هل نشهد ارتفاعاً في الأجور في القطاعَين العام والخاص؟
كتبت دارين منصور في موقع mtv:
تُعاني الأجور في لبنان من التآكل بنسبة فاقت الـ35 في المئة، منذ بدء الأزمة المالية والاقتصادية بالتفشي مطلع تشرين الأول من العام 2019، حيث بات راتب المواطن لا يكفيه ليؤمّن أبسط مستلزمات الحياة.
يشير رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر الى أن مصير الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص، بعد رفع سعر صرف الدولار الى 15 ألف ليرة في مطلع شباط، يُطرح إعتباراً من اليوم “لأننا فعلياً اتفقنا مع الهيئات الاقتصادية على زيادة الأجور وبدل النقل والمنح المدرسية والتعويضات العائلية عندما كان الدولار 36 ألفاً واليوم الدولار تخطّى الـ52 ألفاً. نحن بحاجة الى إعادة مراجعة لواقع الأجور ضمن مبدأ ارتفاع سعر صرف الدولار، عدا عن أن الدولار الجمركي 15 ألفاً، وهذا سينعكس سلباً على الأسعار والسلع، ولو أن وزارة المال تقول إن السلع الأساسية أي الغذائية معفاة”.
ويتابع الأسمر، في حديث لموقع mtv: “الغلاء ينعكس سلباً على كل شيء، غلاء المحروقات والدواء ورسوم الاستيراد. ونحن بحاجة الى إعادة اعتبار لمسألة الأجور في القطاع الخاص ضمن مبدأين: مبدأ إرتفاع سعر صرف الدولار ومبدأ ارتفاع الدولار الجمركي. والشيء نفسه بالنسبة الى القطاع العام”. وقال “كنا اتفقنا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف الخليل على اعتماد راتبين أساس أي راتبين مقابل كل راتب. وهذا تم الاتفاق عليه عندما كان الدولار بحدود 32 أو 33 ألفاً أما الدولار اليوم فبحدود الـ52 ألفاً، لذا وجب أيضاً إعادة دراسة الأجور في القطاع العام والقطاعات العسكرية”.
ويضيف: “هذا الواقع كان مدار بحث مع ميقاتي في السراي الحكومي وحول ضرورة إعادة النظر بالأجور والنقل في القطاعين العام والخاص وضم ما يسمّى بالمساعدات الاجتماعية الى أساس الراتب، ورئيس الحكومة كان ايجابياً وننتظر وزيري المال والعمل لعقد اجتماع موسّع مع المعنيين في القطاع العام لاعادة دراسة الأجور واصدار المراسيم اللازمة في القطاع الخاص بالاتفاقات التي حصلت في لجنة المؤشر بالسرعة القصوى، حتى يتمكّن الموظفون في القطاع الخاص، البالغ عددهم 450 ألفاً، مسجّلين في الضمان الاجتماعي من الاستفادة من هذه الزيادات. وكانت هناك اتفاقات مع الهيئات الاقتصادية لإعادة دورة الإجتماعات بين الإتحاد والهيئات ووزارة العمل إبتداءً من أوّل شباط لإعادة تقييم الواقع الاقتصادي المُستجد بفعل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار”.
وعن الزيادات بالنسبة الى بدل النقل والحد الأدنى للأجور، يقول الأسمر: “إن كل الزيادات، إذا لم يكن هناك سعر ثابت لسعر صرف الدولار، لن تؤدي الى شيء، ونحن في سباق مع الوقت، ومع الإرتفاع الدائم في سعر صرف الدولار نقرّر زيادات تتآكل يوماً بعد يوم”.
ويلفت الى “أننا قرّرنا بدل النقل على أساس سعر صفيحة بنزين توازي 700 ألف ليرة، وقلنا يجب أن يكون بدل النقل 125 ألفاً، أما اليوم فصفيحة البنزين توازي 900 ألف ليرة. هنا نسأل “كيف الموظف بدو يروح على شغلو؟”. ومن جملة الطروحات مع الرئيس ميقاتي، إعطاء بدل نقل للقطاعات العسكرية الذي تقرّر بمليون و800 ألف ليرة شهرياً وهناك اقتراح برفع هذا البدل الى مليونين و500 ألف شهرياً لكل عنصر من عناصر القطاعات العسكرية”.
وعن الحلّ للأزمة يقول: “لا حلّ لكل الأجر أو لمكمّلاته أو متمماته في ظل الإرتفاع المستمرّ للدولار. ويومياً تتآكل الرواتب والقدرة الشرائية للموظفين. الحلّ لن يكون إلا بثبات سعر صرف الدولار، وهذا لا يمكن أن يتحقّق في ظل التجاذب السياسي القوي الذي تشهده البلاد. نريد استرخاءً سياسياً يمهّد لحال من الهدوء الاقتصادي ووضع خطط آنية ومتوسطة وطويلة الأجل من حجم خطة التعافي الاقتصادي، وعلى الخطط الاصلاحية الموجودة في مجلس النواب أن تأخذ طريقها الى التنفيذ. كما يجب إعادة هيكلة المصارف ودراسة الوضع المالي والكابيتول كونترول ومكافحة الفساد، وغيرها من مشاريع القوانين، أن توضع موضع التنفيذ، بالتعاون مع الهيئات الدولية والدول المانحة لنبدأ بتخطي هذه الأزمة الكبيرة التي نعيشها”.
ويضيف: “نتطلّع في المرحلة المقبلة الى بداية الحلّ، والبداية تبدأ بالاستحقاق الدستوري الأوّل وهو انتخاب رئيس الجمهورية الذي يعتبر معبراً نحو تأليف حكومة جديدة وسلطة تنفيذية جديدة قادرة على أن تقوم في هذه المرحلة الصعبة بالمهام الكبرى. وأن تكون هناك خليّة نحل تجتمع من أجل إنتاج القوانين الاصلاحية وإقرارها ووضعها موضع التنفيذ، الى جانب التحاور مع الجهات الدولية والبنك الدولي وصندوق النقد والجهات المانحة وإعادة وصل ما إنقطع مع البلدان العربية والدول الخليجية”.
ويختم: “لا حدود للإنهيار اذا بقينا على هذا المنوال وهذا النمط من التعاطي والإهمال في تحمّل المسؤوليات على مدى 3 سنوات من بدء الأزمة”.