كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
أعاد الحراك الديبلوماسي المستجد إقليمياً وعربياً كرة الإستحقاق الرئاسي إلى ملعبها الأول والأخير في ساحة النجمة، ما أعاد اللاعبين المحليين (النواب) إلى تفعيل مبادراتهم لإستقطاب الكتل النيابية المتأرجحة بين تمسّك الثنائي «أمل» – «الحزب» بترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، وبين المرشح المنافس والذي يعجز معارضوه بكافة أطيافهم وتناقضاتهم عن إبراز معالمه، والتي لن تختلف إطلاقاً عن مواصفات مرشح الجلسات الإحدى عشرة التي شهدتها ساحة النجمة، أي النائب ميشال معوض.
يفرض الموزاييك النيابي نفسه على مقاربة هذا الإستحقاق بعد تحييد اللاعبين المحليين العناوين السياسيّة «الخلافيّة» عن حملاتهم ومبادراتهم الرئاسيّة وحصرها بالمقاربات «الرقمية» الكفيلة بتأمين ظروف إنعقاد جلسات إنتخاب هذا المُسترئِس أو ذاك (النِصاب 86 نائباً) بالدرجة الأولى، وتالياً توفير الأكثرية المطلوبة لانتخابه (65 صوتاً) وفق مقتضيات اللعبة الديمقراطية.
ومع كشف قوى الثامن من آذار عن مرشحها الضمني لورقتها البيضاء، تتجه الأنظار إلى «الوسطيين» ومن بينهم تكتل «الإعتدال الوطني» والوقوف عند الترجمة العملانيّة لشعار «لبنان الجديد» الذي حظي بأصواتهم خلال الجلسات الرئاسيّة الـ11 التي شهدتها ساحة النجمة.
وفي هذا السياق، يوضح النائب أحمد الخير لـ»نداء الوطن»، أنّ الإنتهاء من الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، يتطلب من جميع الكتل كما النواب المستقلين تحمّل مسؤولياتهم والإسراع في خوض اللعبة ديمقراطياً عبر جلسات إنتخاب مفتوحة تتوج بإنتخاب رئيس الجمهورية من بين المرشحين المؤهلين للوصول إلى سدّة الرئاسة خلافاً للمراوحة والرهان على عامل الوقت لتغليب كفة فريق على آخر. ومع تأكيده موقف «الإعتدال» الرافض للإصطفافات وتغليب كفة مرشح على آخر في الوقت الراهن وقبل اتضاح المشهد وحسم الترشيحات، أكّد أن حسم الكتلة لخيارها رهن الدعوة مجدداً لجلسات انتخاب الرئيس على أن يتم انتخاب المرشح الذي ترى في وصوله الى سدّة الرئاسة الأولى مصلحةً للبلد.
وعن المبادرات المطروحة داخلياً، أشار إلى موقفهم الرافض للدخول في لعبة الأسماء والترشيحات كما الترجيحات الكفيلة بجمع أكبر عدد من النواب حول مرشحٍ موحدٍ في مقابل المرشح سليمان فرنجية، والذي تبلغه بوضوح النائب الدكتور غسان سكاف الذي ترتكز مبادرته على التوفيق بين «المعارضات» لتبني مرشحٍ مشترك في ما بينهم. ومع تأكيده أن حسم قرارهم الرئاسي ينتظر «صندوق» ساحة النجمة، لفت إلى أن محاولة تقريب وجهات النظر وتمتين التواصل بين القوى السياسيّة والتي تشكّل أسس المبادرة التي يقوم بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، لا تتعارض وثوابت «الإعتدال» المرتكزة على:
1- الحوار والإنفتاح على جميع المبادرات التي تجمع اللبنانيين.
2- عدم تعطيل النصاب المطلوب لجلسات إنتخاب رئيس الجمهورية.
وإذ دعا الخير جميع القوى السياسيّة إلى التفكير بعقلانية والتعاون لإنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى خلال هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها البلد، أشار إلى أن غياب التلويح باستخدام «الفيتو» بوجه أي مرشح رئاسي من جانب المملكة العربية السعودية، من شأنه أن يدفع القوى المسيحيّة إلى التوافق على مرشّح رئاسي وازن لخوض المنافسة الديمقراطية تحت قبّة البرلمان بوجه المرشح سليمان فرنجية، ما يضع جميع الكتل النيابية أمام مسؤولياتها، وذلك وسط إعادة تأكيده الموقف من لقائهم السفير وليد البخاري الذي أكّد أمامهم أن انتخاب الرئيس شأن لبناني داخلي، وأن المملكة تبحث عن شركاء استراتيجيين في أطر مستدامة بعيداً عن الأشخاص، على أن تتم ترجمة السياسات الإصلاحية المرفوعة إلى واقع ملموس يتم الحكم عليها في تعاطي المملكة مع لبنان في المستقبل».
في الغضون وأمام الحراك الدبلوماسي السعودي المستجد، الذي رأى فيه نائب «الإعتدال» أحمد الخير أنه يدل على عقلانية في القرار السعودي والذي يتماهى بدوره مع التطورات الإقليمية والتحديات في الداخل اللبناني، برزت دعوة زميله في التكتل النائب وليد البعريني رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إلى «اتخاذ الخطوة التي تقرّب انتخاب رئيس الجمهورية بحكمته، وهو اليوم أكبر لاعب في هذا الأمر وأدعوه إلى إعادة النظر بمواقفه والخروج من لغة المحاور». وهذا ما رأى فيه بعض المراقبين رسالة السعودية إلى جميع المقربين منها داخلياً، بدور معراب المحوري لإنهاء الشغور في سدّة الرئاسة الأولى.