البلديات أمام تحدي تطبيق “الشراء العام”
كتب لويس بارسخيان في “نداء الوطن”:
شرط تعيين أعضاء لجان التلزيم والإستلام في هيئة الشراء العام من موظفي الفئة الثالثة لم يعد عائقاً أمام تنفيذ قانون الشراء العام، ولا الإختلاف في نظام الفئات الوظيفية لدى بعض الجهات الشارية عن نظام الفئات الوظيفية في الإدارات المركزية. فالمسألة حلّت تقنياً من خلال تعميم صدر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حمل الرقم 52023. والتعميم أعاد إرساء المخرج الذي كانت هيئة الشراء العام قد اقترحته على لجنة الداخلية والبلديات النيابية، وصدر ضمن قانون الموازنة من ضمن المادة 119، قبل أن يبطل المجلس الدستوري هذه المادة. وهو بالتالي سمح للجهات الشارية التي ليس لديها في كوادرها الإدارية موظفو فئة ثالثة، بأن تشكّل لجان التلزيم والإستلام لديها وفقاً لأحكام النصوص السابقة لنفاذ قانون الشراء العام، على أن تخضع في عملها للقواعد المحدّدة في المادتين 100 و101 من قانون الشراء العام.
صدر التعميم إذاً بعد الإستحالة التي واجهت معظم البلديات واتحاداتها في اختيار ممثّليها بلوائح التلزيم والإستلام المشتركة، بسبب الفراغ أو النقص الذي تعانيه كوادرها الإدارية بموظّفي هذه الفئة. بالإضافة الى الإشكالية التي طرحها إختلاف التراتبية الوظيفية في المؤسسات الأمنية والعسكرية التي لا تخضع لرقابة التفتيش المركزي أو ديوان المحاسبة، والهيئة العليا للتأديب، التي حدّدت في القانون كمراجع مختصة للتقصّي عن الأسماء المقترحة من الجهات الشارية، تمهيداً لتنقيحها من قبل هيئة الشراء العام قبل إدراجها من ضمن اللوائح الموحدة. وهي الإشكالية التي طرحت أيضاً بالنسبة لجهات شارية أخرى، كمصرف لبنان، هيئة أوجيرو وشركتي الخليوي.
ووفقاً لتأكيدات مصادر مطلعة لا يتعارض التعميم مع جوهر قانون الشراء العام وأهدافه في تحقيق الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص. وهو حلّ تقني موضعي، يحفظ لهيئة الشراء العام التدقيق الشامل بكلّ أعمال الشراء في البلديات، ويحول دون إتخاذ النقص الحاصل في موظفي الفئة الثالثة ببعض الإدارات، كذريعة للخروج عن أحكام القانون. وبالتالي تقول المصادر «إنّ صدوره شكّل ضرورة لتسهيل تطبيق قانون الشراء العام، في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بها الإدارة بكامل قطاعاتها، وقد تأمّن له الغطاء القانوني من خلال إستطلاع رأي هيئة التشريع والإستشارات وموافقة مجلس الوزراء.
وإنطلاقاً من هذه التأكيدات، تشرح مصادر هيئة الشراء العام، «أنّه بات يسمح للبلديات في موضوع تشكيل لجان التلزيم والإستلام حصراً، بأن تطبّق النصوص النافذة قبل الشراء العام. أي أنّه يمكن تعيين لجان التلزيم والإستلام فيها من أعضاء المجلس البلدي. أما بالنسبة لطريقة عمل اللجان، فتبقى خاضعة لقانون الشراء العام من ناحية التخصص، والتدريب، ومنع تضارب المصالح. أي أن التعميم يحلّ مشكلة تشكيل لجان التلزيم والإستلام في البلديات، من دون التعرّض لجوهر القانون، وخصوصاً لناحية إلزامية النشر على المنصّة الإلكترونية، وعدم السماح بتضارب المصالح، وخضوع آلية عمل اللجان للتدقيق والرقابة من قبل هيئة الشراء العام».
وإذا كان أعضاء المجلس البلدي لا يخضعون لرقابة الهيئات الرقابية الثلاث التي نصّ القانون على إشراكها في التدقيق بالأسماء المقترحة قبل تشكيل اللوائح الموحدة، فإنّ هيئة الشراء العام ستتولّى هذه المهمّة وفقاً لمصادرها، مع التدقيق في أي شبهات تحوم حول أسماء اللجان عند طرح مناقصة معينة. وهذه المعايير تنطبق أيضاً على الجهات الشارية الأخرى المذكورة، التي ستشكّل لجانها وفقاً لأنظمتها الخاصة قبل صدور قانون الشراء العام، على أن يبقى لهيئة الشراء العام حقّ إجراء التدقيق اللاحق عند الإقتضاء.
أمّا بالنسبة لإدارات الدولة التي تطبّق نظام الإدارة العامة الوظيفي، ولديها في كوادرها موظفو فئة ثالثة، فستسري أحكام المادتين 100 و101 بتشكيل لجانها، إنما مع مراعاة ظروف الإضرابات وتعطيل الدوائر الرسمية التي تحول دون تشكيل اللوائح الموحدة. وعليه تقول المصادر إنّ التعميم حلّ مشكلة كبيرة بتعديل تقني صغير، كان من المفترض مراعاته منذ إقرار قانون الشراء العام. وهو قد طبّق مبدأ «الإستمرارية القسرية للنصوص القديمة الى حين التمكّن من تطبيق النصوص الجديدة» أي أنه عاد «ضمن حدود الإستحالة حصراً، إلى حدود النص السابق، تفادياً للفوضى». وهذا ما سيسمح وفقاً للمصادر بتطبيق القانون، خصوصاً أنّ لجان التلزيم والإستلام هي التي تتولّى فتح العروض المقدّمة في الإلتزامات، وصولاً إلى تحديد العارض الفائز، وهي أيضا تتولى الإستلام والتحقّق من إنطباقه على أحكام دفتر الشروط الخاص بالصفقة المطروحة.