سرّ توقيت ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان الممانع
كتب الناشط سياسي عامر جلول:
وصل وفدٌ لبناني مُكوّن من أربعة أشخاص في 14 تشرين الأول 2020 إلى بلدة رأس الناقورة في جنوب لبنان لإجراء مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بطريقه غير مباشرة، بوجود وفدٍ أمريكي وأممي, ولكن هذا الحدث كان صدمة في المجتمع اللبناني وذلك لأن لبنان، بسبب سيطرة حزب الله على المشهد السياسي وقرار السلم والحرب. ولذلك يتساءل البعض عن سرّ قبول حزب اللّه بالتفاوض مع العدو الإسرائيلي؟
منذ اندلاع “ثورة 17 تشرين”، تعاني القوى السياسية من فقدان سطوتها وسلطتها على المشهد اللبناني وأصبحت الدولة من الجانب البنيوي تترنح وتتخبط وقابلة للإنهيار جرّاء الأزمات المتعددة منها، الإقتصادية والسياسية وغيرها. ورغم التدخل الفرنسي لإنعاش ذاك الكيان، ولكن حتى الآن باءت تلك المحاولات بالفشل لأسباب عدّة.
ولكن، وبسبب الضغط الأكبر وهو فقدان العملة الوطنية لقيمتها التي وصلت إلى 80% وارتفاع نسبة الديون حيث أصبحت 170 بالمئة من الناتج المحلي، بالإضافة إلى موجة التطبيع التي غزت المنطقة العربيّة حيث بدأت في الإمارات والبحرين والسودان وأيضاً الضغوط الأميركيّة التي وصلت الى إدراج بعض المسؤولين على لائحة العقوبات من أجل حثّ السلطة اللبنانيّة على الدخول في المفاوضات… هذه الأسباب كلّها مهّدت الطريق إلى عمليّة ترسيم الحدود.
لقد كان خبر ترسيم الحدود خبراً سارّاً للسلطة. هو حبل الخلاص لها ولأحزابها بسبب العوائد الماليّة التي سوف تنقذهم من الغرق والإفلاس والإنفجار الإجتماعي الذي قد يحصل في أي لحظة.
ولكن، وبالمقابل، فإن الترسيم ليس مهماً للجانب الإسرائيلي بقدر ما هو ضروري للجانب اللبناني. فإسرائيل بدأت رحلتها البحثيّة عن الغاز قبل عشرين عاماً وقد حققت أهدافها من تلك الرحلة، ولكن لبنان لا زال متأخراً على هذا الصعيد وهو أصبح، بسبب تردّي الوضع الإقتصادي، يحتاج إلى هذه الخطوة من أجل انتشال نفسه من إحتمالية الإفلاس، إذ أنّ استخراج النفط والغاز من البحر المتوسط يُمكّن السلطة من مواجهة الأخطار الداخليّة والخارجيّة المحدقة بالبلد.
أما على المقلب الآخر، أي الأميركي، فإنّ المفاوضات كانت تهدف إلى تحسين أوراق دونالد ترامب في المعركة الإنتخابيّة التي بدأت بالتطبيع العربي مع إسرائيل.
إنّ عمليّة الترسيم تعود بالكثير من الفوائد إلى السلطة اللبنانيّة، وهذا يكشف أن الغرب والإسرائيلي لا يريدان أيّ تغيير على المستوى السياسي في الهيكل البنيوي للدولة اللبنانية، فهذه العمليّة هي بداية مشوار التطبيع الذي أصبح واقعاً وحقيقةً تجول في أذهان الكثير من القوى السياسيّة الممانعة والموالية لعمليّة التطبيع.