جبران باسيل ليس وحده “الفاسد”!
إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تتهم رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل بالفساد فقط فهذا يعني أن العقوبات يجب أن تطال معظم أهل السلطة، لأن لا خيمة فوق رأس أحد. فالفساد يعني أن وراءه فاسدين إلا إذا كان الفاسدون من أصناف الأشباح، التي لا هوية محدّدة لها، مع العلم أن الفاسد هو كل مسؤول إستفاد من موقعه في السلطة ليحول دون تحقيق الإصلاحات المطلوبة على المستويات الإقتصادية والمالية والإجتماعية. فإذا كان الجميع منزّهين وغير فاسدين، وهذا ما فهمناه من المؤتمر الطويل العريض لباسيل، فلماذا إذًا كل هذا الإنهيار ومن المسؤول عنه.
قد لا يكون المسؤول عن الفساد هو بالضروة كل من شارك، من قريب أو من بعيد، في أي عملية غير قانونية، بل هو كل من غطّى فاسدًا، أو سكت عن فاسد ولم يفضحه، بإعتبار أن هذا الفاسد هو من “جماعته”، ويجب بالتالي حمايته أو التسترّ عنه.
فإذا كان جميع أهل السلطة من أصناف القديسين، كما حاول باسيل تصوير ذلك، فمن أين أتت كل هذه الأموال التي ينعمون بها، ومعظمهم معروفة أصولهم، أبًا عن جدّ، وهم لم يكونوا يملكون فلسًا واحدًا قبل أن يدخلوا إلى “جنة” السلطة، ولماذا يصرّون دائمًا على أن تكون الوزارات “الدسمة” من حصتهم، خصوصًا أن ثلث الدين العام متأتٍ من الهدر الحاصل في قطاع الكهرباء، إذ لا يُعقل أن يكون قد صرفت كل هذه المبالغ، على مدى سنوات، على مشاريع كهربائية وهمية، مع العلم أن وعود تزويد كل لبنان بالطاقة الكهربائية 24 على 24 أصبحت من الوعود الجوفاء، التي لا قيمة لها، وهي قد أصبحت سوقًا للمزايدات الرخيصة ليس إلاّ.
هل تجرّأ أحد وسأل فلانًا أو علتانًا من أين له كل هذا، وهو إذا ما تحرّك تحرّك معه أسطول من سيارات المواكبة، التي تحتاج إلى ميزانيات طائلة لا قدرة لمن كان شغله “نظيفًا” تأمينه ببساطة كما يحصل مع أهل “النعم” الجدد؟
هل تجرّأ أحد وسأل أي مسؤول في السلطة من أين له كل تلك “الخيرات” لكي يستطيع أن يبني القصور وتوابعها، ويمتلك عقارات بالعشرات؟
فإذا كان باسيل متهمًا، وهو بريء حتى إثبات تهمته، فإنه يجب توجيه اصابع الإتهام إلى كثيرين غيره، وهذا ليس من قبيل الدفاع عنه، بل من قبيل تعميم ما يجب تعميمه لكي تكون الإتهامات مثبتة علميًا وحسّيًا وتطاول جميع من هم في السلطة وإستفاد من موقعه الرسمي لإتمام الصفقات، سواء بالمباشر أو بالواسطة عن طريق عمولات معينة.
من يستمع إلى كلام سياسيينا لا يسعه إلاّ أن يتوجه إلى الأب بولس قزي (*) ليضيف إلى ملفاته التي يرفعها إلى الكرسي الرسولي في الفاتيكان حول ملف تطويب القديسين ملفات جديدة، لأن الزيت يرشح منهم عندما نسمعهم يتكلمون بطوباوية ما بعدها طوباوية. فهم القديسون العفيفون، الأنقياء، الإتقياء، الذين لا يأكلون فلس الأرملة ولا يشربون من بئر الدولة ويرمون فيها حجرًا، ولم تدنّس أيديهم بمال حرام. وما أرتشوا أو أرشوا. وما أفسدوا وعاثوا في الأرض فسادًا. ولم يمدّوا أيديهم على المال العام.
وإلى مزيد من العقوبات. وإلى مزيد من دعاوى التطويب والتقديس.
(*) راهب بلدي وهو حافظ دعاوى التطويب في روما.
facebook
0
facebook
facebooktelegram
MessengerA+A-
إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تتهم رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل بالفساد فقط فهذا يعني أن العقوبات يجب أن تطال معظم أهل السلطة، لأن لا خيمة فوق رأس أحد. فالفساد يعني أن وراءه فاسدين إلا إذا كان الفاسدون من أصناف الأشباح، التي لا هوية محدّدة لها، مع العلم أن الفاسد هو كل مسؤول إستفاد من موقعه في السلطة ليحول دون تحقيق الإصلاحات المطلوبة على المستويات الإقتصادية والمالية والإجتماعية. فإذا كان الجميع منزّهين وغير فاسدين، وهذا ما فهمناه من المؤتمر الطويل العريض لباسيل، فلماذا إذًا كل هذا الإنهيار ومن المسؤول عنه.
قد لا يكون المسؤول عن الفساد هو بالضروة كل من شارك، من قريب أو من بعيد، في أي عملية غير قانونية، بل هو كل من غطّى فاسدًا، أو سكت عن فاسد ولم يفضحه، بإعتبار أن هذا الفاسد هو من “جماعته”، ويجب بالتالي حمايته أو التسترّ عنه.
فإذا كان جميع أهل السلطة من أصناف القديسين، كما حاول باسيل تصوير ذلك، فمن أين أتت كل هذه الأموال التي ينعمون بها، ومعظمهم معروفة أصولهم، أبًا عن جدّ، وهم لم يكونوا يملكون فلسًا واحدًا قبل أن يدخلوا إلى “جنة” السلطة، ولماذا يصرّون دائمًا على أن تكون الوزارات “الدسمة” من حصتهم، خصوصًا أن ثلث الدين العام متأتٍ من الهدر الحاصل في قطاع الكهرباء، إذ لا يُعقل أن يكون قد صرفت كل هذه المبالغ، على مدى سنوات، على مشاريع كهربائية وهمية، مع العلم أن وعود تزويد كل لبنان بالطاقة الكهربائية 24 على 24 أصبحت من الوعود الجوفاء، التي لا قيمة لها، وهي قد أصبحت سوقًا للمزايدات الرخيصة ليس إلاّ.
هل تجرّأ أحد وسأل فلانًا أو علتانًا من أين له كل هذا، وهو إذا ما تحرّك تحرّك معه أسطول من سيارات المواكبة، التي تحتاج إلى ميزانيات طائلة لا قدرة لمن كان شغله “نظيفًا” تأمينه ببساطة كما يحصل مع أهل “النعم” الجدد؟
هل تجرّأ أحد وسأل أي مسؤول في السلطة من أين له كل تلك “الخيرات” لكي يستطيع أن يبني القصور وتوابعها، ويمتلك عقارات بالعشرات؟
فإذا كان باسيل متهمًا، وهو بريء حتى إثبات تهمته، فإنه يجب توجيه اصابع الإتهام إلى كثيرين غيره، وهذا ليس من قبيل الدفاع عنه، بل من قبيل تعميم ما يجب تعميمه لكي تكون الإتهامات مثبتة علميًا وحسّيًا وتطاول جميع من هم في السلطة وإستفاد من موقعه الرسمي لإتمام الصفقات، سواء بالمباشر أو بالواسطة عن طريق عمولات معينة.
من يستمع إلى كلام سياسيينا لا يسعه إلاّ أن يتوجه إلى الأب بولس قزي (*) ليضيف إلى ملفاته التي يرفعها إلى الكرسي الرسولي في الفاتيكان حول ملف تطويب القديسين ملفات جديدة، لأن الزيت يرشح منهم عندما نسمعهم يتكلمون بطوباوية ما بعدها طوباوية. فهم القديسون العفيفون، الأنقياء، الإتقياء، الذين لا يأكلون فلس الأرملة ولا يشربون من بئر الدولة ويرمون فيها حجرًا، ولم تدنّس أيديهم بمال حرام. وما أرتشوا أو أرشوا. وما أفسدوا وعاثوا في الأرض فسادًا. ولم يمدّوا أيديهم على المال العام.
وإلى مزيد من العقوبات. وإلى مزيد من دعاوى التطويب والتقديس.
(*) راهب بلدي وهو حافظ دعاوى التطويب في روما.
بوصعب: لو وافق باسيل على الشروط لتغيير مواقفه لتجنب العقوبات
استياء أميركي من مواقف “التيّار”