“هآرتس”: اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل ما زال بعيدا
وأوضحت صحيفة “هآرتس”، في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أن “المحادثات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل التي بدأت قبل شهرين تقريبا، تبدو الآن وكأنها تواجه طريقا مسدودا”، مضيفا: “إسرائيل تنسب التجميد للمقاربة المتصلبة جدا للطرف اللبناني”.
ونوهت إلى أن “الحكومة في لبنان، الموجودة في أزمة اقتصادية وسياسية شديدة، علقت آمالا كبيرة على التوصل إلى اتفاق يمكنه تسريع بداية الفحوصات من قبلهم في مخزونات الغاز في البحر المتوسط، ولكن يبدو أن الاتفاق ما زال بعيدا”، موضحة أن “المحادثات بين الطرفين، التي بادرت إليها الولايات المتحدة، تجري في مجمع للأمم المتحدة في رأس الناقورة، وحتى الآن عقدت 4 لقاءات، استمر كل منها مدة 3 – 5 ساعات”.
ولفتت إلى أن “المحادثات تجري في خيمة كبيرة، تحت قيود التباعد بسبب كورونا، والاتصالات توصف بأنها موضوعية وهي عالقة تماما”، منوهة إلى أن “الحدود البحرية تحولت لمسألة أكثر إلحاحا مقابل الأزمة الداخلية التي تعمقت في هذه السنة في لبنان، خاصة بعد الانفجار التدميري الذي وقع في ميناء بيروت في آب الماضي، وفي المقابل اعتبرت إسرائيل المسألة بسيطة نسبيا”، بحسب زعم الصحيفة.
وأفادت بأن “مساحة المنطقة المختلف عليها الأصلية تبلغ 850 كم مربع، أي 2 في المئة من المياه الاقتصادية التي تسيطر عليها إسرائيل، وفي هذه المنطقة يوجد خزان الغاز الذي يعنى به اللبنانيون، في حين أن إسرائيل سبق وبدأت قبل سنوات في استغلال مخزونات الغاز التي توجد في “منطقتها”.
ونبهت “هآرتس”، بأن “طريقة الاحتساب التي سيستند إليها ترسيم الحدود معقدة جدا ومعرفة في مواثيق دولية، والمشكلة الأساسية هي غياب حدود برية دولية متفق عليها، حيث أن الجانبين يستندان على اتفاقات هدنة من عام 1949 وعلى خط رسمه ضباط بريطانيون وفرنسيون في 1923، استمرارا لاتفاقات “سايكس بيكو”، ولكن الضابطين اللذين حددا الخط في منطقة الشاطئ قاما بوضع البرميل التأشيري الأخير على بعد 150 مترا شرق المياه، في منطقة يوجد فيها الآن موقع لسلاح البحرية في رأس الناقورة”.
منطقة الخلاف
وأضافت: “هذه الحقيقة تثير حتى الآن النقاش على مكان النقطة الثابتة على الشاطئ مع فجوة تبلغ 30 مترا بين موقف الطرفين، ولأنه يوجد خلاف على تحديد زاوية الخط فيما بعد، وجد المثلث الذي يناقشونه الآن”.
وبينت أنه “في 2007 قام لبنان وقبرص ببلورة اتفاق لترسيم الحدود البحرية الاقتصادية بينهما، ولكن حكومة لبنان لم تصادق عليه، والنقطة التي تقع في أقصى الجنوب في الاتفاق بين لبنان وقبرص تسمى نقطة رقم “1”، وإسرائيل أودعت لدى الأمم المتحدة بيانا عن هذه النقطة في 2010 وصادقت عليها بقرار حكومي، وبهذا ترى أن هذه النقطة هي الحدود المعلنة مع لبنان”.
وفي ذات السنة، “أودع لبنان خطا خاصا يبدأ في النقطة “23” الأكثر جنوبا، وعندما أصدرت إسرائيل مناقصات لخزانات غاز في “مياهها”، أخذت في الحسبان الخلاف وامتنعت عن التطرق في المناقصات للمنطقة التي تقع بين النقاط 1 وحتى 23”.
وفي 2013، و”أثناء مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، أزاح لبنان طلبه بخصوص الخط إلى نقطة أكثر جنوبا، بصورة أضافت لمنطقة الخلاف 1450 كم أخرى، وطالب بملكية أيضا على حوالي نصف خزان الغاز “كريش” الإسرائيلي”.
وفي الفترة ذاتها بحسب الصحيفة “قدمت واشنطن اقتراحا توافقيا؛ تطرق لمنطقة الخلاف الأصلية الـ850 كم مربع، وأرادت تقسيمه تقريبا بصورة متساوية، 55 في المئة للبنان و45 في المئة لإسرائيل، ولكن الجهود الأمريكية فشلت، وعددت تل أبيب ما لا يقل عن 7 تغييرات في الخط الذي رسمه لبنان طوال 13 سنة حتى المفاوضات الحالية”.
تجميد الاتصالات
وذكرت أن “إسرائيل تجد صعوبة في تفسير الخط المتصلب الذي يعرضه لبنان الآن؛ وأحد التفسيرات هو أن لبنان غير معني حقا بالاتفاق، بل هو طلب فقط أن يظهر لإدارة دونالد ترامب بأنه مستعد للتفاوض من أجل ألا يعرض نفسه لخطر التشاجر مع الأمريكيين”.
تفسير آخر؛ يدعي أن الوفد اللبناني جاء “بأسلوب البازار الشرق أوسطي، الذي يقول: “خذ بقدر ما تستطيع”؛ يتم عرض خط متشدد بقدر الإمكان، وفي النهاية سنتنازل بطريقة ما، وربما أيضا أن أسباب التصلب تكمن في الديناميكية الداخلية أمام حزب الله الذي اضطر إلى الموافقة على بدء المفاوضات، لكنه غير متحمس تماما لها، وأما إيران بصورة مثيرة للاهتمام فتحافظ على الصمت”.
ورأت أن “مشكلة لبنان؛ أن الجمود في المفاوضات يعيق بدء التنقيب عن الغاز، الذي بخصوصه وقع على عقود مع شركات فرنسية وإيطالية وروسية، وهذه الشركات لن تبدأ بالتنقيب طالما أن إسرائيل لا توافق على الخط”.
وأشارت إلى أن “إسرائيل تعتبر أن لبنان اجتاز العقبة الكأداء بمجرد موافقته على إجراء محادثات حول ترسيم الحدود، في حين قرار السماح للغاز بالبقاء في الأرض بدون استخدام لا يبدو قرارا منطقيا بنظرة من الجانب الإسرائيلي، خاصة عندما يدور الحديث عن إمكانية كامنة لضخ عشرات مليارات الدولارات في الاقتصاد اللبناني المتعثر”.
وكشفت عن جهود أميركية لمحاولة لتحديد موعد لاستئناف المفاوضات، ولكن واشنطن “ألغت جولة مفاوضات تم التخطيط لها في بداية شهر كانون الأول الحالي بعد أن تبين لهم حجم الفجوة بين مواقف الطرفين”.
وذكرت “هآرتس”، أن “الخوف الآن هو أنه على خلفية تبدل الإدارات في واشنطن، سيتم تجميد الاتصالات لفترة طويلة، واحتمالية حل الخلاف ستتضاءل بصورة ملحوظة، في حين إسرائيل ما زالت تقدر أن هناك إمكانية لربح الطرفين، عبر اتفاق يخدمهما، ولكن احتمالية ذلك في هذه الاثناء تبدو أقل مما كانت في شهر تشرين الأول الماضي”.
lebanonfiles