هل انطلق مشوار “لفلفة” انفجار المرفأ؟
جاء في “المركزية”:
هل سينضم ملف انفجار المرفأ، الى عشرات الجرائم والاغتيالات والتصفيات والعمليات الارهابية التي هزّت لبنان منذ عقود، فينام مثلها في ادراج الاهمال والنسيان، من دون لا حقيقة ولا محاسبة ولا عدالة؟
هذا السؤال بات مشروعا والخشية كبيرة من ان يكون جوابه ايجابيا، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. فمسار التحقيقات منذ اللحظة الاولى، لناحية الاشخاص التي شمل واكتفى بشمولها، وصولا الى المستجدات التي سجّلت على الخط في الايام القليلة الماضية، دلا الى ان الزلزال الذي دمّر العاصمة وسوّاها بالارض في ثوان، وقتل وشرد المئات ، يسرع الخطى نحو “اللفلفة” و”الضبضبة”، على الطريقة اللبنانية المعهودة، التي اتّبعت منذ عقود في كل الجرائم، مع العلم ان حادثة 4 آب، مختلفة من حيث الشكل وحجم الاضرار وعدد الضحايا، عن كل سابقاتها، بحيث ترقى الى ابادة جماعية لشعب وعاصمة بأكملها في لحظات.
وفق المصادر، التوجّه نحو “طمس” الحقيقة، بدأت معالمه تتظهر، ويتّخذ أوجها أوضح واخطر. كيف؟ من خلال لعبة تقاذف المسؤوليات التي انطلقت بين المقرات المعنية بالتحقيق. فمنذ ايام، بدا المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ فادي صوان، يبلغ الجميع انه قام بما عليه، ولا يستطيع الذهاب أبعد، راميا مسؤولية المضي قدما في كشف الحقيقة، في ملعب مجلس النواب. فقد وجّه رسالة إلى الاخير، عبر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، طالباً اتخاذ ما يراه مناسباً بشأن مسؤولية بعض الوزراء عن إهمال ساهم في وقوع انفجار المرفأ. ولفت في الرسالة إلى أن التحقيقات التي أجراها مع وزراء حاليين وسابقين كشفت عن شبهات حول مسؤولية الوزراء وتقصيرهم. اي ان صوان طلب تعاون المجلس النيابي لان ليس من صلاحيات القضاء العدلي محاكمة الوزراء، بل هذا الأمر من اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء.
فكيف ردّت السلطة التشريعية على خطوة صوان؟ بسلبية. تجسّدت في موقف رئيس المجلس نبيه بري أمس، حيث قال خلال اجتماع لهيئة مكتب المجلس “تسلّمنا الرسالة وقمنا باللازم وأجبناه”. وفي رده على رسالة صوان، أسف مجلس النواب “لمثل هذه الخطوة، التي لا تحترم مبدأ فصل السلطات المنصوص عليها في الدستور”. واعتبر المجلس أن “الرسالة انتقائية، لأنها ذكرت رؤساء الحكومات من دون تسميتهم، لكنها سمّت وزراء معينين، منهم: علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، ولم تحدد وزراء آخرين كانوا في الفترة ذاتها؛ من بينهم: سليم جريصاتي وألبير سرحان وغازي العريضي”. وخاطب كتاب مجلس النواب القاضي صوان بصفة “القاضي المذكور”، مذكّراً إياه بأنه قال في رسالته الموجّهة إلى المجلس إنه يستند إلى مستندات وتحقيقات، لكن من دون أن يرسل أياً من تلك المستندات والتحقيقات. وشددت رسالة المجلس على أن “ما قام به صوان يخالف المادة 80 من الدستور، والتي تنصّ على مهمة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
هذه المعطيات المقلقة، ستوصل حتما الملف الى الحائط المسدود، وستمنع كشف الحقيقة ومحاكمة الرؤوس الكبيرة التي تسبّب تقصيرُها، وعدم تحرّكها رعم معرفتها بوجود النيترات، بأكبر انفجار نووي يعرفه العالم منذ عقود. وفيما التعويل لا يزال كبيرا على القضاء، تتابع المصادر، رغم تشكيك اهل السلطة وآخرهم وزير الداخلية محمد فهمي، في قدراته ونزاهته، تقول المصادر ان رسوب السلطة القضائية في هذا الامتحان ستكون له تبعات خطيرة على لبنان الدولة وربما ايضا على السلم الاهلي. فذوو الضحايا ليسوا في وارد السكوت عن حقهم، تماما كما الاف المشردين، ومثلهم ايضا المجتمع الدولي الذي لا يبدو في وارد نسيان ما جرى، بحيث يذكّر المسؤولين اللبنانيين في وتيرة شبه يومية، بواجباتهم سياسيا وقضائيا. وبحسب المصادر، التسويف اللبناني، سيقود الى تفعيل المطالبات بتحقيق دولي في “جريمة العصر”، ولن يكون رهان البعض، على عامل الوقت لإخماد هذه الجزوة، في مكانه…