لبنان

الحكومة لن تتشكل.. وإجراءات مشددة بحق اللبنانيين في الخليج!

كتب منير الربيع في “المدن”: المقاربات التي تطرحها القوى السياسية في عملية تشكيل الحكومة، لا تخرج عن سياق تتفيه العقد وتسخيفها. سابقاً، ربما كانت عقدتا وزارتي العدل والداخلية تحولان دون عملية التشكيل، ولكن حالياً كل هذه الأسباب خارجة عن السياق الفعلي والحقيقي.

الحريري في الدوامة

رئيس الجمهورية ميشال عون واضح في أنه لا يريد للحريري أن يشكل حكومته. وهو يمارس كل أنواع الضغوط والتعقيدات لدفعه إلى الاعتذار. ويبحث عن أي مسوغ يخوله سحب التكليف، ولكنه غير قادر على ذلك دستورياً. فيستخدم هذا التلويح في إطار الضغط على الرئيس المكلف لتقديم التنازلات المطلوبة. والحريري يؤكد بدوره أنه لن يتزحزح عن موقعه، ولا قدرة لأحد لسحب التكليف منه، ويتمسك بشروطه وينتظر.

وسابقاً، كان الحريري يعتبر أن جبران باسيل هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة. ويرى أن ميشال عون إيجابي ومنفتح عليه. ولكن تدخلات باسيل تحول دون إنجاز أي إتفاق. ونظرة الحريري هذه خاطئة بالتأكيد وغير مصيبة. فهو يعلم ذلك. لكنه يريد الحفاظ على شعرة معاوية مع رئيس الجمهورية، وإلقاء التهمة على باسيل وتكتله. وكان الحريري يحاول أيضاً تجنب تحميل حزب الله أية مسؤولية عن العرقلة. ولكن المقربين منه والمحسوبين عليه أصبحوا متأكدين من أن حزب الله لا يريد تشكيل الحكومة، ويفضل الانتظار للمرحلة المقبلة، لتكون المعضلات اللبنانية كلها خاضعة للمفاوضات الإيرانية – الأميركية.

فشل مبادرة الراعي

ولا يبدو أن محاولات البطريرك الراعي في الجمع بين الرئيسين عون والحريري تنجح في إحراز أي تقدم. وتشير المعلومات إلى أن الراعي أوفد أمس مستشاره الوزير السابق سجعان قزي إلى الحريري، في محاولة لتقريب وجهات النظر، والعمل على إيجاد قواسم مشتركة، وتسوية حول وزارتي الداخلية والعدل.

وكان الحريري مصراً على موقفه، لا يتنازل ولا يتراجع. ومن يراهن على موعد 20 كانون الثاني لتشكيل الحكومة، سيجد أن حساباته خاطئة. فلو كان عون وحزب الله ينتظران مجيء جو بايدن، فعلى قاعدة تحصيل المكاسب لا تقديم التنازلات. ومن هذه المكاسب قد يعود البحث إلى توسيع حجم الحكومة، ورفعها من 18 إلى عشرين وزيراً، إضافة إلى التشدد أكثر مع الرئيس المكلف. وقد يصل عون إلى إعلان رفضه التعاون مع الحريري، لغياب الانسجام بينهما، ويفضل مرشحاً آخر، أو أن حكومة تصريف الأعمال هي التي ستستمر.

تحذيرات جنبلاط

إنها حلقة مفرغة تدور فيها الأحداث والاستحقاقات.

وبهذا المعنى، وجه وليد جنبلاط دعوة للحريري إلى الاعتذار ورمي الكرة في ملعب حزب الله وعون ومن خلفهما إيران، على قاعدة أنهم لن يسمحوا للحريري أن يحكم. بل يريدونه واجهة لهم، ومن الأفضل له الابتعاد وتركهم يتحملون مسؤولية انهيار البلد.

وربط جنبلاط هذا الموقف بتحذيرات من استمرار حزب الله في مهاجمة دول الخليج، كي لا يرتد ذلك سلباً على اللبنانيين جميعاً. وهنا، لا بد من الربط بين دعوته الحريري للاعتذار والابتعاد، وتحذيره حزب الله من مهاجمة دول الخليج، كي لا يكون الحريري كبش فداء هذه السياسة.

الخوف على لبنانيي الخليج

وجاءت هذه تحذيرات، حسبما تكشف معلومات “المدن”، في ظل ترقب إجراءات خليجية مشددة في حق اللبنانيين العاملين في الخليج. وليس صحيحاً أن الموقف الخليجي سيصبح ليناً مع لبنان في عهد إدارة جو بايدن.

وهناك من يذكر بحقبة باراك أوباما، وتحديداً في العام 2015 عندما لجأت دول الخليج إلى إجراءات عقابية في حق لبنان من دون طرد اللبنانيين العاملين هناك. لكن حالياً هناك تخوف من أن تنعكس مواقف حزب الله الهجومية ضد الخليج سلباً على وضع اللبنانيين في الدول الخليجية.

وتكشف المعلومات أن السعودية اتخذت قراراً بمنع دخول لبنانيين وعمال من جنسيات أخرى، كباكستان وبنغلادش والصومال والسودان، إلى مقرات أساسية وحساسة في المملكة. وقد يُمنع على أي لبناني العمل في منشآت لها طبيعة عسكرية أو نفطية أو على علاقة بشركة آرامكو. وهذا ما دفع بعض الشركات اللبنانية في السعودية إلى العمل على تسريح عمال لبنانيين فيها، وأرسلت هذه الشركات خبراً إلى السفارة اللبنانية في السعودية، وإلى المسؤولين اللبنانيين تطلعهم على ذلك. يبقى الخوف من أن يكون هذا القرار مقدمة لقرارات أخرى تشمل شركات ومؤسسات ومنشآت متعددة.

وعندها تتضاعف الأزمة اللبنانية ويصير اللبنانيون العاملون في الخليج أمام مصير قاتم، لا شك في أن الأمر ستكون له ارتباطاته وارتداداته السياسية التي لا بد من أخذها في الاعتبار في عملية تشكيل الحكومة وسياستها. ولا يمكن توقع الحصول على أي مساعدات طالما أن الوضع السياسي في لبنان على هذه الحال.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة