“بينغ بونغ” حكومي بين عون والحريري.. والشارع يغلي!!
كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: من قصر بعبدا حيث الـ″بينغ بونغ″ الحكومي بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، الى السراي الكبيرة حيث البحث في كيفية مصادرة آخر ما تبقى من لقمة عيش اللبناني وحياته الكريمة تحت شعار ″ترشيد الدعم″، مزيد من الغضب الشعبي الذي تفجر في الشارع أمس من بيروت الى طرابلس إحتجاجا على إنعدام المسؤولية الوطنية لدى قيادات سياسية دفعت البلاد الى الانهيار وفشلت في حماية شعبها، وما تزال ترفض تشكيل حكومة للانقاذ بفعل خلافاتها على الحصص والمكاسب.
نصف ساعة في قصر بعبدا بعد إنقطاع دام نحو أكثر من إسبوعين، كانت كفيلة بكشف حجم الهوة السحيقة بين الرئيسين عون والحريري، فالأول أكدت مصادره بأن التفاؤل الذي سبق زيارة الرئيس المكلف كان مبالغ فيه، والثاني كانت ملامح وجهه لدى خروجه كفيلة بالتعبير عما دار في اللقاء.
قد تكون زيارة الحريري الى بعبدا قد رمت حجرا في بركة الملف الحكومي الراكدة، لكنها لم تحقق تقدما في عملية التأليف التي يتقاذف الرئيسان كرتها على طريقة “البينغ بونغ”.
في الشكل، فإن الحريري قدم تصورا جديدا حول التشكيلة الحكومية من 18 وزيرا لرئيس الجمهورية الذي طلب منه أن يعود الأربعاء لمزيد من التداول والتشاور، على أن تشهد الفترة الممتدة من مساء الاثنين الى ما بعد ظهر الأربعاء بحسب المصادر إتصالات مكثفة محلية ودولية بهدف تقريب وجهات النظر والوصول الى قواسم مشتركة تفضي الى تشكيل حكومة إنقاذ تكون هدية للبنانيين قبل الأعياد، وتقدم شهادة “حسن سلوك” الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل زيارته المرتقبة الى لبنان في 21 الشهر الجاري.
أما في المضمون، فإن كل المعلومات تشير الى أن الظروف السياسية داخليا وخارجيا ما تزال غير مهيأة لتشكيل الحكومة.
الحريري لم يتسلم أسماء وزراء “الثنائي الشيعي” الذي يشترط قبل تسليمهم إليه التفاهم مع رئيس الجمهورية الساعي الى إعادة تعويم جبران باسيل سياسيا، بثلث معطل يعطيه نفوذا في الحكومة، وبوزارة الطاقة التي ليس سهلا على باسيل بعد نحو عشر سنوات من سيطرته مع تياره عليها وعلى مشاريعها وإتفاقياتها أن يسلمها الى تيار آخر أو الى وزير مستقل ليس له أي سلطة عليه، لأن ذلك بحسب مصادر مواكبة “سيكشف الكثير من الملفات الدسمة التي لن تكون في مصلحة باسيل وتياره”.
وترى هذه المصادر أن الحريري قد لا يكون مستعجلا أيضا، إنطلاقا من خشيته من الغضب الأميركي في حال كانت أسماء وزراء الثنائي الشيعي مستفزة للولايات المتحدة، ومن مصلحته في إنتظار ما ستؤول إليه عمليات “ترشيد الدعم” التي من المفترض أن تتحمل حكومة تصريف الأعمال وزرها على قاعدة “يا رايح كتر قبايح” وهو يرى أنه من الأفضل أن يعالج تداعيات “ترشيد الدعم” مع المساعدات التي يمكن أن تصل في حال شكل الحكومة، أفضل من أن تتسبب القرارات الأولى لحكومته بإعادة تأجيج الثورة التي بدأت بالتحرك إحتجاجا.
يضاف الى ذلك العامل الخارجي، لجهة إنتظار إنقضاء ولاية دونالد ترامب من دون أي عمل عسكري يخشاه كثيرون، ودخول بايدن الى البيت الأبيض ومحاولة الاستفادة من السياسة الأميركية الجديدة تجاه الشرق الأوسط.
أمام هذا الواقع، وبعد مناقشة الرئيس الفرنسي الوضع اللبناني مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبعد الدعم الذي تلقاه ماكرون من الاتحاد الأوروبي الذي تبنى المبادرة الفرنسية تجاه لبنان، من المفترض أن يتنامى الضغط الفرنسي والأوروبي على حد سواء لتذليل كل تلك العراقيل وولادة الحكومة قبل زيارة ماكرون الى لبنان، وإلا فإن لبنان سيكون في وضع محرج جدا، خصوصا في ظل المعلومات التي تؤكد بأنه إذا لم تشكل الحكومة فإن ماكرون سيأتي الى لبنان ويتفقد كتيبة بلاده العاملة ضمن قوات اليونيفل، من دون أن يلتقي أي من الرؤساء والمسؤولين، الأمر الذي سيضاعف من الاساءات الى صورة لبنان.
المصدر: سفير الشمال