زيارة ماكرون وإلقاء نظرة الوداع على لبنان القديم؟
في خلاصة مختصرة للوضع اللبناني، طار تشكيل الحكومة وسقطت المبادرة الفرنسية حيث بات مصيرالكيان والنظام في مهب الريح على وقع سجال سياسي بعدما نزعت السلطة مكابح السيارة وقررت الذهاب إلى المجهول.
يستذكر سياسي عاصر لبنان القديم قبيل إتفاق الطائف محطات امعنت فيها السلطة السياسية تخريب الدولة من أجل تأمين مصالحها، أبرزها تفضيل اندلاع حرب أهلية العام 1975 على تجديد صيغة الحكم وإجراء إصلاحات حقيقية في بنية النظام السياسي، والأفظع كان العام 1989عندنا فضل المعنيون الفوضى على انتخاب رئيس جمهورية ما أسس عمليا لظاهرة ميشال عون، أي القفز من رحم المؤسسات الرسمية وتحديدا الجيش إلى رحاب الحياة السياسية.
يمكن تشبيه زيارة ايمانويل ماكرون بعد اسبوع كمن يأتي من أجل إلقاء نظرة الوداع على نظام سياسي ولد من رحم الانتداب الفرنسي وأراد الاستقلال قولا وليس فعلا، خصوصا وان المندوب السامي الاخير بول بينيه غادر لبنان على وقع “سيندم اللبنانيون لاحقا عندما تتفكك الدولة وتنهار على وقع الصراعات العبثية لزعامات متخلفة”.
في هذا الصدد، يؤكد متابعون أن الموقف الاميركي من لبنان لا يحتاج إلى براهين حول قناعة راسخة تتعلق بإنقضاء صلاحية الطبقة السياسية الحالية مهما بلغت القوى المحلية المكابرة، فيما لحقت فرنسا والاتحاد الأوروبي بالركب الأميركي لناحية الاستياء البالغ من تحقيق امل يرتجى، وبالتالي ليس من سبيل سوى الحصار وفرض العقوبات حتى تحقيق التغيير الشامل.
الثابت الوحيد، يتعلق بعدم تنازل المحور الغربي، إن جاز التعبير، عن لبنان لصالح إيران وحلفائها رغم وجود تفاوت بسيط في طريقة تحقيق الهدف، والأسباب لا تتعلق بالمصلحة اللبنانية حكما بل بالمصالح الحيوية للدول المعنية في شرق المتوسط خصوصا مع احتدام الموقف الأوروبي والفرنسي تحديدا مع تركيا والصراع حول ثروات النفط والغاز في بحر المتوسط.
في هذا الصدد، يؤكد احد السياسيين على أن 4 آب المنصرم تاريخ مفصلي للبنان كما كان 13 نيسان 1975 الذي كان مفتاح الحرب الأهلية مع بوسطة عين الرمانة، ويعتبر المذكور أن إفرازات الحرب الأهلية انتجت تقسيم لبنان إلى كيانات طائفية حتى عقد إتفاق الطائف وتعديل صيغة الحكم في حين يلف الغموض تداعيات انفجار 4 آب غير انها بالتأكيد أشد فتكا وأكثر عنفا.