لم ينقص العام الماضي، علاوة على الأزمة المعيشية وتهاوي سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بخسائر إقتصادية فحسب، إذ انعكس تفلتاً أمنياً واضحاً.
فقد أقفل العام 2020 أبوابه على جريمتين أحدثتا صدى واسعاً في البلاد، خاصة تلك التي ذهب ضحيتها ابن بلدة الكحالة المصوّر جوزيف بجاني، وقبله عقيد في الجيش اللبناني.
وإذا كانت تلك الجريمتان قد اندرجتا بطريقة أو بأخرى بدوافع سياسية وأمنية مرتبطة بملفات لبنان الشائكة منذ انفجار مرفأ بيروت، فإن الأرقام التي حصل عليها “لبنان 24” من قوى الأمن الداخلي، تظهر بوضوح أن العام 2020 شهد نسبة مرتفعة من الجرائم على أنواعها قياساً بالعام 2019.
فقد ارتفعت نسبة جرائم القتل بنسبة 59% عن العام 2019، حيث سجل العام الماضي 171 جريمة قتل خلال الأشهر حتى شهر تشرين الثاني في مقابل 100 جريمة عام 2019، بمعدل 18 جريمة قتل في الشهر.
أما عمليات سلب وسرقة السيارات، فقد ارتفعت بدورها. وتبين الأرقام أن 44 عملية سلب سجلت في العام 2019، في حين ارتفعت إلى 72 عملية في العام 2020، أي بنسبة 63 %. أما سرقة السيارات فقد بلغت نسبتها 82% في العام 2020 مقارنة بالعام 2019، حيث سجلت 934 عملية سرقة مقابل 514 عملية عام 2019.
ويشير مصدر في قوى الامن الداخلي إلى أن الإقفال العام الذي شهدته البلاد في أول موجة من جائحة “كورونا” رفعت من نشاط عصابات سرقة السيارات.
وكذلك عمليات السلب بقوة السلاح التي ارتفعت بنسبة 125% عن العام 2019، بمعدل 556 جريمة في مقابل 247 عام 2019. وأبطال عمليات السلب من أصحاب السوابق والمدمنين على المخدرات.
أما الرقم المرعب فهو عمليات السرقة التي طالت المحال والمنازل والصيدليات، ويظهر انعكاساً واضحاً للأزمة الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة وتفلت سوق الدواء. الامر الذي يفسر تعرض عشرات الصيدليات للسطو المسلح ما دفع أصحابها إلى رفع الصوت، فضلاً عن تعرض منازل ومحال تجارية للسرقة بعد انفجار المرفأ، حيث استغل اللصوص حالة الفوضى التي تلت الانفجار لينفذوا سرقاتهم. فقد شهد العام 2020 أكثر من 2252 عملية سرقة في مقابل 1610 عمليات في العام 2019، بمعدل 205 سرقات شهرياً.
وفيما أدى انفجار المرفأ معطوفاً على الازمتين الاقتصادية والمعيشية إلى ارتفاع نسب الجرائم والسلب والسرقة، فإن وباء “كورونا” لعب في مكان ما دوراً إيجابياً في خفض نسب حوادث السير والانتحار، إذ تبين أرقام قوى الامن الداخلي تدنياً في نسبة حوادث الانتحار إذ سجل العام 2020 نحو 136 عملية انتحار مقارنة بالعام 2019 الذي شهد 172 عملية انتحار. وكذلك تراجعت حوادث السير بشكل لافت. فقد شهد العام 2020 389 قتيلاً مقارنة بــ 487 قتيلاً عام 2019. ومردّ ذلك هو فرض الحجر الصحي ومنع التجول.
لا ندري كيف ستسير الأمور في العام 2021. لكن من المؤكد أن جائحة “كورونا” التي حفزت عند الناس غريزة البقاء، وجعلتها تعيد ترميم علاقاتها بعائلاتها، قد لا تصمد ايجابياتها في حال استمر الوضع الاقتصادي على ما هو عليه. وأهمها انهيار الليرة وفقدان العائلات لأمنها الاقتصادي والاجتماعي، معطوف على فلتان أمني وتكوّن جزر أمنية عصية على الدولة.
هذا ما يؤكده المصدر في قوى الأمن، إذ يشير إلى أن معظم عمليات القتل السلب والسرقة وصولاً إلى الانتحار، تعود في معظمها إلى الكوارث التي حلّت بآلاف العائلات اللبنانية، وتبخر المدخرات وتفشي البطالة.
lebanon24.