كلامٌ “غير عادي” عن “صيرفة” في لبنان.. ماذا قال البنك الدولي؟
اعتبر البنك الدولي في تقرير جديد له عن لبنان، اليوم الثلاثاء، أنّ “الاقتصاد النقدي المدولر المتنامي، المقدّر بحوالي 9,9 مليارات دولار في عام 2022، أي نحو نصف حجم الاقتصاد اللبناني، يُمثّل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التعافي الاقتصادي”.
ووفقاً لتقرير المرصد الاقتصادي للبنان الصادر عن البنك الدولي اليوم، فإنّه بـ”الرغم من ظهور علامات تطبيع مع الأزمة، لا يزال الاقتصاد اللبناني في حالة تراجع حاد، وهو بعيد كل البعد عن مسار الاستقرار، ناهيك عن مسار التعافي”، وأضاف: “لقد أدى فشل النظام المصرفي في لبنان وانهيار العملة إلى تنامي ودولرة اقتصاد نقدي يُقدَّر بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي في عام 2022. مع هذا، لا تزال صناعة السياسات بوضعها الراهن تتسم بقرارات مجزأة وغير مناسبة لإدارة الأزمة، مقوضةً لأي خطة شاملة ومنصفة، مما يؤدي إلى استنزاف رأس المال بجميع أوجهه، لا سيما البشري والاجتماعي، ويفسح المجال أمام تعميق عدم المساواة الاجتماعية، بحيث يبرز عدد قليل فقط من الفائزين وغالبية من الخاسرين”.
ووفق تقرير البنك الدولي، فقد “تباطأت وتيرة التراجع الاقتصادي في لبنان في عام 2022، فيما لم يطرأ أي تغيير جوهري على مسار التراجع بشكل عام”، وأضاف: “تشير التقديرات إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2,6 في المئة في عام 2022، ليصل إجمالي الانكماش الاقتصادي منذ عام 2018 إلى 39,9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وعلى الرغم من التحسن الطفيف في نشاط القطاع الخاص، لا يزال العجز المتزايد في الحساب الجاري، والذي يشكل خللاً بنيوياً قديماً، يؤثر على آفاق النمو”.
ورأى التقرير أن تدهور الليرة اللبنانية استمرّ بشدة على الرغم من تدخلات مصرف لبنان لمحاولة تثبيت سعر الصرف في السوق الموازية”، وأردف: “لقد خسرت العملة أكثر من 98 في المئة من قيمتها قبل الأزمة بحلول شباط 2023، وتسارع انهيارها في الآونة الأخيرة. كذلك، بلغ معدل التضخم 171,2 في المئة في عام 2022، وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية. ومع توقع استمرار زيادة الاستهلاك الخاص، وإن كان بمعدلات غير مرتفعة، والتراجع في عجز الحساب الجاري، يتوقع تقرير المرصد الاقتصادي للبنان أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 0,5 في المئة إضافية في عام 2023”.
مع هذا، فقد أوضح التقرير أنّ “التباطؤ في انكماش النشاط الاقتصادي لا يعني تحقيق الاستقرار”، مشيراً إلى أنه “على مستوى جميع الركائز الاقتصادية، لا تزال القرارات الخاصة بإدارة الأزمة تُقوّض اعتماد خطة تعاف شاملة وعادلة”، وقال: “على سبيل المثال، فإن منصة صيرفة للصرف الأجنبي- وهي الأداة النقدية الرئيسية التي يستخدمها مصرف لبنان لتحقيق استقرار سعر صرف الليرة، ليست استثناءً من ذلك. فقد وجد تقرير المرصد الاقتصادي للبنان أن منصة صيرفة تمثل أداة نقدية غير مؤاتية أدت إلى ارتفاعات قصيرة الأجل في سعر صرف الليرة على حساب الاحتياطي والوضع المالي لمصرف لبنان، لا سيما في غياب سعر صرف وإطار نقدي جديدين”.
وأكمل: “لقد تحولت هذه المنصة أيضاً إلى آلية لتحقيق أرباح من عمليات المراجحة بلغت حوالي 2,5 مليار دولار منذ إنشائها، فالحصول على الدولار المعروض على المنصة يحقق أرباحاً كبيرة وخالية من المخاطر نظراً لوجود هامش بين سعر العملة على المنصة وسعر العملة في السوق الموازية”.