لا حكومة ولا تدقيقا جنائيا… فما مصير المبادرة الفرنسية؟
جاء في وكالة “المركزية”:
يمكن تلخيص الصورة الحكومية منذ اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، في 9 تشرين الثاني الفائت، على النحو الآتي: بين بعبدا وبيت الوسط لعبة عض أصابع ليس رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بعيدا منها. فالرئاسة لا تزال تنتظر أن يقدم الحريري تشكيلة كاملة ليبنى على الشيء مقتضاه. في المقابل، تفيد معلومات صحافية بأن الحريري أعد تشكيلة من 18 وزيرا، لكنه يتريث في تقديمها إلى عون لئلا يصطدم بالبطاقة الرئاسية الحمراء. أما باسيل، فقد أدخل إلى الصورة معطى جديدا تمثل في فتح باب المشاركة في الحكومة، مع العلم أن المبادرة الفرنسية دعت إلى تأليف فريق من الاختصاصيين المستقلين لوضع البلاد على السكة الاصلاحية.
وفيما يعتبر البعض أن كباشا سياسيا معقدا من هذا النوع لا يسهل على الرئيس المكلف مهمة السير في طريق مزروعة بالألغام، فإن مصادر سياسية لفتت عبر “المركزية” إلى أن الأحداث التي سجلها شريط الأيام الأخيرة من شأنها أن تطرح تساؤلات جدية حول مصير المبادرة الفرنسية. وفي السياق، أشارت المصادر إلى أن انعقاد المؤتمر الدولي المقرر غدا لحشد المساعدات الانسانية للشعب المنكوب جراء انفجار المرفأ يحمل إشارة قاسية إلى الطبقة السياسية اللبنانية. فمن الواضح أن فرنسا تريد تأكيد تمسكها بخطة الرئيس ايمانويل ماكرون الانقاذية للبنان لحفظ موقعها على خريطة المنطقة. غير أن هذا لا ينفي أن الثقة الدولية بالمتمسكين بزمام القرار في لبنان معدومة. بدليل الخيبة الدولية التي ما عاد أحد يخفيها إزاء الاخفاق اللبناني في تأليف حكومة المهمة، مع العلم أن جميع المعنيين بهذا الملف كانوا وافقوا على هذا الطرح في الاجتماع الشهير الذي عقد في قصر الصنوبر، قبل ثلاثة شهور بالتمام والكمال.
وذكّرت المصادر أن ماكرون، الذي تعصف ببلاده موجات احتجاجية جديدة مطبوعة بالعنف بين المتظاهرين ورجال الشرطة، عبر في اتصاله الأخير بنظيره اللبناني ميشال عون، عن هذا الامتعاض، مجددا تأكيد أن على لبنان واجبات من المفترض اتمامها تمهيدا لنيل المساعدات المادية المطلوبة. غير أن المصادر نبهت إلى أن الفشل في إطلاق مسار التدقيق الجنائي في حسابات الدولة وإداراتها ومؤسساتها يعد أيضا نقطة سوداء في سجل تعامل لبنان مع المبادرة الفرنسية. وشددت على أن في وقت تشير معلومات متداولة في الكواليس إلى أن خطة ماكرون لم تشر بوضوح إلى إجراء التدقيق الجنائي، فإن المصادر أكدت ان الرئيس الفرنسي أتى على ذكره في المؤتمر الصحافي الذي أعقب اللقاء الموسع مع رؤساء الكتل والأحزاب في السفارة الفرنسية. غير أن الأهم، بل الأدهى، أن بيروت لم تتلقف هذه الاشارة، بدليل ما انتهت إليه جلسة مجلس النواب بوم الجمعة الفائت، حيث أن المجلس أصدر قرارا لا يحمل الصفة الالزامية، ويؤكد صحة موقف حاكم البنك المركزي رياض سلامة، الذي ذكّر الجميع بأن قانون السرية المصرفية الذي لا يزال ساري المفعول يمنع “المركزي” من تسليم شركات التدقيق كل المستندات، وهو “مطب” لم يعمل نواب الأمة على معالجته. قد يكون هذا ما دفع إلى انتشار معلومات عن عقوبات قريبة على قطاع المصارف، ترجح المصادر، مستبعدة اندثار المبادرة الفرنسية راهنا، على الأقل في انتظار تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه رسميا في كانون الثاني المقبل. إلا أنها تحذر من أن للصبر الفرنسي والدولي حدودا قد لا تتأخر في الظهور