كتبت مريم حرب في موقع mtv:
يوم تحدّث “أخوت شناي” للأمير بشير الشهابي الثاني عن كيفيّة إيصال المياه إلى القصر، ذُهل الأمير من فطنة ما يسمّونه بالمجنون وأمر بتنفيذ المشروع الذي تكلّل بالنجاح. مرّت الأيّام وتطوّرت الوسائل التي تُؤمّن من خلالها المياه إلى المنازل، حتى زماننا هذا. فشٍحّ المياه سببه تقنين الكهرباء.
المياه متوافرة في مصادرها، إلّا أنّ المشكلة تكمن في تقنين الكهرباء. هذا ما أكّده مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، بقوله “تأمين الكهرباء ساعتين أو ثلاث كحدّ أقصى لا يكفي لضخّ المياه إلى المنازل ونحن بحاجة بالحدّ الأدنى إلى 8 ساعات يوميًّا”. وأضاف: “نستعين بمولدات الكهرباء إلّا أنّ كلفة المازوت مرتفعة جدًّا ولا يمكن تركها شغّالة لأكثر من 8 ساعات يوميًّا”.
ولفت في حديث لموقع mtv، إلى أنّ “باخرة مازوت لم تصل في الأيّام التسعة الماضية إلى المنشآت النفطية، لذلك لم نتسلّم المادة وهذا أثّر على تأمين المياه لبيروت وضواحيها والمتن وكسروان وجبيل”.
يشرح جبران أنّ المؤسسة تؤمّن حاليًّا 3 أيّام في الأسبوع من المياه في مناطق بيروت و4 أيام أسبوعيًّا في مناطق المتن وكسروان وجبيل، بين الـ5 والـ8 ساعات في اليوم.
تعاني مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان كغيرها من مؤسسات الدولة في ظل الانهيار الذي نعيشه. لكّنها تسعى بمساندة منظّمات دولية غير حكومية على المحافظة على جودة المياه. وطمأن جبران إلى أنّ “المياه التي تصل إلى المنازل صالحة للاستهلاك”، موضحًا أنّ “فحوصات دورية تجرى لمصادر المياه وعيّنات من المنازل والأحياء ويُستخدم الكلور، الذي تؤمّنه اليونيسف، لتعقيم المياه”.
الاستعانة بمنظّمات دولية غير حكومية يسري أيضًا في موضوع الصيانة نظراً لغياب الدولار الفريش. واعتبر جبران أنّه “لولا هذه المنظّمات لكان وضعنا مزر”.
زاد النزوح السوري الضغط على شبكة المياه منذ العام 2011، وقد وضعت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان خطة خماسيّة لتغيير الشبكة وتغيير مصادر المياه وتأمينها إلى كل المنازل 24/24، وبدأت العمل بها مطلع العام الـ2018. وبعد ما يقارب الـ40 سنة، تغيّر حوالى 50 في المئة من شبكة المياه، إلّا أنّ كل الأعمال توقفت مع مطلع العام 2020.
تدرس المؤسسة رفع بدلات الاشتراك إلى 100 دولار للمتر المكعّب سنويًّا. وقال جبران: “هذا الأمر قيد الدرس من قبل لجنة متخصصة ويُمكن أن نتقاضى بالليرة اللبنانية على سعر الصرف، لنتمكّن من تغطية مصاريفنا”.
الإنهيار حدّ من الإمكانات، إلّا أنّ مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان دعا اللبنانيين إلى تفهمّ المؤسسة التي تُصارع للبقاء، مؤكّدًا أنّ “المؤسسة لم تُعطّل والموظفّون يقومون بدورهم رغم أن راتبهم يساوي 4 صفائح بنزين”. وأردف: “نعم هناك تقصير ولكننا مصرون على استكمال الخدمة فالمياه مادة حيوية ولا يمكن حرمان الإنسان منها”.
آخر وعود وزارة الطاقة ووزيرها وليد فياض تأمين الكهرباء 10 ساعات مع تسلّم الفيول العراقي. وإن حصل ذلك يعني التخفيف عن المواطن أعباء شراء صهاريج المياه خصوصًا في فصل الصيف وتأمين المياه إلى المنازل بشكل كافٍ. لكن ماذا يُميّز وعد الـ10 ساعات عن سابقاته من وعود الكهرباء؟
لو عاش “أخوت شناي” في يومنا هذا، لوقف مذهولًا و”جنّ” فعلاً.