كتبت تاليا القاعي في “نداء الوطن”:
لكل عيد.. عاداته، ومن أبرز التقاليد المعتمدة في عيد الفصح المجيد، “سلق البيض وتلوينه”.
فالبيض يرمز الى تجديد الحياة، الأمر الذي يتجلّى مع قيامة السيد المسيح في عيد الفصح، لذلك درجَت العادة أن تجتمع العائلة صباح أحد القيامة لتحتفل بالعيد، وتنطلق “منافسات” تفقيس البيض الملوّن الذي يزيّن مائدة الغداء.
اليوم ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، اصبحت العادات حملاً ثقيلاً على اللبنانيين، ولكنّهم يحاولون قدر الإمكان عدم التخلّي عنها، حرصاً منهم على بهجة العيد ورونقه.
فشراء كرتونة البيض بات يحسب لها ألف حساب، من دون ان ننسى تقليد التلوين سواء كان اصطناعياً أو طبيعياً.
التلوين الطبيعي كان الأكثر إعتماداً من قبل، نظراً لكونه صحياً بالمقارنة مع الاصطناعي، وكلفته كانت بسيطة، أما اليوم فأصبح التلوين الاصطناعي يعتبر الأقل كلفة، فتلوين كرتونة من البيض بواسطة الخضار او الفاكهة بات يكلّف مبلغاً قد لا يكون بمتناول البعض او يحتاجونه لأولويات أخرى.
بجولةٍ سريعةٍ لموقع “نداء الوطن” الإلكترونيّ على المحال والسوبرماركت، تبيّن ان سعر كرتونة البيض يتراوح بين 300 و400 الف ليرة (2.80 دولار اميركي و3.85 دولار).
اما في ما يخص التلوين، فإذا تم اختيار التلوين الاصطناعي، يبلغ سعر العلبة نحو الـ200 الف ليرة، كما يمكن اضافة بعض الاكسسوارات التي قد يصل سعرها الى 500 الف ليرة.
من جهة أخرى، هناك التلوين الطبيعي من خلال الاستعانة بالخضار للحصول على لون معيّن، فعلى سبيل المثال، قشرة البصل تعطي اللون البني، الشمندر يعطي اللون الزهري والبنفسجي، وغيرها من الخضار.
وهنا ندخل في بورصة اسعار الخضار… فمن اجل استخدام قشرة البصل للتلوين، نحتاج كيلوغراماً من البصل الذي بات يبلغ 120 الف ليرة، فيما سعر الشمندر 40 الف ليرة.
من هنا وبعملية حسابية سريعة، أضحت كلفة تلوين كرتونة من البيض نحو 450 الف ليرة للتلوين الاصطناعي و500 الف ليرة للطبيعي، هذه الكلفة تتفاوت بحسب الطريقة المعتمدة للتلوين، ولكن في أيامنا هذه يرى البعض أن هذه العادة أصبحت حملاً ثقيلاً وتحتاج الى ميزانية.
ولكن مع ذلك يسعى الاهالي الى الحفاظ على هذه العادات والاحتفال بالعيد على غرار السنوات السابقة، مع العلم أن الكلفة لم تكن تتعدى الـ100 وحتى 50 ألف ليرة، أما اليوم فأضحت الكلفة 5 أضعاف وأكثر.
اللبنانيون الذين التقيناهم في السوبرماركت، تفاوتت آراؤهم. فالبعض اعتبر ان عادة تلوين البعض هي جزء بسيط من العيد واحتفالاته وبالتالي يمكن الاستغناء عنها، فليس البيض الملوّن وحده الذي طاله الغلاء انما كل مكونات الاحتفال، بدءاً من تحضير مائدة الطعام مروراً بالشوكولا وصولاً الى المعمول الذي هو ايضاً من أهم رموز عيد الفصح.
بينما رأى البعض الآخر ان للبيض الملون دلالة خاصّة كونه يجلب البهجة خلال هذه الفترة، فتتسابق الأطفال إلى تلوينه وزخرفته بطرقٍ مبتكرة وتبادله للتّعبير عن الفرح، كما يخوضون نوعاً من منافسات تُعرف بـ”تفقيس البيض”، لذلك يقومون باعتماد الطرق الطبيعية مستخدمين ما يتوفّر لديهم في المنازل.
يبقى أنّ الاعياد والمناسبات والاحتفالات لم تعد كالسابق، فالتقاليد والعادات باتت غير متاحة للعديد من الناس جراء الازمة المعيشية والغلاء، ولكن على الرغم من ذلك تبقى للعيد رمزيته الذي يسعى اللبنانيون للحفاظ عليها، وإدخال الفرح الى قلوبهم في ظل الاجواء السوداوية التي تخيّم على حياتهم اليومية.