لبنان

بين “المستقبل” و”القوات”… “قلوب مليانة” وأكثر!

لا تكاد تُقفَل صفحة من السجلّ “الناريّ” بين “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل”، حتى تُفتَح أخرى أشدّ من الأولى، وأكثر دلالةً على “عمق” الأزمة المتفاقمة بين التياريْن، اللذيْن لا يزال بعض قياديّيهما يصرّون على تصنيفهما في خانة “الحليفيْن الاستراتيجيَّيْن”.

يوم الأحد الماضي، فيما كان الكثير من اللبنانيّين ينتظرون رداً “نارياً” من “المستقبل” على كلام رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي صوّب بعنف على رئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري من دون تسميته، رُصِدت بالفعل “أسهمٌ ناريّة” انطلقت من بيت الوسط، ولكن في اتجاهٍ مغايرٍ كلياً.

فبالتزامن مع مؤتمر باسيل، الذي نأى “المستقبل” بنفسه عنه، لحساباتٍ حكوميّة بالدرجة الأولى، انطلقت “حملة زرقاء” على “القوات اللبنانية”، تصدّرها الأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري، رداً على “حملة” مضادة “تُدار من معراب”، كما قال، وتقوم على التهجّم على الرئيس الحريري من قبل نواب ووزراء سابقين في “القوات”.

“قلوب مليانة”!

ليس جديداً الحديث عن “قلوب مليانة” بين “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية”، فالعلاقة تحوّلت من “متينة” إلى “متأرجحة” بين الطرفيْن منذ استقالة الحريري الشهيرة من الرياض، ومعركة “المزايدات” بين الجانبين، وصولاً إلى “انتفاضة” السابع عشر من تشرين الأول، يوم اختارت “القوات” الوقوف في “صفّ الناس” في مواجهة الحريري.

لكنّ هذه العلاقة “المتأرجحة” أصبحت “شديدة السلبيّة” في العام الأخير، في ضوء ما يعتبرها “المستقبليون” طعناتٍ في الظهر من القيادة “القواتية” التي ترى فيها في المقابل، “انسجاماً مع الذات”، وذلك على خلفيّة رفض “القوات” تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، حتى حين كان الرجل بأمسّ الحاجة إلى الدعم، على خلفيّة سجال “الميثاقية المسيحية” الذي أطاح به مرّة، وقفز فوقه مرّة أخرى.

ومع أنّ محاولاتٍ برزت في الاستشارات الأخيرة للتقليل من وقع “الافتراق” بين الجانبين، حينما اختار “القواتيون” توجيه رسالة “ودية” للحريري، عبر رفض الانجرار إلى محاولات “التيار الوطني الحر” افتعال معركة “ميثاقية” في وجهه، فإنّ شيئاً لم يتغير على أرض الواقع، مع النظرة “السلبية” للحريري لإصرار “القوات” على عدم تسميته، بل تصدّيها لترؤسه الحكومة، باعتبار أنّه ليس “الشخصية المناسبة” في الوقت الراهن.

“لن يحلم بتوقيعنا”!

لكنّ كلّ ما سبق يمكن أن يوضَع في وادٍ، وما تضمّنه السجال “الناريّ” الأخير الذي اندلع “افتراضياً” بين الجانبيْن يوضَع في وادٍ آخر، خصوصاً مع قول الأمين العام لـ “المستقبل” إنّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “لن يحلم بتوقيعنا على جدول أعمال معراب السياسي وغير السياسي، وسنكون بالمرصاد لأي مشروع يقود لبنان إلى التحلل والتقسيم والخراب”.

فعلى رغم أنّ مثل هذا الكلام أتبِع بسلسلة “توضيحات” من جانب الدائرة الإعلامية في “القوات”، نفت فيها “صحّة” المنطلقات التي اعتمدها الحريري للوصول إلى استنتاجاته هذه، سواء لجهة ما قال إنّها “حملة” من نواب ووزراء سابقين على “المستقبل”، تنصّل بعضهم منها سريعاً، أو لجهة بنائه على موقعٍ نفت “القوات” علاقتها به، إلا أنّه بدا بمثابة “رسالة من وراء البحار” أراد “المستقبل” إيصالها إلى القيادة “القواتية”، على وقع فتح “البازار الرئاسي” من جديد.

وإذا كان محسوبون على “القوات” يبدون “امتعاضهم” من كلام الحريري الذي أوحى وكأنّ “الحكيم” يحلم بالرئاسة ويطلب المستحيل سبيلاً له، كما قال، أو أنّه يراهن على الفراغ للوصول إليها، فإنّهم يذكّرون بأنّ هذا الأسلوب “جُرِّب” سابقاً، وهو لا ينسجم أبداً مع أدبيّات “القوات”، كما يذهبون أبعد من ذلك باستهجانهم إقحامه انتخاباتٍ رئاسيّة سابقة لأوانها في النقاش السياسيّ حول حكومة تُشكَّل وفق آلية “المحاصصة” التقليدية، وانتقاد ذلك يبقى حقّاً مشروعاً لـ “القوات” وغيرها.

نشطت الاتصالات، علناً وخلف الكواليس، بعد سجال الأحد، لتتّفق مصادر الطرفين على خلاصةٍ مفادها أنّ ما حصل مجرّد “سوء فهم وتقدير”، وأنّ “الصفحة طويت”، عبارات تُستخدَم في كلّ مرة للتقليل من وقع خلافٍ لم يعد خافياً على أحد، أنه بات أكبر ممّا يتصوّر الجميع، ولو أصرّوا على “المكابرة”، متسلّحين بقاعدة منطقيّة ظاهرياً، لكنّها عكس ذلك واقعياً، وتقوم على أنّ “ما يجمع بين الجانبين أكثر ممّا يفرّقهما”…

المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة