ما يفعله جنون الدّولار بالمستشفيات…
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تواجه المستشفيات الحكومية والخاصة لا سيّما مستشفيات الشمال وعكّار صعوبات كبيرة في تأمين أموالها ومستحقّاتها عبر الجهات الضامنة. والمقصود بالجهات الضامنة هنا كلّ الجهات المعنية بدفع تكاليف المرضى (جيش، قوى أمن، معلّمين…) فما هي المشكلة بالتحديد؟
المشكلة تتبدّى في تأخّر الجهات الضامنة عن تسديد المستحقّات للمستشفيات من جهة، وفي تأخير صرفها أو صرف نسبة كبيرة منها من قِبل مصرف لبنان لصالح المستشفيات، أضف إلى أنّ الدولار، من لحظة إجراء الخدمة الطبية إلى حين تسديد المستحقّات ثم سحبها من البنوك، يكون قد ارتفع في السوق السوداء، ما يجعل المئات بل آلاف المضمونين من جهات مختلفة معرّضين للخطر جرّاء عدم تمكّنهم من الوصول إلى الخدمات الطبية التي يحتاجونها في حال توقّفت المستشفيات عن استقبالهم.
وتشير معلومات «نداء الوطن» إلى أنّ بعض المستشفيات الخاصة قد توقّفت بالفعل عن استقبال المرضى على الجهات الضامنة وطلبت منهم دفع الفاتورة الكاملة من حسابهم الخاص. وفي عكّار مثلًا، فقط مستشفى خلف الحبتور الخاص لا يزال يعمل مع الجهات الضامنة رغم الأزمة، ومستشفى عبد الله الراسي الحكومي في حلبا، أمّا بعض المستشفيات التي وصلها 3 مليارات ليرة لبنانية فقد رفض البنك المتعامل مع اللجنة الطبية فيها أن يدفع إلا 3 ملايين ليرة في الشهر، وهذا الأمر يهدّد المستشفيات بالتوقّف عن العمل، كما يهدّد صحّة المرضى والقطاع الصحي في لبنان وفي الشمال برمّته.
وقال نقيب الأطباء في الشمال الدكتور محمد نديم صافي لـ»نداء الوطن»: «يعاني الأطبّاء العاملون في المستشفيات والجسم الطبّي من مشاكل كثيرة وهناك مبالغ كبيرة عند الجهات الضامنة». أضاف: «لقد وردنا أنّ مستشفى قد وصل للجنة الطبية فيها مليار و200 مليون ليرة إلى البنك من مصرف لبنان عن سنة 2021 عندما كان الدولار بـ 15 ألفاً ولم يسمح لهم بسحب أكثر من 12 مليون ليرة في الشهر الواحد. إنّ هذه كارثة حقيقية، كما أنّ وزارة الصحة لم تدفع منذ أكثر من سنتين، ووجّهنا نداءنا للجهات الضامنة في بيان قبل أيام وطالبنا بضرورة التحرّك السريع حتى لا يُضطرّ الأطباء لتدفيع المريض الفرق، وهناك اجتماع سيحصل مع الجهات الضامنة وسنطالب بأن يجدوا حلاً ربما من الحلول المقترحة أن يسحبوا هم الأموال نقداً وتسليمها للجهات الطبية في المستشفيات التي تقبل بأي شيء بالليرة والدولار وتتعاون إلى أبعد الحدود، وإلا سيضطرّ الأطباء للهجرة بعد كلّ هذا الإجحاف الحاصل».
وطالب نقيب الأطباء «الجهات الضامنة بالتعاون السريع من أجل آلية دفع تحفظ حقّ الأطباء من جهة وحقّ المريض من جهة أخرى وإلا قد تضطرّ النقابة لوقف أي تعاون مع هذه الجهات الضامنة لأنّنا نريد الحفاظ على حقّ الطبيب الذي يعمل في أصعب الظروف والأوضاع».
وتعدّ هذه المشكلة على أهمّيتها، واحدة من مشاكل جمّة يعاني منها القطاع الطبّي والجسم الطبّي الشماليين، كما تنعكس على المرضى الذين بات دخول بعضهم المستشفيات أشبه بالمعجزة، بعدما فرضت عليهم ثمن الخدمة الطبية بالدولار الفريش في وقت لا يستطيع الكثيرون دفعها، وثمة تخوّف من أن يموت المواطنون على أبواب المستشفيات كلّما تفاقمت المشكلة أكثر.