شقير: لإنجاز التحقيق بانفجار المرفأ وإصدار نتائجه أمام الرأي العام
عقدت الهيئات الاقتصادية اللبنانية مؤتمراً صحافياً في مقر غرفة بيروت وجبل لنبان تحت عنوان: ما ضاع حق وراءه مطالب، خصصته للمطالبة بالاسراع في انجاز التحقيق بانفجار مرفأ بيروت وللكشف عن آخر المستجدات الحاصلة على مستوى حقوق المتضررين لدى شركات التأمين، بمشاركة محافظ بيروت القاضي مروان عبود، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، ومختلف القطاعات الاقتصادية لا سيما القطاعات الاكثر تضرراً من إنفجار المرفأ.
وتحدث في المؤتمر الصحافي كل من رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، أمين عام الهيئات الاقتصادية – القطاع التجاري نقولا شماس، عضو الهيئات الاقتصادية-القطاع السياحي بيار أشقر.
بداية تحدث شقير فقال “112 يوماً على إنفجار مرفأ بيروت الكارثي وكأن شيئاً لم يكن. كارثة وطنية كبرى، عاصمة منكوبنة، شهداء وجرحى ومصابين ومهجرين وأرزاق وأعمال في خبر كان، فيما السلطة تتعاطى مع هذا الزلزال المدمر وكأنه حادث عادي”.
اضاف “في 12 تشرين الأول، أطلقت الهيئات الاقتصادية نداء استغاثة لتشكيل حكومة لإنقاذ لبنان، اليوم من جديد نعيد إطلاق النداء لعل هناك من يسمع ويستجيب لحاجات الناس وأوجاعهم، ولآلام بيروت الجريحة وأهلها المنكوبين، بدلاً من حرق الوقت وإضاعة فرصة المبادرة الفرنسية الانقاذية.. بهدف تعزيز المواقع والمصالح”.
وإذ أكد شقير على ان المعبر الوحيد لإنقاذ لبنان، وإعادة إعمار بيروت وإزالة آثار الكارثة تبدأ بتشكيل حكومة قادرة ومنتجة تستجيب لتطلعات المواطنين، إلا أنه شدد على “واجب وطني لا يقل أهميةً وعلى السلطة إتمامه، وهو إنجاز التحقيق بانفجار المرفأ وإصدار نتائجه أمام الرأي العام اللبناني والدولي، إنصافاً للعاصمة وللشهداء والمصابين والمنكوبين، وإيذاناً بدفع شركات التأمين الحقوق للمتضررين الذين لديهم بوالص تأمين”.
وأعلن شقير عن “مبادرة للهيئات الاقتصادية ستضعها في عهدة المسؤولين والقاضي فادي صوان المحقق العدلي في انفجار المرفأ، وهي تقضي بفصل التحقيق في الشق المتعلق بسبب الانفجار، أكان عمل ارهابي وأمني أم حادث عرضي، عن الشق المتعلق بالمسؤولية عن حصول الانفجار، لا سيما صاحب الباخرة ومن خلفها ومن سمح بتخزين المواد المتفجرة ومن أهمل وتغاضى وما الى هنالك”.
وقال “لذلك فإن الهيئات الاقتصادية ترفع الصوت وطالب بإعلان نتائج التحقيق المتعلقة بالشق الأول فوراً، لأن هناك أضرار تقدر بنحو ملياري دولار مؤمن عليها تنتظر صدور التقرير للحصول على الأموال”.
وتابع شقير “من المحزن ان تمر كل هذه الأيام السوداء على أهالي بيروت والمستثمرين في بيروت، في ظل وجود إمكانية حقيقية وكبيرة للبدء بورشة إعادة الاعمار، فيما السلطة تتعاطى بدم بارد مع هذه القضية الوطنية”، مؤكداً إن الهيئات الاقتصادية لن تسكت وستفعل كل المستطاع وبكل الوسائل المتاحة، لذا ستطلق آلية تحرك سريعة وفاعلة تجاه كل المسؤولين والمعنيين، لإحقاق الحق في هذه القضية الوطنية والوجدانية التي أشعلت قلوب كل اللبنانيين، ونقول: ما ضاع حق وراءه مطالب”.
وتحدث شقير حقوق المتضررين مع شركات التأمين، فقال “موقفنا واضح وهادف لتحقيق الآتي:
1- حصول المتضررين على حقوقهم التي توجبها بوالصهم التأمينية كاملة.
2- حصول المتضررين التعويضات مثلما تدفعها شركات إعادة التأمين في الخارج، أيfresh dollar”.
وشدد على “ضرورة التوقف عند ما جاء في كلام الوزير راوول نعمة في برنامج صار الوقت حول موضوع التأمين، الذي يثير الكثير من القلق والريبة والمخاوف:
أولاً: قال الوزير نعمة، ان كلفة الاضرار الاجمالية جراء انفجار المرفأ المؤمن عليها حوالي 1659 مليار ليرة، أي ما يعادل مليار و100 مليون دولار. وأردف قائلاً: ان الاضرار المدفوعة من قبل شركات التأمين حتى الآن حوالي 19 مليار ليرة من أصل 1659 مليار ليرة.
ماذا يعني هذا الكلام: هذا يعني ان الدفع بالليرة مع احتساب سعر صرف الدولار بـ1500 ليرة.
ويعني ايضاً، انه إذا تم إحتساب الأضرار على هذا الأساس، فلا إعادة بناء للمنازل والمؤسسات التجارية والمطاعم والفنادق والمكاتب المتضررة، يعني أيضاً ان إعادة العاصمة الى سابق عهدها سيتطلب أعواماً طويلة.
ثانياً: قال الوزير نعمة، ان تقييم حجم الأضرار جراء انفجار المرفأ الذي اعتمدته ونشرته وزارة الاقتصاد يرتكز فقط الى المسح والتقديرات والتقارير التي وضعتها شركات التأمين.
وهذا يعني، إن الوزارة والدولة كل الدولة لم تقم بواجباتها لإجراء مسح شفاف للأضرار ومنع أي عملية تلاعب وغش في تقدير الاضرار لدفع الحقوق كاملة لأصحابها”.
وأعلن شقير ان هذه المواضيع أيضاً ستكون محط متابعة حثيثة مع وزير الاقتصاد والمعنيين لأخذ إجابات نهائية حولها وللوقوف على حقيقة الأرقام وكيفية احتسابها، للبناء على الشيء مقتضاه”.
ولفت الى ان ما يثير الريبة أيضاً المعلومات الأكيدة الواردة الينا من الشوارع المنكوبة، التي تفيد عن عمليات مشبوهة ممهنجة تقوم بها بعض شركات التأمين باستغلال الحاجة الملحة لأصحاب المؤسسات والمنازل المتضررة لإجراء مصالحات معهم لقاء مبالغ أقل بكثير من الخسائر الحقيقية.
وختم شقير كلمته بتوجيه نداء الى كل وسائل الاعلام والى كل المسؤولين في الدولة لمتابعة هذه القضية التي هي بحجم وطن، كي لا تقتل بيروت مرتين.
وتحدث شماس فاعتبر ان “انفجار مرفأ بيروت ترك جرحاً عميقاً ونزفاً في وجدان كل لبناني لأسباب عديدة،
أولا: أهمية مرفأ بيروت من الناحية الجيواقتصادية للبنان كون يشكل متنفسه الوحيد بإتجاه العالم.
ثانيا: ارتباط المرفأ الوثيق والعضوي بالجوار المباشر الذي تناغم لعشرات ومئات السنين؛ وبالتالي الأضرار في محيطه ضربت النسيج الاجتماعي والحضاري اللبناني.
ثالثا: الأضرار الاقتصادية الهائلة؛ حيث تحدثت تقارير دولية عن مبالغ تقدّر بمليارات الدولارات، تتوزّع بين أضرار من جهة وخسائر غير مباشرة من جهة ثانية.
وقال شماس “تحدثت التقارير عن دمار قطر حوالي 5 كيلو متر في محيط المرفأ، وهو يضم ما لا يقل عن 5000 مؤسسة نظامية موزعة بين مؤسسات تجارية وحرفية ومطاعم وفنادق ومدارس وجامعات وكنائس ومطرانيات ومستشفيات، اضافة الى عدد من المؤسسات غير النظامية والتي تفوق الـ5000 مؤسسة ايضاً، وهي بمثابة مشكلة اذ انها تضم نسب كبيرة من النساء والشباب، أي الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة في المجتمع اللبناني”.
واستهجن شماس “غياب الدولة، في البداية والأشهر السابقة وحتى تاريخ اليوم، فباستثناء الهيئة العليا للإغاثة لم يقدم أحد لأسر الضحايا والمتضررين كوب ماء”.
واذ وصف الواقع بالـ”الكارثة الموصوفة”، قال “حتى نواب المنطقة لم يتواجدوا على الارض كما يجب، بسبب الفراق المتحكم والطلاق الواقع بينهم وبين أهالي المناطق المنكوبة. ما يؤكد ان احداً لم يقف الى جانب المتضررين ان كان من الناحية المعنوية او اللوجستية او المادية، بإستثناء المنظمات غير الحكومية والشباب الذي تطوع ومدَّ يد المساعدة للاهالي”.
وأشار شماس الى ان “الطامة الكبرى تبقى في موضوع التأمين”، مؤكداً ان “شركات التأمين أن عرفت كيفية استثمار هذه الفرصة، سيصبح حضورها اكبر في الشأن التأميني في لبنان وتستحوذ على حصة في السوق أكبر بكثير مما هي عليه اليوم.
ولفت شماس، استناداً الى تقرير للبنك الدولي، إلى أن “سوق التأمين في لبنان تتقاسمه أكثر من 50 شركة، ويؤدي “التناتش” فيه إلى أضعاف الجميع حيث لم تعد الشركات تمتلك السيولة والملاءة الكافية من أجل لعب الدور اللازم. ما يؤكد الحاجة إلى نوع من عمليات الدمج واستحواذ في القطاع”.
وأوضح شماس “ان التقرير اشار الى ان التجربة مع الأزمات الكبيرة الجماعية في لبنان مثل كورونا والحرائق في 2019 كانت سيئة وأرهقت القطاع التأميني”.
واعتبر أن ” شركات التأمين تقف عند مفترق طرق وأمام مسؤولية تاريخية، اما تنجح في التحدي الكبير او تفشل”، مطالباً شركات التأمين بدفع تعويض عادل للمتضررين من انفجار المرفأ، الذي سيساهم في لعب دور في تحريك العجلة الاقتصادية البيروتية واعادة بناء البنية التحتية المدمّرة.
وحذر من أنه “ولا سمح الله اذا لم تقم شركات التأمين بواجباتها، تكون قد فوتت على نفسها فرصة تاريخية، وستكون مسؤولة الى حد كبير عن تأخير إعادة إعمار ما تهدم من بيروت لسنوات طويلة، ونحن لن نقف مكتوفي الأيدي.
أما اشقر، فقد اشار الى ان القطاع السياحي بكل مؤسساته وضعه صعب جداً حتى قبل انفجار المرفأ، وهو يئن تحت وطأة الضغوط وانعدام الأعمال، وقد وصل الى حافة الاقفال والافلاس بعد ابتعاد دول الخليج عن لبنان لأسباب سياسية، والتي تشكل المدى الاقتصادي للبنان.
ولفت الى عدد المؤسسات السياحية المتضررة جراء انفجار المرفأ يبلغ حوالي 2531 مؤسسة، وهي موزعة كالآتي: 163 فندقاً، 2087 مطعماً وملهى ليلياً، 188 مؤسسة سياحة وسفر، و93 مؤسسة تأجير سيارات.
واشار الى ان البنك الدولي قدر قيمة الاضرار المباشرة لهذه المؤسسات بحوالي 800 مليون دولار، من دون احتساب الاضرار غير المباشرة التي تفوق هذا المبلغ بكثير بعد حوالي 112 يوماً على الانفجار.
وكشف اشقر عن ان المفاوضات مع شركات التأمين لم تسفر عن اي نتيجة حتى الساعة، ولم نستطع عن وضع آلية عمل للحصول على التعويضات الملطلوبة عن الاضرار.
وقال “حتى الآن، لا نعرف كيف سنقبض التعويضات، هل بالدولار كاش، أم شيكات دولار، او باللبناني”.
واعتبر اشقر ان هذه الممارسات من قبل شركات التأمين تثير الريبة ومخاوف كبيرة حول التعويضات المتوجبة للمؤسسات السياحية ولكل المتضررين.
وطالب اشقر مرفأ بيروت وبدفع التعويضات للمؤسسات غير المؤمن عليها، لان المرفأ هو المسبب لكل هذه الخسائر، لذلك على الدولة العمل على إلزام المرفأ بدفع التعويضات للمتضررين الذين ليس لديهم بوالص تأمين.
وختم اشقر كلمته، بالتحذير من ان عدم قيام شركات التأمين بواجباتها كاملة ودفع تعويضات عادلة تغطي القيمة الحقيقية للأضرار، فإن من شأن ذلك سيحرم بيروت من ان تعود الأولى مطعمياً وفدقياً وخدماتياً، اي لن تعود بيروت مقصداً ومركزاً سياحياً في المنطقة والعالم.