أمنلبنان

السرقات العنفية في طرابلس والجوار تعكس مخاطر أزمة… والآتي أسوأ

انتاب الخوف والقلق الطرابلسيين على مشارف نهاية الأسبوع الأول من العام 2021.
فالسرقات تعددت وأعمال النشل توزعت بين مدن الفيحاء وصولا إلى أعتدائين اثنين، استهدف الأول عائلة في دارها، حيث ادعى مسلحون انهم ينتمون إلى جهاز أمني ودخلوا المنزل واعتدوا على من فيه وسلبوا منه مالا ومصاغا، اضافة إلى حادثة ثانية حيث تتبع مسلحون شابا وانهالوا عليه بالضرب وسلبوه هاتفه ومبلغا من المال .

روايات تشبه أفلام عصابات هوليود، ولكن للأسف أبطالها من اللبنانيين وغير اللبنانيين الذين يتوزعون بين المدن وضواحيها ليستهدفوا أناسا آمنين في بيوتهم وفي حواريهم أي في عمق مجتمعاتهم .
ماذا بعد يا ترى؟
هو واقع جديد يفرض على المجتمع الطرابلسي المثقل بالهموم، وحيث تدفع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى ما قد يكون أسوأ في المرحلة المقبلة مع ارتفاع مستوى الاضطراب النفسي اللاحق بمختلف شرائح المجتمع، واحتمال نمو وتفشي الجرائم بشكل أكبر مع تردي الأوضاع المالية أكثر وازدياد العاطلين عن العمل .
نعم ثمة من يعتقد أن الأسوأ آت ، للاسف .

وأمس انطلقت دعوات في المدينة لملاقاة السرقات المتكررة بإجراءات محلية، ليكون السؤال هنا، هل سيواجه اللبنانييون مسؤولية الأمن الذاتي وبأي ثمن قبل وبعد؟
وما هي كلفة حمل ولو عصا دفاعا عن الاحياء في وجه السرقات ومن دفعت بهم الظروف الراهنة ألمؤاتية إلى التجرؤ على السرقة ودخول بيوت الناس بوقاحة أو ولوج المباني المحصنة بكاميرات المراقبة والأبواب الحديدية ؟
ما هو ثمن ذلك فعلا ؟

“الأمن الذاتي”
يقول المحامي سامر حواط ان الأمن الذاتي سيعرض من يقوم به للملاحقة القانونية في حال الإشتباك مع المُخل بالأمن أقله لناحية نص المادة المتعلق “بإستيفاء الحق بالذات”، ناهيك عن الضرر المادي والمعنوي والجسدي الذي سينجم سواء على شكل ضرب وايذاء او تكسير ممتلكات كسيارة مثلا عند الدفاع عن الملك الخاص وقد يصل الامر الى القتل (وفي هذه الحالة لا يعتبر صاحب الامن الذاتي في وضع الدفاع المشروع الذي يعفى بموجبه من الملاحقة بالجريمة كون الاخير له شروط ).
يؤكد المحامي حواط ان الامن الذاتي اصبح ضرورة ملحة ولكن.. الأمور ليست كما تبدو عليه هي صعبة ومعقدة في الوقت عينه .
وردا على سؤال يبدي حواط اعتقادا أن تنامي نسبة الجريمة ونوعها الذي اتخذ اشكالا محددة كالعنف الاسري والسرقة والخوة هو نتاج طبيعي للظروف الإجتماعية السيئة التي نعيشها، متوقعا ان تزداد الجرائم لاحقا في مقابل ازدياد حالات الانتحار والقتل والطلاق، وان درء هذه الاحداث لن يكون عبر القبضة الأمنية المحكمة فقط، بل بتليين الظروف المعيشية التي يعيشها السارق والامي والمتعلم والجاهل، الغني والفقير. فالإنفجار الاجتماعي لم يصل بعد إلى ذروته لعدة اسباب ولكن ابرزها ان اللبناني المحتجزة امواله، والتي بلغت حوالي ١٠٠ مليار دولار ما زال ينعم بوفرة تمكنه من سحب وصرف ١٠٠٠ دولار اميركي مقابل ثلاثة ملايين وتسعماية الف ليرة لبنانية حسب سعر المنصة؛ وفي المقلب الآخر هو يدفع الكهرباء والماء والبنزين والهاتف وجامعة امواله وتأمينه الصحي وادوية وجزءا كبيرا من المواد الغذائية على سعر الـ ١٥٠٠ .

يضيف الحواط “ويمكننا ان نلاحظ أن الأزمة إلى تصاعد. فعلى سبيل المثال الجامعات ستبدأ من الفصل القادم بالتقاضي على سعر المنصة 3900
وشركات التأمين بدأت تحذو حذوها وهكذا دواليك حتى نصل الى الخبز “.
سألنا أخيرا عن جدوى الأحكام القاسية بحق السارقين في حال إلقاء القبض عليهم اجاب: “بخبرتي ومع واقع السجون اللبنانية وما نراه لم تنفع القسوة سابقا ولن تنفع اليوم. فقد يدخل الجاني مُخطئا، اي ارتكب خطأ ويخرج مجرم. فلا ظروف السجن (الاكتظاظ ) توفر تأهيلا، كما ان عدم تعليم الموقوف مهنة او حرفة ومعاملة المخطىء مثل مرتكب الجناية، ستسمح بإصلاح وتأهيل الموقوف ولا واقع السجون ككل وطبيعة الأحكام ستحدث جديدا”.

اليأس والإحباط
رئيسة جمعية الاصلاح والتاهيل فاطمة بدرة شددت على ان طابع السرقات التي تحدث في هذه الايام اقتصادي واجتماعي .
ولفتت بأسف إلى الوضع الأقتصادي الضاغط، والذي لم يعد خافيا على أحد، مشددة على ان للعوامل الاجتماعية تأثيرها، من البطالة الى الجهل والامية والمرض وانتشار كورونا، وكلها اسباب تدفع الى ظواهر مجتمعية خطرة، منها العنف المفرط والسرقة، أضف إلى ذلك وجود الكم الهائل من اللاجئين السوريين ونقص المساعدات المقدمة لهم، فضلا عن التمييز في توزيع المساعدات سواء من ناحية الشؤون الاجتماعية أو الجهات الداعمة الاخرى كلها أسباب تؤدي الى اليأس والاحباط والتمرد على الواقع واحيانا الى سلوك درب السرقة لتأمين ما يحتاج إليه السارق.
اما الخطورة الاصعب،قالت بدرة، فتكمن في الاساليب التي يتبعها السارقون من اعتداء على الحياة البشرية والتسبب بالقتل وهنا تبدو المشكلة مستفحلة ومقلقة .
لذلك نحن كجمعية نطالب القيمين على موضوع المساعدات الغذائية باعتماد العدالة والمساواة في التوزيع، فضلا عن الاهتمام بالشباب وان تأخذ العدالة مجراها حتى يكون الحكم رادعا لكل من تسول له نفسه القيام بأعمال السرقة والنهب مع المطالبة بتكثيف الجهود الامنية لحفظ الامن واستتبابه.

يبقى أن نقول أخيرا ان طرابلس تخضع فعلا لإجراءات أمنية وعمل دؤوب من الأجهزة والجيش، لكن الواقع يرتب على الجميع عملا يتفق مع طبيعة الواقع الأمني والاجتماعي الراهن .
lebanon24

مقالات ذات صلة