لبنان

استحقاقات اساسية تنتظر العام 2021

ينتظر لبنان في 2021 عاما مليئا بالاستحقاقات الكبرى تنطوي على تحديات جوهرية تستدعي ان يتهيأ لها اللبنانيون جيداً ويمكن حصرها بالتالي:

أولاً: حسم الموقف الرسمي من خطة التعافي المالي والاقتصادي التي أعدتها حكومة الرئيس حسان دياب قبل دخولها تصريف الأعمال، والتي ترتكز الى خيارات استراتيجية في معالجة الأزمة المالية – الاقتصادية، وأصيبت بإرباك كبير نتيجة الموقف الذي تبلور في اجتماعات لجنة المال والموازنة النيابية بمشاركة مصرف لبنان وجمعية المصارف ولجنة الرقابة على المصارف، حيث تبنّت اللجنة موقفاً تقديرياً لمجمل الخسائر تتعارض مع ارقام خطة الحكومة التي تحولت الى عقبة امام تقدم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فخطة الحكومة لم تقتصر على كونها خطة لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية إنما أيضاً تضمنت توجهات مفصلية في اعادة تكوين النظام المصرفي اللبناني ورعاية التحول الاقتصادي باتجاه الاقتصاد المنتج، مع الاشارة الى ان هذه الخطة وما يرتبط بها من اقرار قوانين تشريعية عدة لم تصل رسميا الى الهيئة العامة للمجلس النيابي، حيث اقتصر اطار النقاش على الحكومة ولجنة المال بمشاركة الاطراف المشار اليهم.

ثانياً: التدقيق الجنائي الذي بات يستند الى قانون صادر عن البرلمان قضى برفع السرية المصرفية عن المصرف المركزي والمؤسسات العامة والوزارات بصورة استثنائية ولمدة عام واحد، واستند الى القرار الذي اتخذته الهيئة العامة اثناء نقاش رسالة رئيس الجمهورية وعمم دائرة التدقيق الجنائي بصورة متوازية؛ الامر الذي يطرح سؤالا حول المسار الاجرائي لتطبيق هذا القانون والاستفادة منه لبلوغ التدقيق الجنائي غاياته المنشودة، فهل سيتم اعادة تكليف شركة الفاريز & مارسال ام ستتم العودة إإلى البحث عن شركات بديلة علماً ان التدقيق الجنائي، فضلا عن كونه شرطا فرنسيا للمضي في مسار المساعدات الموعودةلأنه يشكل معبراً ضرورياً لاضاءة الجانب المظلم من حقائق الوضع الاقتصادي والمالي وتحديد المسؤوليات المترتبة عليها.

ثالثاً: نتائج التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت الذي يبدو شائكا ومعقدا لغاية اللحظة، اذ ان ما حصل في ملف انفجار 4 آب على المستوى الرسمي والقضائي أثار ريبة الرأي العام واستفز قوى اساسية وطرح شكوكا جدية حول مصير هذا التحقيق.

رابعاً: المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية، حيث اتسم اداء الجانب اللبناني لغاية اللحظة بثبات ووضوح وتماسك فاجأ الاسرائيليين والاميركيين على حد سواء عندما لجأ لبنان الرسمي الى توسعة مطالبه في زيادة مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية مستندا الى قواعد قانونية صارمة وهو ما دفع اسرائيل الى ايقاف المفاوضات وتكليف الولايات المتحدة القيام باتصالات جانبية. وترى بعض المصادر في هذا السياق، ان الاداء اللبناني جعل من امكانية تحصيل لبنان لـ 860 كلم مربعا وهي حدوده الدنيا المتنازع عليها امراً ذي أرجحية كبيرة، علماً أن ما يشغل الاوساط اللبنانية والدولية على حد سواء، هو السيناريو المتدحرج البالغ الخطورة في ما لو وصلت هذه المفاوضات إلى حائط مسدود وقامت إسرائيل بأعمال نفطية في المنطقة المتنازع عليها، فأي موقف لبناني رسمي سوف يتخذ بالمقابل وماذا عن أداء المقاومة، علما أن الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله اعلن أمس أنه لن يلزم نفسه بموقف مسبق تجاه هذا الموضوع.

خامساً: ملف العقوبات الاميركية على شخصيات لبنانية بتهمتي الفساد ودعم الارهاب، علما ان دائرة من تستهدفه هذه العقوبات لن تقتصر على حلفاء “حزب الله” كما حصل مع النائب جبران باسيل والوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، انما قد تبلغ ايضاً في مرحلة مقبلة شخصيات تنتمي الى المعسكر السياسي المقابل، ويشار في هذا السياق الى ان التدخل الفرنسي مع الاميركيين اسهم في تأجيل صدور دفعات جديدة من لوائح العقوبات. ولغاية اللحظة ليس من الواضح ما اذا كانت الادارة الاميركية الجديدة برئاسة الرئيس جو بايدن ستتبنى المسار المتشدد لادارة الرئيس دولاند ترامب، علما ان للكونغرس الاميركي استعداداته التشريعية المنفصلة التي تنكب عليها شخصيات اميركية متشددة بهدف اقرار تشريعات اضافية تذهب بعيدا في التضييق على النظام المصرفي و”حزب الله” وبيئته.
سادساً: أي مسار سوف يأخذه النقاش حول قانون الانتخاب في ظل الانقسام الحاد بين فريقين يتشدد كل منهما بموقفه: حركة “امل” التي تريد تغييرا جوهريا في قانون الانتخاب الحالي، و”التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” اللذان يتمسكان بالقانون النافذ، فهل سيتصاعد هذا الاشتباك السياسي حول هذا الملف وما هي تأثيرات ذلك في حال حصوله على إجراء الانتخابات النيابية المقبلة؟

ما يدعو للقلق ان هذه الملفات بمعظمها هي محل خلاف بين القوى السياسية التي تعجز عن التفاهم على تأليف حكومة فكيف ستتفاهم حول كل هذه الملفات؟
المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة