العراق ينضم إلى لبنان.. جنون بالدولار والرواتب بخطر
انضم العراق إلى لبنان وسوريا واليمن وإيران، وباتت التقلبات بسعر صرف الدولار أقوى وأشد، وسط مخاوف من اندلاع أزمة اقتصادية حادة في العراق مع إعلان البنك المركزي رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 ديناراً، من 1182 دينارا للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط.
وما إن تم تسرّبت مسودة ميزانية العام 2021 الأسبوع الفائت، سجل سعر صرف الدولار لدى الصرافين ارتفاعاً صاروخياً أمام الدينار العراقي، ما أربكَ الشركات المحلية وأثار الرعب في نفوس العراقيين، بحسب صحيفة “ذا ناشيونال” العراقية. وتحت عنوان “العراق يواجه صدمة اقتصادية بعد تخفيض قيمة العملة”، نشرت الصحيفة تقريراً حذّرت فيه من تأثير التدهور الاقتصادي المتسارع في بغداد على مستقبل العراقيين.
الأسعار ترتفع والخطر يهدد الرواتب
ونقلت الصحيفة عن العراقي طيب صباح، وهو صاحب سوبرماركت، تعليقه على ارتفاع الدولار قوله: “قضي علينا”، مشيرةً إلى أنّه أنزل بضاعته عن الرفوف وعمد إلى رفع أسعارها. وأضاف صباح: “نراكم الخسائر منذ الأسبوع الفائت بسبب التقلبات بسعر الصرف عقب انتشار الأنباء عن تخفيض قيمة العملة. ندفع للتجار بالدولار ونبيع بالدينار”. إشارة إلى سعر الصرف غير الرسمي للدولار الواحد تراوح 1200 و1240 ديناراً، ولكنه سرعان ما ارتفع وبلغ 1400 دينار، بحسب ما كتبت الصحيفة.
ومثل لبنان، يستنزف العراق احتياطي العملات الصعبة. ونقلاً عن وزير المالية العراقي علي علاوي، فإنّ العراق يواجه عجزاً قياسياً السنة المقبلة بقيمة 40 مليار دولار. وبالعودة إلى مشروع الموازنة المسرب، فقد فرمل مقترحات حكومية سابقة بخفض رواتب القطاع العام التي تشكل نسبة 80% من الإنفاق الحكومي، وفقاً للصحيفة. وعلّقت الصحيفة محذرةً من أنّ الرواتب معرضة لخطر كبير.
وعلى الرغم من أنّ زبائن صباح يتقبّلون على مضض الزيادة بنسبة 25% التي بات يضيفها على الفواتير، حذّر من أنّ العواقب وخيمة ستتجلى خلال فترة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة.
لعبة الصرافين
ومثل لبنان، يلعب الصرافون دوراً بارزاً في أزمة الدولار. فمن جهته، قال أحد الصرافين للصحيفة: “سأنتظر وأرى كيف تسير الأمور. تشير شائعات إلى أنّ الحكومة قد تتراجع وتطبّق سعر الصرف السابق”. في السياق نفسه، قال صراف ثانٍ: “بما أنّ السعر غير مستقر، أشتري الدولار بـ1400 دينار وأبيعه بـ1460 ديناراً”، مضيفاً أنّ الطلب على الدولار ارتفع بنسبة 50% بالمقارنة مع الأسبوع الفائت.
إجراءات “لا بد منها”
الصحيفة التي تخوّفت من توسع رقعة الاحتجاجات الشبابية لتطال موظفي القطاع العام، نقلت عن علاوي تحذيره من نضوب احتياطي العملات الصعبة في فترة تقل عن 6 أشهر، ما لم يتم اتخاذ إجراءات تقشفية. وكتبت الصحيفة: “بعبارة أخرى، تخفيض قيمة العملة علاج ضروري لكنه مر. إلاّ أنّه لن يكون كافياً”.
التوافق سيد الموقف في العراق أيضاً. ففي حديث مع الصحيفة، أكّد عضو كتلة المستقبل النائب سركوت شمس الدين (كردي) أنّ تخفيض قيمة الدينار “تم تعاون كامل مع جميع الأحزاب السياسية الرئيسية”.
اضطرابات أمنية
وفي حين حذرت الصحيفة من اضطرابات أمنية العام المقبل “ما لم يتم التراجع”، تحدّثت عن نشر السلطات في البلاد عناصر مكافحة للشغب حول المصرف المركزي في بغداد بعدما شهدت البلاد احتجاجات جديدة عصر أمس الاثنين.
وفي هذا الصدد، ذكّرت الصحيفة بالخلاف الذي اندلع على خلفية رواتب عناصر “الحشد الشعبي” في ذروة الحرب ضد تنظيم “داعش”، محذرةً من أنّ “الآتي قد يكون أسوأ”. وأضافت الصحيفة: “لكن الوضع اليوم أسوأ بكثير”، نظراً إلى أنّ المؤشرات القليلة إلى تعافي أسعار النفط لا ترقى إلى المستوى الذي تطلبه الحكومة لدفع الرواتب. كما لم تستبعد الصحيفة حصول اشتباك جديد تحت لواء “الحشد الشعبي”.
ماذا يقول الخبراء؟
في تعليقه، استبعد الخبير العراقي سجاد جياد أن يؤثر تخفيض سعر الدينار على مسألة تأخر رواتب العناصر الأمنية، نظراً إلى أنّ الحكومة أعطت أولوية لدفع رواتب قوات الأمن خلال سنوات عديدة ماضية، حتى أثناء الأزمات. في المقابل، حذّر جياد من تخفيض الرواتب وفرض ضرائب، قائلاً: “عندها ستبدأ (الإجراءات) بإيذاء الناس، لا سيما قطاع الأمن”.
وأمس، شهدت الأسواق العراقية، الاثنين، انخفاضا في سعر صرف الدولار بعد يوم على رفعه من قبل الحكومة العراقية ووصوله إلى 1450 دينار عراقي مقابل كل 100 دولار.
وتداولت الأسواق المحلية في العاصمة بغداد كل 100 دولار مقابل 143,000 ألف دينار عراقي، وفي محافظات إقليم كردستان، كان كل 100 دولار 141,500 دينار.