من عطل عقارب الوحدة الوطنية؟
كتبت كريستيان الجميّل
لم تكن الساعة قد أتت بعد وكان بالإمكان تمرير عقاربها المجمدة عند عنوان الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، إلا أن أصابع مجهولة وتحمل أجندة مشبوهة، تدخلت في حركة الساعة لضبطها على توقيت الفتنة الطائفية والتحريض الطائفي الذي ترفضه كل القوى الوطنية والسيادية اللبنانية بعيداً عن الإصطفافات والمحاور الطائفية.
وقرار رجل الساعة وهو ليس الرئيس نجيب ميقاتي ، بل رئيس “الثنائي الشيعي” نبيه بري، لم يكن عفوياً في توجهاته وإن كان هدف من حيث الشكل إلى التخفيف من وطأة الساعة الإضافية على الصائمين في شهر رمضان، بل حمل رسالةً لم يخف ميقاتي اعتراضه عليه في الفيديو الموزع، ولكنه اضطر لاحقاً للسير بها.
وقد تلقف رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، هذه الرسالة ورفع سيف الإعتراض الطائفي بشكل منفرد بينما حافظت القوى الأخرى وخصوصاً المسيحية على خطابها الموضوعي الرافض للقرار بعدم اعتماد التوقيت الصيفي لأسباب تقنية وعلمية وغير طائفية على الإطلاق.
وعليه، فإن الموضوع كان موضع نقاش هادىء بعيداً عن نبرة التحريض الطائفي والإتهام السياسي لقرار أتى في لحظة مصيرية على صعيد الواقع الإجتماعي اللبناني والإنهيار الكامل الدولة ، إلى أن تدخلت جهة مجهولة من خلال جيشها الإلكتروني، الذي وزع الإتهامات الطائفية البغيضة بحق القيادات المسيحية وأبناء الطائفة، ووصلت إلى حدود المس بقدسية صلب المسيح، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، ما دفع إلى ردود فعل على المستوى ذاته من التجييش .
وبالتالي كان الإنقسام الذي لم يرتد الطابع الطائفي ، وحتى الساعة، حيث أن قيادات من طوائف أخرى ومؤسسات وأحزاب رفضت أولاً القرار وثانياً إضفاء الطابع الطائفي عليه بشكل مقصود ومتعمد.
ويقود هذا الواقع إلى طرح سؤال وحيد حول الأجندة التي نفذها الجيش الإلكتروني “المجهول” والذي نجح في تحريك العصبيات بسبب الإساءات إلى المسيحيين، بعدما فشل باسيل في إيقاظها في خطابه منذ نهاية عهد عمه الرئيس السابق ميشال عون.
من نجح في تعطيل وتجميد عقارب الساعة الوطنية من أجل تصوير الخلاف السياسي على رئاسة الجمهورية بأنه خلاف مسيحي- إسلامي أو مسيحي- مسيحي بينما هو خلاف سياسي بين مسيحيين ومسلمين سياديين ومسيحيين ومسلمين ممانعين؟
من يسعى إلى تحويل الأنظار عن الصفقات المشبوهة ووضع اليد على الدولة ومؤسساتها وإسقاط صيغة لبنان وهويته وتحويل اللبنانيين إلى مجتمعات طائفية عاجزة عن الوحدة والحكم؟