أهل الحكم عاجزون… وعن قاعدة “آخر الدواء الكيّ”
جاء في “المركزية”:
وسط عجز العقل اللبناني عن اجتراح اي حل للمعضلة السياسية – الحكومية التي تتخبط فيها البلاد منذ اشهر، يبدو أن ملف بيروت صار متروكا، من حيث يدري او لا يدري اهل الحكم، لعواصم القرار الكبرى في العالم، لتقرر هي – او لا تقرر – المسار الذي يجب ان يسلكه البلد الصغير المنهار على الصعد كافة.
أسطع دليل على هذه الحقيقة، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، هو ما يجري اليوم على خط التأليف. فكل شيء معطل ومجمّد، في انتظار ماذا؟ أتطوّر سياسي داخلي من قبيل تراجع الرئيس المكلف سعد الحريري عن شروطه؟ او نزول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن شجرة “المداورة الشاملة او لا مداورة، ونحن نسمي وزراءنا، ولا لحكومة مصغّرة”، أو تخلّي الثنائي الشيعي عن المالية مثلا؟! قطعا لا تجيب المصادر. فالكلّ ينتظر تدخّلا خارجيا على ما يبدو.
وللغاية، يصل اليوم الى بيروت الموفد الفرنسي باتريك دوريل مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون افريقيا والشرق الأوسط، في مسعى لاعادة تحريك المبادرة الفرنسية، وهو عيّن رئيسا لخلية الازمة في الاليزيه مكان السفير السابق ايمانويل بون وينتظر ان يقوم بجولة على المسؤولين والسياسيين اللبنانيين في اليومين اللذين يمضيهما في بيروت التي يغادرها يوم الجمعة المقبل… فهل سيتمكن من اعادة ضخ الروح في عروق المبادرة وينتزع من القيادات السياسية التزاما جدّيا هذه المرة، بالاسراع في التأليف.. لا جواب واضحا بعد، لكن التجارب في هذا السياق غير مشجعة.
في المقابل، تتابع المصادر: نرى الولايات المتحدة تفرد مساحة هامة من اهتماماتها الدبلوماسية، للبنان. فبعد العقوبات على رئيس التيار الوطني- والتي كان لها تأثير واضح على مسار التأليف- وبعد ردّ السفيرة الاميركية دوروثي شيا الاثنين على مواقف باسيل، تطرّق رأس الدبلوماسية الاميركية مايك بومبيو الى الملف اللبناني من جديد امس الثلثاء. فقال “قمنا بفرض عقوبات على باسيل بسبب الفساد ..الشعب اللبناني لم يعد يحتمل هذه الممارسات “، مضيفا “وضعنا العقوبات على باسيل لانها مناسبة وصحيحة وستؤدي الى نتائج جيدة “. وتابع “الشعب اللبناني يريد بلدا مستقلا ولا يريد طبقة فاسدة تسرق بلده ومن الواضح ان الشعب اللبناني يريد من الطبقة السياسية الفاسدة التي يتحكم حزب الله بجزء كبير منها ان تتوقف عن تخريب البلاد “.
بحسب المصادر، هذا التسليم او الاستسلام المحلي، بكون اللعبة اللبنانية خرجت من السيطرة الداخلية الى الدولية، يؤشر الى مرحلة جديدة لا بد آتية. فهل يتم تأطيره واعلانه رسميا، ليستتبع بمطالبة رسمية بتدويل الوضع في لبنان الذي ثبت بالدليل القاطع ان اهله اعجز من انقاذه، فيأتي المجتمع الدولي الى بيروت، من خلال الامم المتحدة طبعا، ويساعدنا على وضع بلدنا على سكة النهوض من جديد، من ضمن خريطة طريق يرسمها لنا ويشرف على تطبيقها. وهل من خيار ثان؟ التوجّه شرقا لم ينفع ولم يهبّ اهل محور الممانعة في المنطقة لنجدة لبنان في احلك الظروف (بعد 4 آب مثلا)، ولم تتمكن حكومة “اللون الواحد” من تنفيذ مخططها هذا (ربما لادراكها في قرارة نفسها انه لن يطعم عنبا)، كما ان القطيعة مع العرب دفع لبنان ثمنها غاليا… فهل يتّخذ العهد مثلا هذا القرار الكبير الجريء، على قاعدة “آخر الدواء الكيّ”، بعدما سُدَت كل ابواب الانقاذ الاخرى؟
mtv