الحريري وجنبلاط… وشيفرة الحصة الوزارية
يوماً بعد يوم يزداد اليقين بأن المبادرة الفرنسية لن تبصر النور طالما أنها لا تحظى برعاية دولية. فكل طروحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه تأليف حكومة من اختصاصيين وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة من لبنان وصلت إلى طريق مسدود وهي تنتظر تبلورالمشهد الدولي ليبنى على الشيء مقتضاه.
مما لا شك فيه أن خلف كلام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لـ”الانباء” قبل أيام من انتهاء العام 2020، رسائل للقوى السياسية كافة بعضها مشفرة وبعضها لا يحتاج الى فك رموزها، وجاءت لتعبر عن غيض من فيض الانزعاج من اداء الممسكين بمقاليد السلطة في لبنان، علما ان بعض المتابعين يرد ذلك إلى أن حسابات الحقل الجنبلاطي لم تنطبق مع حسابات بيدر التأليف الحكومي، الذي بالنسبة للمختارة تخضع مشاوراته لسطوة العهد و”حزب الله”، عطفاً عن الحصة الحكومية التي يريدها والتي لم يحصل عليها، رغم ان حقيبة الخارجية السيادية اسندت الى الطائفة الدرزية.
من هنا، تقول مصادر مطلعة على موقف اللقاء الديمقراطي لـ”لبنان24″ أن ما يجري من مناوشات سياسية على خطوط الهجوم بين بعبدا و”بيت الوسط”، يكشف حالة الدرك الذي وصلت إليه حالة الاستهانة والاستهتار باللبنانيين الذين يئنون تحت وطأة أزمة وباء كورونا والمعضلة المعيشية والاجتماعية من جراء الازمة الاقتصادية والمالية.
وبمعزل عما يدور في الغرف المغلقة حيال مسار التكليف والتأليف، الاكيد، وفق المصادر نفسها، أن الحريري محكوم بعدم تخريب العلاقة مع بعض افرقاء الداخل في حين أن المطلوب تشكيل حكومة من اختصاصيين تعيد الثقة الدولية بلبنان وتنجح في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، خاصة وأن تكرار تجارب الحكومات السابقة سيعني أن البلد ذاهب حتماً إلى الانهيار المطبق. وعليه تظن المصادر أن فريق العهد يعرقل التأليف لحسابات تتصل بالاستحقاق الرئاسي في العام 2022 وهذا بات معلوماً للجميع، وهنا تكمن مسؤولية الرئيس الحريري الذي يفضل أن يذهب إلى الاعتذار لكي لا يخسر المزيد من رصيده الشعبي، خاصة وأن إطالة أمد الأزمة من شأنها أن تزيد الأمور تعقيداً على المستويات كافة الاقتصادية والسياسية والأمنية، لا سيما وأنه يدرك جيداًً أن هناك فريقاً في البلد يريد أن يحكم لكنه في الوقت نفسه لا يريد أن يتحمل المسؤولية إنما يتقصد عمداً أن يرميها على الرئيس الحريري، ولذلك فإن مدى جدية “حزب الله” بالتمسك بالرئيس الحريري لرئاسة الحكومة تكمن بالدرجة الأولى في رفع الغطاء عن “التيار الوطني الحر” الذي بإجماع القوى السياسية كافة يتعمد التعطيل بذرائع واهية.
وإلى هذه المعطيات، فإن مصادر تيار “المستقبل” تؤكد بما لا يقبل الشك أن الرئيس الحريري لن يتراجع قيد أنملة ولن يعتذر عن التكليف وهو اليوم أصبح أقوى من السابق، وهناك إشارات كثيرة وصلت إلى القوى السياسية الداخلية من الخارج الذي كانت تراهن عليه انه لا يحبذ عودة الحريري الى رئاسة الحكومة؛ وتعني أن هناك تطوراً ايجابياً في المواقف الإقليمية والخليجية لمصلحة الحريري، الأمر الذي يفرض على الجميع التنبه إليه بدل الاستمرار في وضع العصي في الدواليب. ولذلك لن يكون أمر سحب التكليف من الرئيس الحريري سهلا، فبمعزل عن تمسك الثنائي الشيعي به وبعض القوى السياسية الاخرى فإن علاقة الاخير بالامارات وتركيا عادت إلى مسارها الصحيح فضلاً عن علاقته بالرئيس الفرنسي، وهذا سوف يتظهر في المدى المنظور.