الحل لا يكون على طريقة “أنا أو لا أحد”!
منذ ما يقارب الأربع سنوات ونيف إعتدنا على سياسة “أنا أو لا أحد”. هذه السياسة لا تنطبق على جهة واحدة معينة، وإن كان البعض يتحمّل المسؤولية أكثر من غيره في التسابق نحو نحر المشورة الجماعية، أو التصرّف وكأن الآخرين غير موجودين، وأن لا قيمة لآرائهم ومواقفهم. المهم عند هذه الفئة من الناس أن يكونوا في الصدارة وأن يتبوأوا المناصب، وعلى حساب الآخرين وكراماتهم، حتى ولو داسوا على الأرجل والرؤوس.
هذه السياسة المعمّمة هي التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه من إنحلال لمفاصل الدولة، وهي التي جعلت من هيبة المؤسسات “فزاعة طيور”، وهي التي طيرّت الفرص من أمام من إعتقد الناس أن الخلاص آت على ايديهم لا محال، فكانت النتيجة المزيد من المآسي والويلات والمصائب، التي حلّت علينا دفعة واحدة، وكأن لعنة حلّت علينا نتيجة مقولة “الدني وجوه وأعتاب”.
بهذه الطريقة الإنفرادية تُدار شؤون البلد والناس، وبهذه الطريقة أصبح اللبنانيون “على الأرض ياحكم”، لا حول لهم ولا قوة، حتى أن قرشهم الأبيض الذي خبأوه في المصارف ليومهم الأسود طار وطارت معه الآمال بإعادة بناء وطن يُحترم فيه الإنسان، الذي لا يحقّ له أن “ينق”، ولا يحقّ له أن يوجعه رأسه، لأن حبة “البانادول” إختفت من الصيدليات. حتى وجع الرأس أصبح يعالج و”داوني بالتي كانت هي الداء”.
أنا أو لا أحد” شعار رفعه من قال “من بعدي الطوفان”، أو “من بعد حماري ما ينبت حشيش”، حتى أصبحنا متساوين في الهمّ والغمّ والخوف من جائحة “كورونا”، التي يبدو أنها مصممة على ألا تترك أحدًا من دون تجربة وكأن مكتوبا على اللبناني المصير المحتوم، فيموت إمّا جوعًا وإمّا بهذا الوباء، الهاجم على لبنان والبشرية كالأخطبوط، الأمر الذي بات يستدعي من الجميع عزل أنفسهم عن الجميع.
ولكن ثمة مرضا قد يكون أخطر من “كورونا”، وهو مرض لا يمكن تجنّبه أو الإحتراز منه، وهو مرض “النرجسية السياسية” عند المسؤولين، الذين لا يزالون يتصرّفون وكأن لا بكاء ولا عويل في الأرض. فلا حكومة ولا حكم ولا مسؤولية. الشاطر بشطارته، أو بالأحري أصبحنا نعيش في “حارة كل مين أيدو الو”.
هذه هي خلاصة التفرّد بالقرارات وسياسية “أنا أعمى ما بشوف أن ضرّاب السيوف”، وهي سياسة متبعة من قبل بعض الذين يعتقدون أن الدولاب غير قلاب، ولا يؤمنون بـمقولة “لو دامت لغيرك لما آلت إليك”، وأن الدهر طلعات ونزلات سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى التعاطي بالشأن العام.
هذه هي خلاصة أربع سنوات من الجفاف والقحط، وخلاصة سياسة Nous Le Roi، التي لولاها لما كانت لتشرق الشمس على الأخيار والأشرار.