الدعم.. تضارب في المقاربات بين “الرفع” و”الزيادة”
تختبئ السلطة خلف أصبعها بما يتعلق بايجاد الحلول للازمات الاقتصادية والمعيشية فهي لا تزال تناورلانها لا ترغب بالذهاب نحو المعالجة الجذرية للمشكلة المالية، فاليوم الماراثوني امس في السراي الحكومي والذي شهد ورش عمل مكثفة خصصت للبحث في ما يسمى بترشيد الدعم، انتهى بمجموعة توصيات تكاد تكون اشبه بقرارات الحبر على الورق خاصة وان الحكومة تقاعست ولا تزال عن اتخاذ اية اجراءات حقيقية تحد من الازمة الراهنة.
لقد تضمنت رؤية المجتمعين امس المعايير التالية:
– عدم المساس بسعر رغيف الخبز.
– دعم الأدوية الأساسية وأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية.
– الإبقاء على دعم المواد الغذائية الأساسية.
– تأمين مقومات استنهاض القطاعين الزراعي والصناعي.
– دراسة آلية كيفية تخفيض الفاتورة النفطية.
– تسريع دراسة بطاقة الدعم التمويلية.
وبانتظار وضع الصيغة المتكاملة والتفصيلية لهذه الرؤية خلال مدة أسبوع، يقول نائب رئيس لجنة حماية المستهلك في نقابة المحامين المحامي عيسى نحاس لـ”لبنان24″ إن الوضع الاقتصادي والمعيشي الضاغط يرتب زيادة الدعم لا تخفيضه او حتى ترشيده، من منطلق ان المعنيين يتغافلون عن بعض الحقائق التي لا بد من التذكير بها:
المواطن أودع جنى عمره في قطاع مصرفي ودولته استولت على ودائعه لتصرفها على مشاريع هدر، فضلا عن انها لجأت في الاشهر الماضية الى دعم سلع أساسية كالطحين والوقود والدواء من جيب المواطن.فهذه الدولة نفسها ممثلة بتعاميم حاكم مصرف لبنان تارةً وبأعضاء في السلطة التنفيذية طوراً منعت المواطن سحب ودائعه بالدولار الأميركي وصرفت له مبالغ صغيرة على أساس سعرالصرف /3900/ ل.ل. للدولار الواحد ثم أعطت دولاراته إلى الصرافين من فئة (أ) ليتبين أنهم تاجروا بها في السوق السوداء. وهؤلاء الصرافين تلاعبوا بالعملة الوطنية ومدعى عليهم بالتواطؤ مع موظفين في مصرف لبنان وبعض المسؤولين عن المصارف، لكنهم خرجوا بكفالة، واضفت السلطة التنفيذية الصفة الرسمية على أعمالهم الامر الذي دفع المواطنين مجددا الى بيع عملاتهم الأجنبية بعد التغطية الرسمية للصرافين الذين احتكروا العملات الأجنبية ورفعوا سعر صرفها.
لقد زود مصرف لبنا الصرافين بدولارات على أساس سعر صرف /3.900/ ل.ل. ليتبين في ما بعد أنهم تاجروا بهذه الدولارات في السوق السوداء وباعوها بالسعر المرتفع والدعوى قيد النظر والمتابعة من النيابة العامة الاستئنافي في جبل لبنان.
ما تقدم يعني بحسب نحاس أن الدولة وهي كل لا يتجزأ بسلطتها التنفيذية والتشريعية وحاكم منصرف لبنان وبالتواطؤ مع “دولة الصرافين ومحتكري الأموال” ممن يطلق عليهم الفئة “أ” استولت على أموال المودعين وباعتها للناس وهدرت المال العام لا بل ألزمت المواطن بابتياع العملات الأجنبية من الصرافين الذين زودتهم بعملات أجنبية، واليوم تحاول الايحاء للراي العام انها منهمكة بمساعدته عبر ترشيد الدعم، في حين أن المصلحة العامة تقتضي زيادة الدعم وتامين السلع الأساسية والخدمات الرئيسية من استشفاء ودواء ومواد غذائية أساسية وتربية وتعليم بعد ان تسببت مجتمعة بالاحتيال وخطف أموال الناس بتخفيض القوة الشرائية نحو ست مرات والشروع نحو تشكيل حكومة والقيام بالاصلاحات المطلوبة منها في قطاعات مختلفة.
واذا كان من المستحيل الحديث عن تصحيح الأجور، والرهان على البطاقة تمويلية، فلا مجال إلا في زيادة الدعم على السلع الأساسية على ان تترافق الزيادة مع تدابير تطال ملاحقة محتكري المال ومصادرة الأموال غير المشروعة ومكافحة تبييض الأموال وإنشاء منصة الكترونية للصرافة بعد إحالة الصرافين إلى المحاكمة وحجز أموالهم وإعطاء رخص صرافة للدخول في المنصة على أسس علمية وتقنية وإصلاح القطاع المصرفي الخ…
في المقابل يرى الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين في حديث لـ”لبنان 24″ ان الدعم يجب ان يرفع كليّاً عن كل المواد الاستهلاكية بانواعها كافة والادوية والمحروقات على ان تحول كل الأموال التي تذهب من مصرف لبنان للدعم الى المصارف لتقوم الاخيرة باعطاء المودعين اموالهم التي يسحبونها في الشهر بالدولار الذي سوف ينخفض سعرصرفه امام الليرة بعدما يتوفر في السوق مجدداً، من هنا يقترح شمس الدين على المعنيين اللجوء الى تحويل جزء من الـ700 مليون دولار المخصّصة للدعم مباشرة الى من يحتاجها.
وبالتالي، فان كل الاجتماعات لا يمكن ان توحي باي تفاؤل بانخفاض في سعر صرف الدولار او تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، طالما ان الذهنية السياسية لا تزال تقارب الازمة من مصلحتها الانية الضيقة، وكأن هناك من يرغب في ابقاء الازمة الاقتصادية على حالها، خاصة وان الدعم الذي اعتمدته الحكومة في الاشهر الماضية استفاد منه التجار والمستوردون والوسطاء على وجه الخصوص فضلا عن المصارف التي حافظت على نسبة معينة من الربحية.