لا حكومة قبل 20 كانون الثاني…
الراعي يُواصل نداءاته للسياسيين والمسؤولين علّهم يتخلّون عن مصالحهم الشخصية ويستجيبوا
لا يزال فقدان الثقة على حاله بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقد تجلّى ذلك بشكل واضح من خلال دعوة رئيس تكتّل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل الرئيس المكلّف «الى تحمّل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية فيتوقّف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه الخ…»، وردّ المكتب الإعلامي للحريري عليه بأنّه قد «قام بواجباته على أكمل وجه وقدّم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين وننتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها.
وإزاء حرب المواقف والردود في ظلّ بقاء الأمور الداخلية على حالها، تجد مصادر سياسية متابعة بأنّه من المعيب العودة الى هذا النوع من التخاطب السياسي الذي يُظهر أنّ كلاً من الفريقين المتنازعين لا يزال متمسّكاً بشروطه ومطالبه. فيما لم تؤثّر مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في اتجاههما لتسريع تشكيل الحكومة في أي شيء ملموس وإيجابي رغم كلّ ما سمعه غبطته من الرجلين عن عدم التمسّك بأي مصالح شخصية.
إلاّ أنّ هذا الأمر لم يثنِ البطريرك الراعي عن مواصلة جهوده سيما وأنّه قرّر متابعة حثّ المسؤولين على إخراج البلاد من الأزمات التي يتخبّط فيها. ولهذا أطلق في عظة قدّاس الغطاس ثلاثة نداءات أوّلها لرئيس الجمهورية والرئيس المكلّف طالباً منهما «عقد لقاء وجدانيّ ومصالحة شخصية، لقاء مسؤول عن انتشال البلاد من قعر الإنهيار بتشكيل حكومة إنقاذية محرّرة من التجاذبات والمحاصصات»، ومن جميع القوى السياسية «تسهيل هذا التشكيل».
وكلام الراعي هذا يعني، بحسب المعلومات، أنّه لمس لدى كلّ من الفريقين إصراره أو تمسّكه بحصّته السياسية رغم إعلانه عكس ذلك، لهذا طالبهما بالإبتعاد عن مبدأ المحاصصة في تشكيل الحكومة الإنقاذية. فالهدف من هذه الأخيرة إنقاذ البلد والشعب من كلّ أزماته ومشاكله وليس التوقّف عند حصّة هذا الفريق أو ذاك، لأنّ هذا التشبّث بالمواقف سيُبقى الوضع الحكومي المجمّد على حاله. وهذا الوضع سيودي بلبنان واللبنانيين الى كارثة فعلية على جميع الصعد.
وأكّدت المصادر، بانّ نداءات الراعي للمسؤولين وللمستشفيات الخاصّة وللمصارف، وإن كان البعض يجدها نوعاً من تدخّل رجال الدين في السياسية والحياة الإجتماعية ويُنادي بفصل الدين عن الدولة، إلاّ أنّها تدخل ضمن مهام البطريرك الماروني الراعوية سيما وأنّ معاناة الشعب تدفعه للمطالبة وإيّاه بمطالبه الملحّة. وتمنّت أن يكون لهذه النداءات صدى إيجابياً في نفوس المسؤولين المعنيين المتلهّين حالياً بالتخاطب السياسي الكيدي.
من هنا، فمن الضروري، بحسب رأي المصادر، أن ينغلق كلّ من الفريقين السياسيين المتنازعين حالياً على سياسة المحاور ويتّبعا سياسة الحياد التي سبق أن نادى بها البطريرك الراعي واتُهم على أثرها باتهامات باطلة من هنا وهناك. فحياد لبنان اليوم هو الذي سيُنجّيه من قعر الإنهيار الواقع فيه، إذ سيُتيح له التوافق على تشكيل الحكومة الإنقاذيّة من دون انتظار المتغيّرات الإقليمية والتسويات الدولية.
أمّا المصالحة الخليجية بين السعودية وقطر، فتقول المصادر نفسها بأنّه من المبكر جدّاً الحديث عن عودة المياه كاملة الى مجاريها بين هاتين الدولتين، ولهذا نحتاج الى بعض الوقت لمعرفة كيفية انعكاسها على لبنان. ولكن بالتأكيد سيكون لها نتائج إيجابية على الوضع الداخلي اللبناني من خلال التقريب في وجهات النظر بين الفريقين المتنازعين سيما وأنّ كلّ منهما مدعوم من إحداها. كما يُمكن الإستفادة من هذه المصالحة من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة لما فيه مصلحة لبنان العليا.
ورأت المصادر بأنّ جميع الأطراف تُنادي اليوم بضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، فيما هذه الأخيرة لن تُبصر النور قبل 20 كانون الثاني الجاري، أي قبل تسلّم الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد السلطة في البيت الأبيض، أكان الرهان على الخارج مستمرّاً من قبل أحد الفريقين أم لا. فالعوائق الداخلية مستمرّة بغضّ النظر عن انتظار المتغيّرات الخارجية، وتُظهّرها البيانات والمواقف السياسية المتصلّبة والتي تتمسّك بشروطها ومطالبها التعجيزية ضمن منطق المحاصصة، رغم أنّ التوافق ينصّ على حكومة إختصاصيين من غير الحزبيين.
ولهذا فإنّ تمسّك الأحزاب بعدد الوزراء الفلاني والحقائب الفلانية دون سواها في حكومة يُفترض أن تضمّ تكنوقراط مستقلّين، وإن تشكّلت، وفي ذلك صعوبة ما بعدها صعوبة، فلن تتمكّن من العمل على الإنقاذ، على ما لفتت المصادر، سيما وأنّ الهدف من حكومة الإختصاصيين هو ألا تصطدم بطموحات الأحزاب أو بشروطها. فالهدف الأول لحكومة المهمّة هو تطبيق الإصلاحات المطلوبة وليس وضع العراقيل أمام عملها، على غرار ما حصل في حكومات سابقة عدّة لم تتمكّن من إنقاذ البلاد من الأوضاع السيئة التي تتخبّط بها.
وتجد المصادر، بأنّ المطلوب الإستجابة لنداء البطريرك الراعي بالدرجة الأولى من خلال الإسراع في تشكيل الحكومة الإنقاذيّة من خلال تسمية أشخاص كفوئين ذوي خبرة وقادرين على وضع الخطط والمشاريع الإنقاذيّة وتنفيذها من دون العودة الى الأحزاب السياسية التي سمّتهم. وإذا لم يحصل هذا الأمر بعد 20 كانون الثاني الجاري، فهذا يعني أنّ أحداً من السياسيين لا يريد إنقاذ البلاد واللبنانيين، إنّما الإستفادة من الإنهيار الشامل.
mtv.