كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
بمفعول رجعي، حطّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل رحاله في جزين، في محاولة لإستنهاض تياره وأنصاره في عروس الشلال وقرى قضائها، بعدما مُني بخسارة جسيمة في الانتخابات النيابية الأخيرة، إذ فقد مقعدين من ثلاثة في دائرة صيدا – جزين، وبات المحامي زياد أسود والدكتور سليم الخوري نائبين سابقين في المعادلة الحالية.
خسارة المقعدين النيابيين في منطقة جزين ليست الوحيدة، إذ تفاقمت الخلافات الداخلية داخل «التيار البرتقالي» الذي اتخذ قراراً بفصل أسود بعد تحميله جزءاً من مسؤولية الخسارة بسبب خطابه، ناهيك عن العلاقة غير السوية مع مكوّنات صيدا (القوى السياسية الصيداوية) والريحان (الثنائي الشيعي)، وعدم التمكّن من تأمين التحالفات اللازمة مع صيدا والريحان.
في الشكل، جاءت الزيارة باهتة ومتأخرة، ولم يكن الحشد السياسي والشعبي كما كان متوقّعاً، رغم مشاركة رئيس الجمهورية السابق الجنرال ميشال عون من جهة، والدعاية الاعلامية والدعوات الكثيفة التي سبقت الزيارة من جهة أخرى، اذ لم يشارك كثير من الفاعليات الجزينية وحتى أنصار التيار المؤيدين لأسود، في موقف واضح بالمقاطعة إعتراضاً على أداء «التيار» في هذه المنطقة، حيث تراجعت مقاعده النيابية من ثلاثة مع سطوع نجمه إلى نائبين ثم إلى صفر، فضلاً عن تراجع شعبيته وحاضنته البلدية والاختيارية وغيرهما وسط الإصرار على خصومته السياسية مع القوى المسيحية الباقية، سواء في «القوات اللبنانية» أو «الكتائب» وحتى تيار «المردة».
أما في المضمون، فقد حاول باسيل جاهداً تبرير خسائر تياره بالجملة، خلال لقاء شعبي أقيم في ملعب سليم في جزين، بالمشاكل الداخلية حيناً والحرص على وحدة التيار حيناً آخر، «أنا اخترت وحدتنا الداخلية على التحالفات الانتخابية، ولكن للأسف خسرنا على الجهتين، ويا ليت الذين ضحّينا لأجلهم قدّروا وغيّروا سلوكهم الذي ألحق الأذى بالتيار كثيراً على مدى سنين».
تقول أوساط جزينية لـ»نداء الوطن»: «إنّ الوهم الكبير الذي عاشه التيار في الانتخابات بتحقيق الفوز، حصده خسارة مُرّة، حيث يُجمع المراقبون على أنّ إدارة الملفّ كانت خاطئة وقد سادها الإرباك والخلاف من ألفها إلى يائها، وقول باسيل «اخترنا الحفاظ على وحدتنا» غير واقعية، متسائلة عن أسباب عدم موافقة اي طرف سياسي صيداوي على التحالف معه وعن جدوى اطلاقه مرحلة جديدة عنوانها: الانفتاح على بعضنا وعلى الآخرين وعدم تسكير أبواب التواصل على أحد أو من أحد، وإعادة وصل ما انقطع مع كل مكوّنات صيدا وجزين».
وتشير الأوساط الى أنّ «قوة التيار التي إستمدّها من العهد القوي لم تسعفه في تحقيق الفوز، فكيف الحال بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق عون رغم المحبّة الشخصية له، وانفصاله عن الواقع الجزيني وكسر الجرَّة مع القوى الصيداوية وحركة «أمل» في منطقة لهم فيها التأثير الكبير في المعادلة السياسية، ما دفع باسيل إلى تلاوة فعل الندامة وجلد الذات، إذ قال: «جزين بكيت ونحن بكينا معها بنتيجة الانتخابات الأخيرة، خسرنا وخسرت»، قبل أن يصف المدينة بأنّها «شابكة أيديها مع جيرانها وغامرة صيدا وجبل الريحان، ودورها الطبيعي أن تكون صلة وصل وليس همزة قطع»، ولكن من دون جدوى أو تأخر الوقت.
ولم يخلُ خطاب باسيل من النقد اللاذع الموجّه ليس إلى أسود فقط، ولكن بشكل مبطّن إلى النائب السابق أمل أبو زيد عندما قال: «لا أحد أكبر من التيار، لا بماله ولا بسلطته ولا بشخصه… في «التيار» لا يوجد أفضليات بين متموّلين ومناضلين… والذي يريد أن يكون أو يبقى في التيار عليه أن يكون تحت سقف نظامه ومبادئه، والذي يعتقد نفسه أكبر من التيار، يخرج منه لنرى حجمه»، مشدّداً على أن «لا جماعات ولا مجموعات في التيار، لا في جزين ولا خارجها. التيار لا يستبعد أحداً، ويستوعب الجميع وباله طويل وحكمته كبيرة، ولكن الذي قرر أن يستبعد حاله بإرادته فهذا قراره ومسؤوليته».
بالمقابل، لم يتأخر ردّ أسود ومن العيار الثقيل وذلك عبر تغريدة على «تويتر» قال فيها: «جزين ردّت عنّي وعليك». مضيفاً: «ما بتحرز نضيّع وقت على تافه وزغير».
من جهته، رفض أبو زيد كل الانتقادات وقال لـ»نداء الوطن»، إن «الزيارة جاءت في سياقها الطبيعي وليست متأخرة وأصلها أن الرئيس عون أعرب عن رغبته في زيارة جزين بعد انتهاء ولاية عهده، فهو من بلدة المكنونية في قضاء جزين، وتزامنت مع مرور عام على الانتخابات النيابية وبرفقة النائب باسيل الذي أجرى تقييماً واقعياً، وصف ولم يسمِ، في إطار تأكيده أنّ خسارة الانتخابات لا تعني النهاية، بل أسبابها تعود إلى الظروف والمشاكل الداخلية في تلك الفترة، وعدم النجاح في عقد تحالفات مع صيدا والريحان».
وأوضح أبو زيد: «لذلك شدد باسيل على دور جزين الجغرافي والسياسي كهمزة وصل بين صيدا والريحان واطلاق مرحلة جديدة عنوانها الانفتاح ومد اليد للتعاون مع الجميع، على قاعدة حفاظ كل طرف على خصوصيته وعدم الذوبان بالآخر والاحترام المتبادل». وقال: «إنّ الزيارة ناجحة بكل ما للكلمة من معنى والحضور كان حاشداً وجيداً سواء في الكنيسة أو ملعب سليم، والذين انتقدوا أعداد الحضور غير موضوعيين والذي شارك يدرك ذلك جيداً».