مواقد حطب للطبخ… وعودة إلى القرن التاسع عشر
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
كلما اشتدّت الأزمة الإقتصادية والضائقة المعيشية أكثر على اللبنانيين لا سيّما سكّان القرى النائية، عادوا إلى الحياة القديمة والبساطة في حياتهم اليومية، واسترجعوا حلولاً وأساليب قديمة كان يسيّر بها الآباء والأجداد أمورهم.
يعود قسم كبير من أهالي وسكان القرى والبلدات العكارية هذه السنة؛ في تدفئتهم وطهو طعامهم، إلى القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما كانت مواقد الحطب البدائية هي الوسيلة الأساسية للطبخ كما للتدفئة.
إرتفاع أسعار المحروقات هذه السنة بشكل كبير وتخطّي سعر قارورة الغاز سعة الـ12 كيلو، الـ700 ألف ليرة لبنانية، دفع كثيرين من فقراء المنطقة والعائلات ممّن يعيشون بالفعل على مبلغ مليون ليرة في الشهر أو أقلّ، للعودة إلى الأساليب القديمة في تدفئتهم وطهو طعامهم، فاستعاضوا عن شراء قوارير الغاز والمازوت بتشغيل مدافئ الحطب بعدما ناهز سعر صفيحة المازوت المليون ليرة لبنانية. ويساعد الطقس كثيراً أهالي القرى العكّارية على الطبخ بالمواقد خارج المنزل لا سيّما أنّ هذا الشتاء لم يشهد الكثير من الأيام الماطرة.
والموقدة هي عبارة عن حطب يتمّ تجميعه من الأراضي وإشعاله بين مجموعة من الأحجار المصفوفة بشكل دائري وتوضع عليها الطنجرة أو الصاج سواء للطبخ أم للخبز. كما تستعمل الموقدة أيضاً لتسخين المياه للاستحمام في ظل الإنقطاع المتواصل والدائم للتيار الكهربائي. والمواقد هي أيضاً وسيلة التدفئة لهؤلاء الناس، حيث يجتمعون حول موقد الحطب والكانون بقصد التدفئة.
تقول هدى أسعد من جرد عكار (58 سنة) وأمّ لسبعة أولاد: «زوجي عامل يومي ومدخوله في الشهر لا يساوي ثمن قارورتي غاز. لذلك توقّفنا عن استعمال الغاز وصنعنا موقدة من الحديد للطبخ في حال أمطرت في الخارج، أمّا إذا لم تمطر فموقدة الحجارة جاهزة بالخارج من أجل أغراض الطبخ. هكذا كنا نطبخ في صغرنا في بيت أهلي والحطب كان وسيلة التدفئة لنا، ويبدو أننا عدنا إلى العصور القديمة من جديد».
بدوره، يعتبر الحاج زياد بشير من سهل عكّار «أنّ هذه الحكومة وهذا الحكم الفاسد قد ردّا اللبنانيين عشرات السنين إلى الوراء، فكلّ دول العالم تتقدّم بفضل سياسات حكوماتها إلا لبنان يتراجع ويعود أهله إلى العصر الحجري بفضل سياسات الفساد والسرقات السائدة».
لا تقصد بيتاً في مناطق السهل والساحل والجرد إلا وتجد كانون حطب التدفئة رفيق جلسات الناس، يتحلّقون حوله لا سيّما في جلسات العصرونية، ويُنقل الى داخله مع حلول الظلام، حيث يتحوّل الحطب جمراً، فتستمرّ السهرة والتدفئة من خلاله.