الحريري يخاطر ويلعب “صولد” بعيدا عن رؤساء الحكومات!
كتب غسان ريفي في صحيفة “سفير الشمال” تحت عنوان “الحريري يخاطر ويلعب “صولد” بعيدا عن رؤساء الحكومات!”: “رمى الرئيس سعد الحريري الكرة الحكومية في ملعب “الثنائي الشيعي” لكن من دون أن يحصّن ملعبه تجاه إمكانية رد الكرة وتسجيل هدف قاتل في مرماه الأزرق، كونه أراد اللعب بمفرده من دون سائر أعضاء النادي الذي ينتسب إليه ويتحصن فيه ويقاتل به.
مستغرَبةٌ الى أبعد الحدود كانت خطوة الحريري الذي إتخذ قرارا مفاجئا بأن يعزف “صولو” وأن يوافق على إعطاء حقيبة المالية الى الطائفة الشيعية شرط أن يكون الوزير مستقلا يسميه رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب من ضمن أسماء الوزراء الاختصاصيين من دون إنتماء حزبي أو سياسي، ولمرة واحدة وأخيرة.
قد يكون هناك إحتمالين لولادة مبادرة الحريري، الأول أن يكون قد نسّقها ورتّبها مع جهات محلية وإقليمية ودولية بهدف الانقاذ وقطع طريق جهنم على اللبنانيين، وفي هذه الحالة كان يفترض به أن ينسق مع أهل “البيت الرئاسي” (نادي رؤساء الحكومات) الذي ينتمي إليه ويتعاون معه، وأن يعمل على صياغة موقف موحد، أو على الأقل أن يأخذ مباركة وتغطية أقرانه في خطوة من شأنها أن تضاعف من حدة الغضب عليه في الشارع السني.
والثاني أن يكون قرار الحريري من “عندياته” كما هي عادته في رفع السقوف ومن ثم تقديم التنازلات، حيث لم يكن مضطرا لموقفه الرافض إعطاء حقيبة المالية للشيعة والذي جاء في حينها من خارج السياق العام، كما لم يكن مضطرا للتراجع عنه بهذا الشكل، ما يشير الى حالة التخبط التي تسيطر على سلوكه السياسي، بين إرضاء الرئيس إيمانويل ماكرون، وعدم إغضاب أميركا، وتقديم أوراق الاعتماد الى السعودية، ومسايرة الثنائي الشيعي، وحجز مكانه على الكرسي الثالثة سواء بعد الدكتور مصطفى أديب، أو قبل ذلك في حال إعتذاره بسبب الضغوطات التي تمارس عليه، ولم تكن مبادرة الحريري بعيدة عنها.
لا يختلف إثنان على أن الحريري كان يمكن أن يؤمن إخراجا أفضل لمبادرته، خصوصا أنها ما تزال غير واضحة المعالم والأهداف، فهو باع قبل أن يشتري، وربما إشترى سمكا في البحر، ولعب “صولد” على رصيده السياسي وصولا الى رهنه لمصلحة الثنائي الشيعي الذي في حال وافق على المبادرة وعمل على تسهيل ولادة الحكومة يكون الحريري قد فتح باب الحل الأمر الذي يُسجل له في خانة التضحية من أجل لبنان واللبنانيين، أما في حال رفض الثنائي للمبادرة فإن ذلك سيجعله أي الثنائي مسؤولا مباشرا عن التعطيل الحكومي، وسيحشر الحريري في “خانة اليك” ويعيد الى الذاكرة كل التنازلات التي سبق وقدمها من دون أن تجدي نفعا سوى إضعاف الطائفة السنية.
في هذا الاطار كان لافتا موقف رؤساء الحكومات: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذين بدوا منسجمين مع أنفسهم، وأصابوا ببيانهم المقتضب أكثر من عصفور بحجر واحد لجهة: الاصرار على موقفهم وعدم المساومة عليه، التمسك بدستور الطائف الذي لا يخصص طائفة أو مذهب أو جهة بأي حقيبة وزارية، رفض أي فرض لأعراف جديدة من خارج النصوص، عدم الالتزام بالمبادرة إنطلاقا من كونها شخصية، وترك باب نادي رؤساء الحكومات مفتوحا أمام الحريري نظرا لتمسكهم بهذا النادي ولما بات يشكل من مرجعية سنية يبدو أن صيغتها أربكت “زعيم المستقبل” فسارع الى التغريد خارج سربها في محاولة منه للاستفراد بتمثيل السنة، من دون أن يدري أنه يخاطر بآخر ما تبقى له من الشارع السني”.
lebanon24