل، بات همهم الأساس الاستمرار في مكاتب “ميرنا الشالوحي” والمنظومة التي استحدثتها تلك المكاتب داخل مؤسسات الدولة وفي صفوف القاعدة الشعبية لاسيما وأن “زمن الأول تحول” بالنسبة اليهم ونشوة السلطة أفقدتهم هويتهم التاريخية ووهبتهم هوية “البلطجة” على الناس خدمة لغريزة بقائهم على الكرسي الذين شنوا أعنف المعارك للوصول والجلوس عليه.

كل هذا التاريخ يُمحى بتصرف طائش أو مقصود من قبل قيادي “متسلّق” في التيار كـ”منصور فاضل” الذي استعرض الأسبوع الماضي عضلاته مع بعض ناشطي الثورة وقرر الانغماس لتلقين بيار الخوري وباتي ضاهر درسا لن ينسوه على الاطلاق وهو حوار العضلات لأنهما ارتكبا جرم الحوار والنقاش معه. فالمحازبة السابقة في التيار أرادت ان توثق لحظات التعنيف الذي مارسه فاضل بحق رفيقها بيار، الا أن التوثيق في زمن فاضل يكون بفائض الذكورية التي أظهرها امام رواد المقهى حيث كان ينتظر فرصة “النجومية الزائفة”.

نائب باسيل لشؤون الشباب المُعيّن في غفلة من الزمن والآتي من “صناديق” بلدية الجديدة والرشاوى الانتخابية النيابية، يتنقل على المنابر الإعلامية ليعطي دروساً في الثورات والحرية والميثاق، هو واحد من زمن “بلطجة التيار” يتحدث عارفوه عن ممارساته الفوقية السلطوية في تعامله مع الآخرين، وهي سمة يتشارك فيها معظم المحيطين بباسيل، حيث ينظرون الى كل معارض لسلوكهم نظرة عدائية نرجيسية والواجب يقتضي التخلص منه.

تصرف فاضل جاء غداة الاستنفار العام والشامل في مركز التيار في ميرنا الشالوحي، حضرت “البنادق الحربية” انتشر المسلحون في الشارع لمواجهة “الغزاة”. فجأة ظهرت العصي وهي تتطاير في السماء بعد انتهاء مهمة المحازبين، وإذ يسرع هؤلاء باتجاه فريق محطة الـ mtv يريدون الانتقام من القناة التي ساندتهم في زمن الوصاية وانفردت بنشر مقابلات للعماد ميشال عون من منفاه الباريسي، فهي اليوم تتحدث عن الحرية والسيادة التي اعلن التيار الطلاق معها، وما كان يردده طوني نصرالله ونعيم عون وايلي بيطار ورمزي كنج وكل القياديين السابقين عن الحرية واحترام الاعلام بات من الماضي و”البلطجة” تفرض مسارا آخر في الحديث مع الآخر عدتها العصا وبعض الشبان لاستعراض عضلاتهم.

سادت حالة منصور فاضل سلوك التيار و”الميزان” الذي برر وجوده يوما ما فاضل في أحد المخافر واستنفر باسيل الجمهورية اللبنانية والجسم لاجله، هذا “الميزان” مالت دفته نحو الممارسات الميليشياوية للتيار الوطني الحر في زمن استقواء الدويلات على الدولة، وفي زمن المحاولات الدائمة للهيمنة على القضاء والامن والعسكر لفرض معادلات فاضل الجديدة والقائمة على التشبيح والقرصنة. وللحديث صلة
lebanon debate

مقالات ذات صلة