حرب مراسيم ومواجهة جديدة.. السياسة تسللت إلى تحقيقات المرفأ!
كتبت جوني فخرب في “العربية”: بعد مرور حوالي 40 يوماً على الانفجار الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت، لا يزال اللبنانيون يترقبون الإعلان عن أسماء المسؤولين عن مأساتهم تلك التي خلفت أكثر من 191 قتيلاً وآلاف الجرحى، في حين تفيد بعض الوقائع على الأرض، بأن السياسة والتدخلات بدأت تتسلل إلى هذا التحقيق.
فقد عاد اسم مدير عام الجمارك بدري ضاهر، إلى تصدر المشهد خلال اليومين الماضيين، لا سيما بعدما أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أمس أن عدم توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على المرسوم الذي وقّعه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب ووزير المال بإعفاء ضاهر من مهماته، جاء عملا بمبدأ المساواة مع جميع الموظفين.
فما الذي حصل؟
ضج الشارع اللبناني قبيل يومين بخبر رفض رئاسة الجمهورية التوقيع على مرسوم إعفاء مدير عام الجمارك، الذي نقل أمس السبت إلى المستشفى، من منصبه.
إلا أن مصادر الرئاسة أفادت لـ”العربية” بأن مشروع المرسوم هذا استند إلى قرار مجلس الوزراء في 10 آب الماضي الذي تضمن وضع جميع الموظفين من الفئة الأولى الذين تقرر أو سيتقرر توقيفهم بسبب الانفجار في مرفأ بيروت في تصرف رئيس مجلس الوزراء بعد إعفائهم من وظائفهم.
كما أوضحت أن جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في 10 آب الفائت قررت وضع كل الموظفين من الفئة الأولى والثانية المعنيين بالمرفأ تحت تصرف رئاسة الحكومة، وبنتيجة التحقيقات المتواصلة تم توقيف حتى الآن نحو 21 موظفاً موزّعين بين مديرين عامين (فئة أولى) ورؤساء مصالح ودوائر (فئة ثانية) وضباط وموظفين مدنيين، والمديرية العامة لمجلس الوزراء أرسلت مرسوماً واحداً يتضمّن إعفاء المدير العام للجمارك من وظيفته في حين أن عليها إعداد مراسيم بكل الموظفين الموضوعين بالتصرّف، من هنا طلب رئيس الجمهورية إرسال مرسوم واحد يتضمّن إعفاء كل الموظفين الذين تثبت إدانتهم تمهيداً لإصداره دفعة واحدة بعد توقيع المعنيين”.
إلى ذلك، سألت المصادر نفسها “لماذا لم تُرسل المديرية العامة لرئاسة الحكومة مراسيم تضمّن إعفاء موظفين آخرين غير مدير عام الجمارك مثل مدير عام المرفأ حسن قريطم ورؤساء مصالح آخرين”.
والمقصود بوضع موظف تحت تصرّف رئاسة مجلس الوزراء، عدم ممارسته لوظيفته أو أي وظيفة أخرى بموجب القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ولا يمكن بالتالي تكليفهم بمهام جديدة إلى أن يبتّ القضاء بالقضية التي يخضعون على أساسها للتحقيق.
إعفاء مدير عام النقل البحري والبريد
من جهتها، قالت مصادر رئاسة مجلس الوزراء لـ”العربية ” “إننا رددنا مجدداً إلى رئاسة الجمهورية مرسوم إعفاء المدير العام للجمارك من مهماته مرفقاً بكتاب يتضمّن جواباً حول سبب إعادة ردّ المرسوم وتذكير بقرار مجلس الوزراء في هذا الإطار”.
كما أوضحت “أن المراسيم الخاصة بموظفي الفئة الثانية من صلاحية الوزراء المختصين، وتلقّينا الجمعة من وزارة الأشغال العامة والنقل مرسوم إعفاء مدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي الموضوع رهن التحقيق وأرسلناه مباشرةً إلى وزير المال ليوقّعه ثم يعود إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال ليوقّعه أيضاً ثم يُرسل إلى رئاسة الجمهورية”.
مواجهة جديدة
وفي حين وضعت مصادر مطّلعة لـ”العربية ” ما يحصل بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية في سياق “المواجهة الجديدة” سببها هذه المرة بدري ضاهر المحسوب على “التيار الوطني الحر” الذي يرأسه صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل، ومحاولة للفلفة القضية وتبرئة ضاهر، أوضح المدعي العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي لـ”العربية ” “أن خطوة رئاسة الجمهورية بعدم التوقيع على مرسوم إعفاء المدير العام للجمارك هدفها الإبقاء عليه في وظيفته حتى إثبات إدانته وإصدار حكم بحقه”.
كما أوضح قائلا “الموقوف بريء حتى تثبت إدانته، وهذه الحالة تنطبق على المدير العام للجمارك حتى لو صدر بحقه مذكرة توقيف وجاهية، من هنا أتت خطوة رئاسة الجمهورية بعدم التوقيع على مرسوم إعفائه من مهامه، لأنه من الناحية القانونية إذا ثبتت براءته بعد مدة لا يمكن إعادته إلى وظيفته في حال تم توقيع مرسوم إعفائه من مهامه”.
مسار التحقيق بطيء
يأتي هذا التجاذب، في وقت يواصل المحقق العدلي القاضي فادي صوّان تحقيقاته في القضية، فقد استمع يوم الاثنين الى شهادتي وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا وذلك في جلستين منفصلتين، بعدما كان استمع إلى شهادة وزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر الذي كان وزيراً للأشغال العامة والنقل عندما دخلت باخرة روسوس المُحمّلة بنترات الأمونيوم، ونجله كان المحامي الذي كان صلة الوصل بين السفينة وبين مكتب “بارودي”.
ويستكمل المحقق العدلي الاستماع إلى إفادات الوزراء الذين تعاقبوا على وزارات الأشغال والمالية والعدل منذ العام 2013
وسيستمع الاثنين 14 أيلول الى إفادة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وفي السياق، اعتبر المدعي العام التمييزي السابق “أن التحقيقات حتى الآن تسير ببطء لا نعرف أسبابه، مع العلم أن التحقيقات تشمل المتعاقبين على إدارة المرفأ منذ العام 2013 وحتى اليوم”، متوقّعاً “أن تطول التحقيقات بسبب تشعّب المسؤوليات منذ 2013 وحتى اليوم”.
المصدر: العربية